الرئيسية - تقارير - في ظل تسهيل سعودي إماراتي.. تجارة جديدة في اليمن "الألغام مقابل النقود"

في ظل تسهيل سعودي إماراتي.. تجارة جديدة في اليمن "الألغام مقابل النقود"

الساعة 10:46 مساءً (هنا عدن - خاص )

بين اليوم والآخر تعلن فرق لنزع الألغام في اليمن، تعلن إتلافها ألغاماً أو متفجرات مختلفة، ممن تعمل على زراعتها الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات اليمنية، وعند البحث في الأمر اتضح أن الفرق لا تقوم أحياناً بنفسها في نزع الألغام الخطرة، إذ فتحت سوقاً سوداء تتم فيها عمليات البيع والشراء، وربما في رضا من السلطات.

 



أصبحت تجارة الألغام رائجة، في إضافة جديدة إلى أسواق السلاح في اليمن، شجعت ذلك فرق نزع الألغام، في محافظات مأرب والجوف والساحل الغربي، حيث تجوب فرق مشروع نزع الألغام ليس لنزعها، فقط إنما لشرائها، فاتحة شهية جديدة لليمنيين من الفقراء، ومن الجنود أيضا لنزع الألغام بأيديهم، معرضين أنفسهم لمخاطر كبيرة، تصل إلى الموت.

 

ووثق معدو التقرير عدداً من عمليات الشراء للألغام في محافظتي الحديدة ومأرب، والتي أصبح لها تجار مختصون، وهؤلاء بدورهم يعملون على بيعها مجدداً لأطراف الصراع، أو بيعها لفرق النزع، التي لا تعمل على التوعية بمخاطر النزع الفردي من قبل المواطنين.

 

وعند سؤال عدد من العاملين في الفرق الهندسية، عن قانونية شرائهم للألغام من المواطنين، رفضوا الإجابة واكتفوا بأنه ليس من اختصاصهم ذلك، ما يريدوه هو أن يصلوا إلى الألغام بأي طريقة كانت.

 

وفي أحد أسواق محافظة مأرب تم توثيق 3 عمليات بيع وشراء لألغام فردية، وواحدة للغم يبدو أنه خاص بالآليات، والتي تمت بطريقة سلسة دون أي تخوف من المساءلة أو المداهمة من الأجهزة الأمنية.

 

تعود الألغام لعدد من الجنود، ممن ينتمون إلى مناطق التماس في مديرية صرواح، وكونهم من منتسبي الجيش يستطيعون إدخال الألغام، ولا يتم تفتيشهم من النقاط الأمنية، يقول أحدهم حتى إذا وجدوها معهم لا أحد يصادرها عليهم كونها "غنيمة حرب" ويريد أن يبيعها.  

 

الخطير في الأمر وهو ما كشفه أحد تجار السلاح ويدعى "أبو سالم" بأن هناك مندوباً للتحالف العربي في السوق، مهمته، شراء الألغام من التجار بعد أن يشتريها هؤلاء من الجنود والمواطنين.

 

أكد أنه تاجر له فترة طويلة في تجارة السلاح، لكنه منذ عامين تقريباً بدأ بيع الألغام والمتفجرات بأنواعها، دون أي مساءلة، إنها تدر ربحاً أيضاً، ويعمل على شراء اللغم الصغير بمبالغ تبدأ من 5 آلاف ريال.. مضيفاً أن البعض يأتيه بألغام فردية تصل إلى خمسة بطريقة عشوائية، وذلك لضمانه الحصول على مبلغ كبير، إلا أن الحمل العشوائي للألغام قد تودي بحياته وحياة من سيكون بجانبه إذا حدث أي احتكاك.

 

ويرى أن عدداً من الجنود كانوا مضطرين إلى نزع الألغام بأنفسهم ومن ثم بيعها، نظراً لأنهم بلا رواتب، وهذه الألغام تضمن لهم قيمة "القات" عند نزولهم إلى مدينة مأرب.

إلى ذلك سرد عدد من المواطنين قصصاً مأساوية بسبب نزع الألغام من أجل بيعها، حيث تتم عملية النزع بالمشاهدة، دون أي تدريب، منهم.

 

"علي شطاف" وهو من محافظة صنعاء، الذي نفذ عدة عمليات نزع للألغام وعمل على بيعها، إلا أنه مؤخراً أدرك خطورة ذلك بعد مقتل 2 من زملائه بلغم حاولا نزعه إلا أنه انفجر بهما، فتحول جسدهما إلى أشلاء متطايرة أمامه كان ذلك قبل 7 أشهر في إحدى جبهات القتال الواقعة بين محافظتي مأرب والجوف.

 

ويشير إلى أن عمليات النزع تتم دون أي أدوات سلامة، لأن أغلب من يقوم بذلك يريد بيعها من أجل مصروف يوم أو يومين.. ويؤكد أن نزع أغلب أنواع الألغام منها الدائرية والأسطوانية والحجرية، وغيرها.


هي الحاجة للمال من تدفع أغلب ممتهني هذه المهنة الخطرة، المهنة التي أوجدتها الحرب، وأيضا انقطاع المرتبات عن منتسبي الجيش، تحدث عن ذلك "أبو مبروك" وهو ليس اسنه كونه من ضباط الجيش، يقول إنه كان يشجع أفراده على مراقبة الحوثيين عند زراعة الألغام، ومن ثم التسلل لنزعها، ليقوموا بعدها ببيعها في السوق لدى تجار أصبحوا معروفين.

 

وكشف لـ "المهرية نت" أن من يبيعون الألغام ينزعون منها الصواعق، وما تعرف بالحساسات التي عند الاحتكاك بها، أو الدوس عليها، يحدث الانفجار، إلا أن الخوف هو ما يسيطر عليهم، خصوصا لتنوع الألغام، وأيضا الطرق المختلفة التي يتم زراعتها وفي مناطق متداخلة، أو يتم شبكها بأسلاك غير مرئية.

في سوق السلاح، التي تكبر يوماً بعد آخر، مع استمرار الحرب، والتي تطورت في مبيعاتها، بعد أن كان تباع فيها الأسلحة الخفيفة (الكلاشنكوف) وغيرها من الأسلحة المعروفة، أصبحت تعرض الأسلحة المتوسطة، بينما الألغام تتربع أماكن يحرص الباعة على إخفائها أو وضعها في زوايا معتمة، إلا أن البعض يعرضها مع المعروضات الأخرى.

عن ذلك أكد ناشطون بأن تجارة الألغام السبب فيها الإمارات والسعودية التي فرخت من التشكيلات العسكرية، التي لا تلتزم بالقوانين المتبعة في أي جيش وطني، إضافة إلى أن التحالف لم يترك الدولة اليمنية على بناء نفسها، حتى في قضية الألغام أنشأ لها مشروعاً يتحكم فيه، بدلا من استدعاء الخبراء الوطنيين، وتدريب آخرين، وأن تكون المهمة في يد الجهات المعنية.

 

وأرجع الناشطون ذلك إلى أن التحالف أسس للفوضى وهو ما تعيشه اليوم المحافظات المحررة، فبينما يتقاتل المجندون في التشكيلات المختلفة، يتم بيع أنواع السلاح، فيما بينها الألغام، في ظاهرة ملفتة لم تحدث في العالم، وفي البلدان التي شهدت صراعا مسلحاً لعقود، بينما في ظل سلطة السعودية والإمارات تحولت كثير من الأسر التي لم تجد قوتها إلى نزع الألغام وبيعها.