فتحت الأنباء عن اقتراب المصالحة بين قطر والسعودية والدول الثلاث المشاركة في المقاطعة ضد الأولى، الباب واسعا أمام تساؤلات وتكهنات عدة حول انعكاساتها إن تحققت فعلا على الحرب في اليمن.
ويرى مراقبون أن اليمن خسر الكثير، لاسيما، بعدما أقحم في الخلاف بين قطر والدول الخليجية الأخرى، وخصوصا السعودية، الذي تفجر منتصف العام 2017، وإعلان قطع علاقاتها مع الدوحة، بل واتهامها بدعم الحوثيين.
ويتساءل آخرون: "هل ستفضي المصالحة إلى تغيير الرياض سياستها، والنأي بنفسها بعيدا عن مغامرات أبوظبي، التي أغرقتها في ملفات إقليمية معقدة، ومنها الحرب في اليمن، منذ 6 أعوام".
تفكيك المحاور
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع، أن المصالحة بين السعودية وقطر، سيترتب عليها تفكيك المحاور القائمة وإعادة تركيبها من جديد، وهذا سيترتب عليه تغير سير المعركة في اليمن.
وقال الشجاع في حديث خاص لـموقع "عربي21": "نعلم أن قطر ضمن محور إيران وهي داعم رئيسي للحوثيين، بينما السعودية ضمن محور الإمارات وهي عدو لحزب الإصلاح (يمني ذو توجه إسلامي) الذي يشكل علاقة جيدة مع قطر"، على حد قوله.
وأضاف الشجاع، وهو قيادي بحزب المؤتمر الشعبي العام، أن المصالحة مع المملكة ستدعم الحكومة الشرعية بشكل واضح، وسيفك التحالف بين الرياض وأبوظبي، معتقدا أنه بهذه الحالة ستكون الحكومة اليمنية بأفضل وضع، وستتحرر من الكثير من ضغوط الإمارات عليها.
ورأى أن "اليمن لا شك خسرت الكثير بقطع علاقتها مع قطر"، مضيفا أن "الدوحة اندفعت بكل ثقلها لدعم الحوثي، بينما الإمارات استفردت بالشرعية وأنتجت لها مليشيا انقلبت عليها في عدن، وأعاقتها عن معركتها الحقيقية مع الحوثيين".
وفي 5 حزيران/ يونيو 2017، أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها للخطوات التي اتخذتها قيادة التحالف الذي تقوده السعودية، بإنهاء مشاركة القوات القطرية وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر.
وفي بيان نشرته وكالة "سبأ" الحكومية، وقتئذ، أعلنت عن قطع علاقاتها الدبلوماسية بدولة قطر، مؤكدة أن ذلك جاء بعد "اتضاح ممارسات قطر وتعاملها مع المليشيات الانقلابية ودعمها للجماعات المتطرفة في اليمن، مما يتناقض مع الأهداف التي اتفقت عليها الدول الداعمة للحكومة اليمنية الشرعية".
التأثير الفوري
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي؛ إن اليمن تأثرت كثيرا بتفجر الخلاف السعودي القطري عام 2017، وساهمت في التغير الجذري لإدارة الحرب من جانب قيادة التحالف.
وتابع التميمي في حديثه لـ"عربي21": "جرى على الفور، تصنيف القسم الأكبر من حلفاء الرياض في الشرعية على أنهم من مؤيدي السياسات القطرية التركية، وضغطت على الحكومة الشرعية بقطع العلاقة مع قطر"، مشيرا إلى أن "الحكومة اليمنية لم تذكر كأحد الأطراف المقاطعة للدوحة، بقدر ما كانت مجرد كيان محلق بالإرادة السعودية".
وأردف قائلا: "أثر ذلك بعمق على السلطة الشرعية، وعلى قدرتها التمويلية والتشغيلية، خصوصا للسلك الدبلوماسي الذي كانت قطر تدعمه"، مشيرا إلى أن "مقاربة إعلام قطر النافذ والمؤثر تغيرت للحرب في اليمن، من خلال التركيز على الحوثيين وحربهم ومواقفهم، وهذا أدى إلى تضخيم الضغط الذي تعرضت له الرياض من قبل المجتمع الدولي، ودفعها إلى تبني سياسة مرتبكة إزاء تقرير مصير الحرب".
فضلا عن ذلك، تبنت الرياض سياسة كارثية بدت أكثر ارتهانا للتحول في المواقف الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى التغول باتجاه الشرعية وإضعافها وتقوية الكيانات المتمردة ضدها، حسبما ذكره المتحدث ذاته.
ووفق التميمي، فإن المصالحة المرتقبة، لن يكون لها تأثير إيجابي فوري، مستدركا بالقول: "يمكن أن تكون الساحة اليمنية واحدة من أسهل الساحات، التي يمكن للبلدين أن ينجزا تسوية فيها وبشأنها".
وأرجع ذلك إلى "أن التباين في المواقف على الساحة اليمنية بقي في إطار المكايدة السياسية وتصفية الحسابات، ولم يمس المواقف من قضايا أساسية منها "الاعتراف بالشرعية وبالوحدة اليمنية وبضرورة إنهاء الحرب وتحقيق السلام وفق المرجعيات الثلاث".
ويلفت إلى أن موقف الحكومة الشرعية سيبقى ملحقا بالموقف والإرادة السعودية، موضحا أن "المصالحة مع الرياض قد يفتح الطريق أمام الشرعية لتعيد علاقاتها بقطر"، مضيفا أن "الأمر سيكون مرهونا بقابلية الدوحة لتجاوز الأثر السيئ الذي خلفه قرار الحكومة اليمنية بقطع علاقاتها بها، واتهامها عبثا بدعم الحوثيين".
ووفق التميمي، فإن اليمن خسر كثيرا نتيجة تبنيه موقفا عدائيا غير مبرر تجاه قطر، فقد خسر الدعم المادي المباشر والموقف الإعلامي الذي لا يقتصر على المنظومة الإعلامية القطرية، بل أيضا، لشبكتها الناعمة العالمية، التي تحولت إلى أدوات مهمة في استهداف التحالف، مبينا أن "ذلك، انعكس تلقائيا على الشرعية وقضيتها العادلة".
وظل مسؤولون حكوميون، يرددون بين الفينة والأخرى، الاتهامات ذاتها التي وردت في بيان قطع العلاقات مع قطر، بأن الدوحة تقوم بدعم المتمردين الحوثيين، وهو ما ينفيه المسؤولون القطريون.
ففي تموز/ يوليو 2020، هاجم رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك، في تصريحات لصحيفة "الأهرام"، على هامش زيارته للقاهرة، قطر، قائلا: "منذ وقت مبكر دعمت قطر المليشيا الحوثية بالمال والسلاح والإعلام والعلاقات، وعملت على زعزعة الاستقرار في اليمن، ومنذ الأزمة الخليجية صارت هذه السياسة القطرية واضحة".
فيما وصفت قطر، تصريح رئيس الوزراء اليمني، بـ"المضحك"، معبرة عن استغرابها الشديد من الزج باسمها في الحرب في اليمن.
واعتبر مراقبون ومتابعون للشأن اليمني أن تصريحات رئيس الوزراء ووزراء حكومته، بين الفينة والأخرى، تجاه قطر، تتم بصورة إجبارية، إرضاء للسعودية، التي باتت تستخدمهم كورقة في صراعها مع الدوحة، ومحاولة تبييض فشلها وصرف الأنظار عن سياساتها.
وعقب اتهامات رئيس الوزراء اليمني، اتهم وزير الإعلام اليمني، معمر الأرياني، قطر بالإساءة إلى الحكومة.
وعقب اتهامات رئيس الوزراء اليمني، اتهم وزير الإعلام اليمني، معمر الأرياني، قطر بالإساءة إلى الحكومة اليمنية، والتناغم مع سياسات جماعة الحوثي، قائلا إن فضائيات ومواقع قطرية تهاجم حكومة هادي، وتعمل على تفكيك الجبهة الوطنية.
من جهته، رد مدير المكتب الإعلامي في الخارجية القطري، أحمد بن سعيد الرميحي على تصريحات الأرياني قائلا؛ إن على الحكومة عدم الزج باسم قطر في مأساة الشعب اليمني، وتصفية حسابات تخدم مصالح دول أخرى.