ذكرت صحيفة “الغارديان” في تقرير أعده دان صباغ، أن بريطانيا أنفقت 2.4 مليون جنيه إسترليني لمساعدة السعودية على الامتثال للقانون الدولي، عندما اتُهمت المملكة بقصف المدنيين في اليمن.
وقالت الصحيفة إن الرقم تم الحصول عليه من خلال المساءلة البرلمانية، وهي أول مرة تقدم فيها بريطانيا المبالغ السرية التي أنفقتها دعما للسعودية، بشكل دعا جماعات حقوق الإنسان للقول إن دافع الضرائب البريطاني أسهم في دعم الجيش السعودي.
وقال الوزير في وزارة الخارجية جيمس كليفرلي في تشرين الأول/أكتوبر، إن بريطانيا موّلت القوات البريطانية لمساعدة السعودية على “حماية أمنها القومي” و”دعم الجيش السعودي للامتثال للقانون الدولي الإنساني”.
وبعد شهرين، وفي ردّ على سؤال من النائب عن الحزب الوطني الأسكتلندي مارتن دي، كشف الوزير في وزارة الدفاع جيمس هيبي في رسالة، أن المبلغ الذي تم إنفاقه منذ عام 2016 هو 2.4 مليون دولار بما في ذلك 550.000 أنفقت ما بين 2019- 2020.
وأفادت الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان والتي كشفت عن الأرقام، أن هذا يعطي صورة عن تورط بريطانيا في “أسوأ كارثة إنسانية” حيث قُتل آلاف المدنيين اليمنيين منذ بداية الحرب الأهلية في آذار/ مارس 2015 نتيجة للقصف العشوائي للتحالف الذي قادته السعودية بدعم من الدول الغربية وصناع الأسلحة في الغرب.
وقال سيد أحمد الوادعي، مدير معهد البحرين لحقوق الإنسان والديمقراطية: “هذا أمر مثير للقلق، والحكومة البريطانية استخدمت أموال دافع الضرائب البريطاني لتقوية قدرات الجيش السعودي”.
ويُتهم سلاح الجو السعودي بالمسؤولية عن القتلى من بين 8.750 مدنيا قتلوا بسبب القصف الجوي. ورغم تراجع عمليات القصف بسبب فيروس كورونا إلا أنها لم تتوقف حسب “يمن بروجيكت داتا”. وفي تموز/ يوليو الماضي، قُتل سبعة أطفال وامرأتان فيما يشتبه أنها غارة نفذتها قوات التحالف السعودي في شمال- غرب اليمن، وذلك بحسب منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن، ليز غراندي.
وما هو غير معروف، هو التعاون الوثيق بين سلاح الجو السعودي والبريطاني من خلف الستار. وأخبر وزير محافظ سابق صحيفة “الغارديان” أنه كلما نشرت تقارير عن ضحايا مدنيين في اليمن بسبب القصف الجوي، كان البريطانيون يطلبون من السعوديين تقديم معلومات. وفي الوقت نفسه وقّع وزراء آخرون على صفقات الأسلحة بمن فيهم بوريس جونسون.
وعندما وزيرا للخارجية، وقّع جونسون على صفقة بيع صواريخ موجهة بدقة من نوع “بيفوي” إلى السعودية، وذلك في آب/ أغسطس 2016. وجاء توقيعه بعد أيام من غارة جوية استهدفت مصنعا للبطاطا خلفت 14 قتيلا مدنيا.
وفي 2019 قررت محكمة استئناف بريطانية وقف صفقات الأسلحة للسعودية، قائلة إن الوزراء لم يقيّموا المخاطر على المدنيين بطريقة مناسبة قبل تمرير الصفقات. إلا أن وزيرة التجارة ليز تراس قررت الصيف الماضي أنه لم تحدث خروقات للقانون الإنساني الدولي إلا في “حوادث معزولة”، وقررت المضي قُدما ببيع السلاح للسعودية.
وقالت الصحيفة إن أموال الدعم للجيش السعودي جاءت من صندوق النشاط المدمج والذي أعيد تسميته الآن باسم “صندوق استراتيجية الخليج”، وكانت ميزانيته 20 مليون جنيه في السنة حتى تفشي فيروس كورونا، مما أدى لتخفيضها بـ8 مليون جنيه إسترليني.
ورفض الوزراء حتى وقت قريب الكشف عن طريقة إنفاق الميزانية، حيث تذرعوا بالإعفاءات المتعلقة بالأمن القومي، وسط اتهامات أن المال ربما كان مرتبطا بانتهاكات حقوق الإنسان.
وفي العام الماضي بدت ملامح من الشفافية. وفي تشرين الأول/ أكتوبر أخبر كليفرلي البرلمان، أن بريطانيا كانت واثقة أن الأموال تركت أثرا على حقوق الإنسان بالمنطقة بسبب نشاطات صندوق استراتيجية الخليج، ووعد بتقديم ملخص حول عمله.
واحتفظت بريطانيا بعلاقات مع السعودية، حيث زودت شركة “بي إي إي” لأنظمة الدفاع، السعودية بأسلحة تتراوح قيمتها ما بين 2.5- 3 مليارات دولار في العام.
وتقدم بريطانيا خدمات عسكرية، واعترفت بوجود 17 عسكرياً بريطانياً مع الجيش السعودي بمن فيهم 3 يعملون في مركز عمليات الطيران. ولكن النائب عن الحزب الوطني الأسكتلندي دي، قال إن بريطانيا “ليست مقتنعة فقط بالتربح من تسليح السعودية في حربها الوحشية في اليمن” و”لكنني صعقت لمعرفة أن الحكومة البريطانية جيّرت سراً ملايين الجنيهات لتمويل تدريب القوات المسلحة السعودية”.