اهتمت صحف عربية بسياسة الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، تجاه إنهاء الحرب الدائرة في اليمن والتي أودت بحياة 110 ألف شخص خلال السنوات الست الماضية.
واتفق معلقون على أن قرار بايدن "لن يوقف الحرب في اليمن"، ولن ينهي المأساة الإنسانية في هذا البلد العربي.
وكان بايدن قد أعلن مؤخرا عن وقف الدعم، الذي تقدمه بلاده لعمليات التحالف العربي في اليمن، والعمل على وقف اطلاق النار وفتح حوار سياسي، بين السعودية والإمارات والحكومة المعترف بها دوليا من جهة، وجماعة الحوثيين من جهة أخرى.
يقول شارل ابي نادر، في أفق نيوز اليمنية، إن قرار بايدن الأخير "كان منتظرا"، مضيفاُ "أيضًا لم يتأخر الطرفان الأساسيان في العدوان على اليمن، السعودية والإمارات، عن ترحيبهما بقرار الرئيس الأمريكي، الأمر الذي كان أيضًا منتظرًا، ليس لأن كلًّا من السعودية والإمارات مقتنعة ذاتيًا بوقف الحرب على اليمن... بل لأنها مرغمة من ناحية، حيث لا مجال للرفض والاعتراض على قرار الرئيس الأمريكي، وأيضًا لأنها وجدت في ذلك مخرجًا مقبولًا لفشلها ولعجزها عن تحقيق أي من أهدافها من العدوان على اليمن، وأيضًا، لأنها وجدت من ينتشلها (رغما عنها) من مستنقع الهزيمة في اليمن".
ويضيف الكاتب "من دون رفع الحصار وتسهيل التفاوض المتكافئ بين الأطراف اليمنية، ودون الاعتراف بحقوق كافة مكونات الشعب اليمني، السياسية والاجتماعية، ودون انسحاب كل ما يمكن أن يُطلق عليه 'تواجد سعودي أو إماراتي عسكريا كان أم سياسيا'... ستبقى الحرب عمليًا وسيبقى العدوان فعليًا".
كما يصف طالب الحسني، في الثورة اليمنية، قرار بايدن بأنه "اعتراف بأن مسار الحرب لم يعد يتجه لصالح الاستراتيجية الأمريكية في إعادة السيطرة على اليمن، بسبب فشل العمليات العسكرية وصمود اليمنيين طوال هذه السنوات، بل وتطور القوة العسكرية المدافعة وانتقالها من الدفاع إلى الهجوم، حتى باتت كل المدن السعودية بما في ذلك العاصمة الرياض معرّضة للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة".
ويضيف الكاتب: "لن تتوقف الحرب لمجرد هذا الإعلان، على الرغم من مركزية الدور الأمريكي في الحرب على اليمن، فالتنفيذ لا يزال في محل شك وإن كانت إدارة بايدن جادة في ذلك، فإنها تحتاج إلى فترة زمنية تتراوح بين 3 إلى 5 أشهر، وفي المقابل لن تتمكن السعودية من الاستمرار في الحرب بمفردها، لكنها في كل الأحوال إقرار أمريكي بصعوبة استكمال التدخل العسكري في اليمن".
وفي تعليقه على قرار بايدن، يقول رشيد الحداد في الأخبار اللبنانية إنه "وعلى رغم أن تلك الخطوة تبدو غير محسومة المعالم إلى الآن إلا أنها تفتح الباب على بدء مسار، يفترض أن يفضي إلى وضع حدّ للحرب المستمرّة للعام السادس على التوالي".
ويشدد الكاتب على أن "التقدم الكبير" الذي يحققه الحوثيون بخصوص السيطرة العسكرية على مدينة مأرب "دفع السعودية أيضاً إلى... مطالبة إدارة الرئيس الأمريكي بالتدخل العاجل لوقف عملية اقتحام المدينة. كما أثارت التطورات الأخيرة قلقاً أمريكياً وبريطانياً، إذ طالب السفير البريطاني في اليمن، مايكل أرون، أنصار الله (الحوثيين) بوقف الهجمات العسكرية على مأرب".
وفي مقال بعنوان "بايدن وفرص إنهاء الحرب في اليمن"، يصف حسام أبو حامد في العربي الجديد اللندنية قرار بايدن بأنه "ليس أكثر من خطوة رمزية"، مشدداً "لن تحلّ سياسة بايدن بشأن اليمن الأمور في المدى القصير، ولن تكون كافيةً مهما بدت خطوة حكيمة".
ويؤكد الكاتب أن "إنهاء الدعم العسكري للسعوديين قد يدفع الحوثيين إلى تعزيز سلطتهم، سيما مع استمرار سيطرتهم على العاصمة صنعاء، واستيلائهم على مزيد من الأراضي، ولن يكون لديهم حافز كبير للتفاوض من أجل السلام، ما دام استمرار القتال لفترة أطول يعزّز من أوراقهم التفاوضية في المحادثات المستقبلية".
كما اعتبرت مرح البقاعي، في العرب اللندنية، قرار الرئيس الأمريكي بأنه "بمثابة نموذج أولي لما سيكون عليه نهج إدارة بايدن في الشرق الأوسط، ولاسيما في ما يتعلق بالملفات الساخنة لدول لم يخمد حريق الاقتتال فيها مثل العراق وسوريا؛ وكلا البلدين يشكوان، كما اليمن، من تدخّل الميليشيات الإيرانية وأذرعها العسكرية الطولى التي تختطف المشهد السياسي، وتدير حروبا متنقلة بالوكالة عن طهران".
وتضيف الكاتبة: "ستدرك إدارة بايدن قريبا أن تلك الملفات المعقدة لن تجد طريقها للحل، إلا من خلال صياغة إتفاق جديد واستثنائي مع طهران، يتضمن مساءلتها عن مشاريع صواريخها الباليستية، وعن تمويلها ودعمها للمجموعات المسلحة العابرة للحدود، والمسؤولة عن العشرات من الهجمات التي روّعت المدنيين في دول الجوار".
كما يقول حسن أبو طالب في الشرق الأوسط اللندنية: "الواضح أن إدارة بايدن ليست لديها رؤية، بشأن كيفية التوصل إلى تسوية" في اليمن، مشدداً على "عدم قبول الحوثيين أي عملية سياسية، تقود إلى إغلاق ملف الحرب والأعمال القتالية بصورة نهائية، كما تعيد للحكومة الشرعية حقوقها التي أهدرها الانقلاب قبل سبع سنوات وما زال".
كما يشير محمد يوسف، في البيان الإماراتية، إلى أن "بايدن يتشدد مع دول الخليج العربية، ويتراخى مع إيران والحوثيين" واصفاً قرار الرئيس الأمريكي الأخير بأنه "منطق أعوج، وقرارات متسرعة".
ويضيف الكاتب: "دول الخليج ليست انفعالية ولا تتبع أسلوب الصوت العالي، وخاصة السعودية والإمارات، ولا تغلق الأبواب أو تعلن مواقف متسرعة... حتى وإن خرج بايدن عن خطه الدبلوماسي الذي قال إنه سيسلكه، وجعل ملاحظاته ونواياه مشاعة، ففي النهاية سيعرف أو يُعرف بالحقيقة إذا كانت غائبة عنه".
&