سلط محرر الشؤون الأمنية في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي“ فرانك غاردنر، في تقرير له الضوء على ملف حقوق الإنسان في السعودية. مشيرا إلى أن بايدن وإدارته الجديدة سحب ما وصفه بـ”الشيك المفتوح” الذي منحه دونالد ترامب، لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بفترة حكمه.
وشدد “غاردنر” في تقريره على أن ملف حقوق الإنسان بالسعودية، بات في مركز الضوء بعد تغير الإدارة الأمريكية. ووصول فريق بايدن إلى سدة الحكم.
وكان فريق حملة بايدن صرح بأن إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب “منحت شيكا مفتوحا إلى السعودية”.
واتهمت إدارة ترامب بتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان وإطالة أمد الحرب الكارثية في اليمن، والتي تقودها الرياض هناك منذ 2015.
هذا ولفت معد التقرير إلى وعد الفريق الجديد في البيت الأبيض بإعادة ضبط كاملة للعلاقات مع السعودية. حيث ستكون فيها حقوق الإنسان بارزة.
وكان بايدن قد عبر عن نية لوقف الدعم العسكري الأمريكي للحملة التي تقودها السعودية في اليمن. ولم يمر أسبوع على بايدن في الرئاسة إلا وأعلن عن تعليق صفقات بمليارات الأسلحة لكل من السعودية والإمارات العربية المتحدة لحين مراجعتها.
وفي هذا تساءل غاردنر إن كان هناك شيء سيتغير على المدى البعيد؟. وهل سيكون للحملة التي تم الترويج لها بشكل واسع أثر على وضع حقوق الإنسان بالمملكة والحرب في اليمن؟.
ذلك أن السعودية تظل شريكا مهما لأمريكا في العالم العربي وحليفا في المواجهة الأمريكية لإيران وتوسع ميليشياتها بالمنطقة وزبونا مهما للسلاح الأمريكي.
أما ملف حقوق الإنسان داخل المملكة، فيقول النائب كريسبين بلانت إن محمد بن سلمان “يحصل على نصائح متناقضة ممن حوله. ولكن (التركيز على حقوق الإنسان في عهد بايدن) يقدم فرصة لمساعدة البراغماتيين الذين يقدمون له النصح أن صورة المملكة مهمة.
ويعلق غاردنر أن السعودية اليوم تبدو مكانا مختلفا عما كانت عليه قبل عدة سنوات.
وأضاف:”لكن صعود محمد بن سلمان السريع قاد إلى تناقض، فمن ناحية خفف القيود الاجتماعية وسمح للنساء بقيادة السيارات. والحفلات الموسيقية والاختلاط وقلل من سلطة الشرطة الدينية. لكن الأمير الذي لم يعش كثيرا في الغرب مثل عدد كبير من الأمراء قام بسلسلة من التحركات التعسفية والقمعية ضد حرية التعبير.”
وكان السعوديون يستطيعون الشكوى عبر منصات التواصل الاجتماعي والنقد طالما لم يخرجوا إلى الشوارع. ولكنهم اليوم لا يستطيعون عمل أي منهما.
ويأتي هذا فضلا عن سجن الآلاف ورميهم في المعتقلات بدون اعتذار أو مبرر من ولي العهد الذي يتعامل مع أي نقد له على أنه عقبة أمام خططه.
ورأى الكاتب أن ابن سلمان تحول بسبب انتهاكات حقوق الإنسان إلى منبوذ في الغرب.
وثبتت عليه هذه الصورة بشدة عقب جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، عام 2018 في قنصلية بلاده بإسطنبول.
وأشارت تقارير سابقة للمخابرات الأمريكية بشكل مباشر إلى تورط محمد بن سلمان في اغتيال خاشقجي، بشكل شخصي.
وبحسب الكاتب وفي ناهية تقريره فإن إدارة بايدن تستطيع تحسين ملف حقوق الإنسان في السعودية. ولكن الأمر يعتمد على المدى الذي تدفع فيه الإدارة وما يراه البلدان في صالحهما.
وفي الوقت نفسه ـ بحسب غاردنز ـ يمكن لروسيا والصين توسيع علاقاتهما التجارية مع السعودية بدون طرح أسئلة محرجة حول ملف حقوق الإنسان.
وبحسب مسؤول في البلاط الملكي “ستقوم إدارة بايدن بالتركيز على ملف حقوق الإنسان أكثر من السابقة. وهي على الأجندة الآن وتحتاج لتحركات لا كلام”.
ويبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سيكون في مأزق بعد تصريح أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي الجديد في إدارة الرئيس جو بايدن. عن اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي؟
وفي هذا السياق أدان بلينكن، جريمة اغتيال خاشقجي التي وصفها بالمشينة في تصريحات له اليوم، الاثنين. مع شبكة “إن بي سي” الأمريكية.
وشدد بلينكن في تصريحاته للشبكة الأمريكية، على أن البيت الأبيض يراجع علاقته مع الرياض.
وأوضح أن ذلك من أجل أن”تضمن الولايات المتحدة اتساق تلك العلاقات مع المصالح والمبادئ الأمريكية”.
كما أنه في نفس الوقت الذي وصف أنتوني بلينكن، مقتل جمال خاشقجي بأنه “عملا مشينا ضد صحفي مقيم في الولايات المتحدة”. فإنه في نفس الوقت لم يدين ولي العهد السعودي في الجريمة بشكل مباشر.
وكان تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، خلص إلى أن ابن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في تركيا عام 2018.
وكانت صحيفة “فايننشال تايمز“، الأمريكية كشفت عن رسائل بعثت بها الإدارة الامريكية الجديدة برئاسة جو بايدن، إلى الشرق الأوسط. في محاولة منها لإعادة تقييم الوضع العام في المنطقة.
وقالت الصحيفة إنه بعد أربعة أعوام من صنع السياسة الغريبة الأطوار لدونالد ترامب وهوسه بإيران. اتخذت إدارة بايدن الخطوات الأولى. لتصحيح بعض الضرر الذي تسبب به في الشرق الأوسط”.
وأضافت أن العلاقات مع القوى بالمنطقة يعاد النظر بها من قبل الادارة الامريكية، مشيرة إلى أن منطقة الشرق الأوسط هي بلا شك الأكثر تأثرا من رئاسة ترامب. من قراره التخلي عن الاتفاقية النووية التي وقعتها القوى الكبرى مع طهران وتحيزه الوقح مع إسرائيل والسعودية والذي خرق عقودا من الأعراف الأمريكية.
وقالت الصحيفة إن بعضا من سياسات ترامب لن يتم التخلي عنها مع أن فريق بايدن قام باتخاذ تحركات إيجابية مبكرة. فقد أعلنت الإدارة عن إعادة واشنطن العلاقات مع الفلسطينيين واستئناف المساعدات إليهم.
وسمحت بالعقود المالية مع حركة الحوثيين لمدة شهر حتى تقوم بمراجعة قرار اللحظة الأخيرة الذي اتخذته الإدارة السابقة. بتصنيف الحركة في قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية. ومضت إدارة ترامب بالقرار رغم التحذيرات من أن تحركا كهذا قد يدفع باتجاه مجاعة في اليمن.
وبالإضافة لهذا قامت واشنطن بتجميد صفقات السلاح التي أقرها الرئيس السابق وتؤثر على أهم حليفين داعمين له وهما الإمارات العربية المتحدة والسعودية.
وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن مراجعة صفقات الأسلحة أمر عادي تلجأ إليه الإدارات الجديدة. إلا أن الرسالة كانت واضحة: لن تكون العلاقة كما كانت ولا عادية.
ووعد بايدن في السابق بالنظر إلى العلاقة الأمريكية- السعودية بسبب انتهاكات ولي العهد محمد بن سلمان لحقوق الإنسان وجريمة مقتل جمال خاشقجي عام 2018.
وتعهد بوقف الدعم الأمريكي للحرب في اليمن. ويطال تعليق السلاح مبيعات صواريخ إلى الرياض ومقاتلات أف-35 إلى أبو ظبي. والصفقة الأخيرة هي نتاج معاهدة التطبيع التي وقعتها الإمارات العام الماضي مع إسرائيل.