كعادة القادة المخلصين في ظل اللادولة؛ اختفى محافظ سقطرى رمزي محروس بعد انقلاب بدعم سعودي إماراتي في الجزيرة، منتصف يونيو من العام الماضي.
رحل حاكم الجزيرة، تاركا الأرخبيل المصنف ضمن قائمة التراث العالمي فريسة في يد مليشيات الانتقالي الجنوبي، الذي قبل مطلع العام الحالي عودة الحكومة إلى عدن الخاضعة لسيطرته، باستثناء سقطرى وإدارتها الشرعية.
خلال الأعوام الخمسة الماضية برز اسم المحافظ رمزي محروس أكثر من غيره كمواجه لأطماع التحالف السعودي-الإماراتي في الأرخبيل، وخلفه التفاف شعبي غير مسبوق، فما كان من التحالف ومليشياته في سقطرى إلا أن أعدوا العدة ونفذوا انقلابا على سلطته.
من حينها والجزيرة الساحرة غارقة في وحل الفوضى الأمنية والتمزق الاجتماعي، وسط صرخات غير مسموعة ومطالبات يتيمة بعودة المحافظ إلى الجزيرة وإعادة ما فقدته برحيله.
وفي التفاتة لهول ما يعيشه الأرخبيل منذ انقلاب يونيو الماضي، ذهبنا شأننا شأن أبناء سقطرى، في رحلة بحث عن محروس، احتمالات عودته ومآلات اتفاق الرياض بين الحكومة والانتقالي في الأرخبيل:
فوضى ولا حسيب أو رقيب
كتلخيص لوضع الأرخبيل في ظل غياب السلطة المحلية فيها، وصف الصحافي والكاتب أحمد السقطري الوضع بالقول إن ما يعاش "يمكن أن يوجز بوضع اللادولة، بمعنى أغلب مرافق الدولة معطلة، وهناك حالة من الفوضى لا أمن ولا استقرار ولا حسيب أو رقيب على العابثين".
"وفيما يتعلق بعودة المحافظ محروس فلا أظن ذلك يتم قبل عودة الجيش والأمن والقيادات الشرعية إلى سقطرى"، يتابع السقطري حديثه.
يضيف "كان من المفترض أن الانتقالي يرفع يده عن الأمن والجيش وعن إدارة المحافظة لإظهار حسن النية في تنفيذ اتفاق الرياض لكن ما يحصل هو العكس حيث ما زالت قيادة الانتقالي تفرض سيطرتها الكاملة على سقطرى بوصاية من أبوظبي، وهم في توسع بمشاريعهم في الأرخبيل، وما زالوا إلى الأمس القريب يعزلون مدراء عموم في المحافظة ويعينون موالين لهم، وهذا يعني أنه ليس لديهم أدنى إرادة في تسليم المحافظة".
والأبعد من ذلك، وفقا للسقطري، فإن "المجلس الانتقالي يريد المشاركة في القرارات التي يتخذها الرئيس عبدربه منصور هادي ويظهر معارضته الشديدة وتهجمه لأي قرار. فكيف يتخلى عن سقطرى بهذه السهولة أو يسمح بعودة المحافظ؟. ولا ننسى أن الإمارات لها مصالح يمكن أن تتوقف بعودة محروس".
ملف متنازع عليه
في إجابة حول عودة محروس، تحدث للمهرية نت المحلل السياسي علي الذهب، قائلا إنه "وفقا لما لديه من معلومات وبأخذها بسياق تحليلي فسقطرى في الأساس ملف متنازع عليه بين السعودية والإمارات، وفي النهاية وعمليا فقد فازت بها السعودية بعد إخراج القوات الإماراتية منها واستلمتها قوات الواجب السعودية في 2018، هذا من جانب".
"أما من جانب آخر، فالتواجد الإماراتي في الجزيرة أصبح وجود بالوكالة عن طريق الانتقالي الجنوبي ولم يتضمنها اتفاق الرياض ضمن الحل، ومن ثم فما جرى بعد سيطرة الانتقالي عليها عسكريا نظر إليها كملف مستقل بين جميع الأطراف، ومن هذا الأساس لم تدخل سقطرى ضمن اتفاق الرياض وترتيباته وانما أطلقت ضمن وعود شخصية بين رئيس الجمهورية ونائب وزير الدفاع السعودي وولي العهد محمد بن سلمان"، يضيف الذهب.
وبحسب قوله فإن هذا هو "المبرر لبقائها خارج أي تسوية وعودة المحافظ، إضافة إلى التعقيدات التي تواجه تنفيذ اتفاق الرياض خصوصا الملحقين العسكري والأمني والتي حالت دون نقاش ملف سقطرى برمته".
"ولأن موضوع سقطرى سياسي يندرج تحت الملحق السياسي والعسكري والأمني -ولو لم ينص عليه اتفاق الرياض فهو هكذا بالنسبة للمحافظ موضوعا سياسيا- وبالنسبة للمعسكرات وخروج القوات ودمجها فهو موضوع عسكري وأمني، وهو ملف مستقل لم يتضمنه موضوع الرياض"، يوضح الذهب.
وأكد أن "سقطرى في الأساس حيدت لأسباب تتعلق بصراع أقطاب التحالف وليس بين الشرعية والانتقالي فبحسب هذا يبقى موضوع سقطرى مستقلا رغم أنه بطريقة أو بأخرى يرتبط بمجريات الأحداث في عدن والمهرة على وجه الخصوص".
وعن قادم ما قد يحدث في الأرخبيل، يعتقد الذهب أن موضوع سقطرى "سيظل معلقا ولن يجري الاتفاق على تعيين محافظ لها أو عودة المحافظ محروس إلا في إطار حلول للملحق السياسي وتعيين محافظين للحج وأبين وشبوة"، يقول الذهب.
"وسيطول أيضا بسبب انشغال السلطات السعودية بالترتيبات الأمريكية الجديدة بعد الانتخابات، وفي نفس الوقت بسبب الوضع في عدن الذي ليس على ما يرام وقد يزداد سوءا في الأشهر القادمة"، ينهي الذهب تصريحه.