كان الوقت قد تجاوز الظهيرة، وهو الوقت الذي تبدأ فيه مريم عادة في إعداد وجبة الغداء لأولادها. ولكنها اليوم، لم تتناول هي وعائلتها الكبيرة المكونة من 14 شخصًا وجبة الإفطار بعد، فيما يقبع موقد الطهي بارداً في زاوية خيمتهم في دلالة على أنهم لم يأكلوا منذ أكثر من يوم، هكذا قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني.
تشير مريم، وفق التقرير، إلى كومة صغيرة من الرماد التي تحيط بها الحجارة، بجانب سجادة مهترئة على أرضية المأوى المتداعي، وتقول: ”هذا هو المكان الذي أطبخ فيه، وهذا هو المكان الذي ننام فيه. في معظم الأوقات، نأكل مرة واحدة فقط في اليوم. ليس لدي وقود أو حطب، لذلك نحرق الزجاجات البلاستيكية والقمامة عندما يكون لدينا شيء نريد طهيه“.
أضاف التقرير "اضطرت مريم، البالغة من العمر 50 عاماً، هي وعائلتها للفرار من منزلهم في صعدة، شمال غرب اليمن، وذلك بعد اندلاع النزاع في عام 2015، وهي تواجه الآن معركة يومية من أجل البقاء إلى جانب 136 عائلة أخرى في موقع يستضيف نازحين يمنيين في منطقة خريف الواقعة في محافظة عمران، شمال العاصمة صنعاء.
تبنت مريم، وهي أرملة لديها ستة أطفال، سبعة من بنات إخوتها وأبناء إخوتها بعد مقتل شقيقها وزوجته في القصف الذي أجبرها على مغادرة المنزل. وبسبب معاناتها من نقص التغذية والنحف الشديد، فإنه يتعين عليها الآن إطعام ورعاية 13 طفلاً بمفردها.
وأفاد التقرير أنه في حين أن الصراع في اليمن قد أثر بشدة على البلاد بأكملها، إلا أنه لم تشعر فئة بالحرمان أكثر مما شعر به ”المهمشون“، وهم طبقة دنيا تنتمي إليها مريم. وقد عانت هذه المجموعة العرقية التي يطلق عليها اسم ”المهمشون“ على مدى قرون من التمييز والفقر قبل اندلاع القتال في عام 2015.
وتابع التقرير "يعتقد البعض أن حالة التمييز المتجذرة التي يواجهونها مرتبطة بأصولهم العرقية كأحفاد للعبيد الأفارقة الذين جيء بهم إلى المنطقة في القرن السادس. ويعيش أغلبهم في الأحياء الفقيرة في ضواحي البلدات والمدن مع وجود القليل من الفرص الاقتصادية، ويفتقرون إلى سبل الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والتعليم".
وفي حين أن العدد الفعلي لـ“المهمشين“ غير معروف، فإن التقديرات تترواح بين نصف مليون إلى 3.5 مليون شخص، ويقيم معظمهم في محافظات الحديدة وتعز وإب ولحج والمحويت وحجة وحضرموت، وفق التقرير الأممي.