يواجهنا سؤالا من مثل : هل يكسر وجود عبد العزيز جباري الرتابة اليمنية ويعيد الروح للفعالية السياسية ، التي كانت في بداية التمرد الحوثي على الشرعية الدستورية في اليمن وتوحد العالم في مواجهة جرائم هذه العصابة التي أضحت اليوم تتجه أكثر فأكثر إلى بناء نظام فاشي عنصري مستحدث يتجاوز دور الإمامة قبل ٢٦ سبتمبر ، حيث كانت الإمامة في ذلك الحين منكفئة على نفسها وغير تابعة يمكنها أن تبرم الاتفاقيات مع الأطراف الأخرى ، أما الإمامة الجديدة فهي تابعة لإيران وتمتثل لتوجيهاتها ولا تملك قرارها .
نحن نعلم أنه في عالم السياسة لا يوجد شيء ثابت ولا يوجد عدو أو صديق ثابت ، البقاء دوما للمصالح ، ونحن هنا بصدد شخصية كعبد العزيز جباري المثير للجدل يمنيا وعربيا ، فقد استطاع أن يفرض نفسه مع كل حراك سياسي ، كان إيجابي أو سلبي ، فقد شغل جباري مناصب عدة ، أبرزها عضو برلمان ، وعضو سابق في المؤتمر الشعبي العام قبل أن يصبح أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية ورئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض ووزيرا للخدمة المدنية ونائبا لرئيس الوزراء ونائبا لرئيس مجلس النواب ومستشارا لرئيس الجمهورية .
بعد مرور ست سنوات من الحرب وتخلي تحالف دعم الشرعية عن أهدافه التي جاء لأجلها ، تشكلت قناعة لدى جباري أن الأمور لاتسير في الاتجاه المؤمل عليه ، وأصبح أمامه خيارين أحلاهما مر ، إما البقاء تحت عباءة التحالف بكل أخطائه ، أو المجاهرة بمواقفه الوطنية ، فاختار الموقف الوطني ، مما حرض عليه دول التحالف وبعضا من الشرعية الذين تخلوا عن القرار الوطني .
يؤخذ على جباري أنه فتح صفحة جديدة مع الإصلاح الذي يعد جزءا رئيسيا في الشرعية وبدأ يمد يده إلى المؤتمر ، وهي الخطوة الصحيحة باتجاه الطريق الصحيح وأصبح أكثر واقعية سياسية ، يدرك أن المصالحة بين الصف الجمهوري يحمي الجمهورية ويوحد المعركة في مواجهة الإمامة العنصرية .
جباري اختلفنا معه أو لم نختلف يعتبر سياسي يجيد فن التعامل مع السياسة ، يريد فتح صفحة جديدة وطي صفحة الماضي تحت شعار الجميع يخطئ ويصيب ، التف حوله الكثيرون ومدوا أيديهم له واعتبروه يمني قبل كل شيء ، وهناك من ينظر إليه على أنه رجل سياسة بيده مفاتيح كثيرة وقوية .
خلال تواجده في أمريكا غير الكثير من قناعات الإدارة الأمريكية الجديدة وحثها على الإبقاء على تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية وأنه لا يمكن أن يكون هناك سلام معها لأنها لا تؤمن بالمساواة والا بالحرية ولا بالعدالة وهذه الأمور هي أساس أي سلام ، وربما تظهر هذه الجهود قريبا وتصبح الإدارة اليمنية قريبة من حقيقة ما يجري في اليمن .
ينظر إليه الكثير من اليمنيين نظرة كلها أمل بعد أن فقدوا الأمل ، وهو يحاول طي الصفحة السوداء بين المؤتمر والإصلاح وبقية القوى الأخرى المحسوبة على الصف الجمهوري وأصبح يقدم المصلحة الوطنية للمصالحة من أجل رفع كابوس الحرب والفقر والمعاناة عن الشعب اليمني .
جباري اسم من الصعب تجاوزه مهما اختلفنا حوله ، رجل صقلته المواقف والأيام والتجارب الصعبة ينظر إلى القضية اليمنية بشمولية أكثر واقعية ، يؤمن بنظرية إبراهيم عليه السلام التي تنطلق من موقف إلى آخر بحثا عن الحقيقة ليجدها ماثلة في وحدة وسلامة اليمن وسيادته على قراره .
اختلفنا مع جباري أو اتفقنا معه ،يبقى يمني له طموح مشروع ولديه انتماء لليمن وقضيتها ، لم يأت جباري من داخل القصور ولم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب ، لكنه جاء من ريف ذمار من ملح الأرض وهو من أشد المعارضين للتمايز الطبقي الذي يريد الحوثي ممارسته على اليمنيين ، كما أنه من أشد المعارضين لمصادرة قرار اليمنيين ، لهذه الأسباب ، هناك من أصحاب القامات القصيرة من يحاول تشويه صورته ومع ذلك ذهب الرجل إلى أمريكا لكسر الجمود وتحقيق أمل فقده الكثيرون في استعادة القرار اليمني وفي تحقيق مصالحة داخل الصف الجمهوري ، مهما حاول بعض أصحاب المصالح التخويف أو التخوين .