الرئيسية - تقارير - القائد عبد الغني شعلان. كانت اخر كلماته "من يبايعني على الموت فليتحرك معي" تقرير هام

القائد عبد الغني شعلان. كانت اخر كلماته "من يبايعني على الموت فليتحرك معي" تقرير هام

الساعة 09:52 مساءً (هنا عدن - متابعات يمن شباب )

"من يبايعني على الموت فليتحرك معي"، كانت تلك آخر توجيهات العميد "عبد الغني شعلان" قائد قوات الأمن الخاصة في مأرب، والذي قتل في الجمعة 26 فبراير 2021، في معارك هي الأشد مع الحوثيين في جبال البلق القبلي الذي يكتسب أهمية إستراتيجية لحماية المدينة.
 

يُوصف "شعلان"، بأنه كان الحارس الأمين لمدينة مأرب المكتظة بالنازحين من جميع المحافظات اليمنية حيث أستطاع بناء قوات أمنية مدربة على أعلى مستوى من الحرفية والانضباط، وقدم نموذج بطولي وشجاع للجنود الذين يقودهم في المعارك أو المهمات الأمنية والعسكرية.

 
وخلال مسيرته العسكرية كان قائداً ملهماً ومقاتلاً شجاعاً للأوقات العصيبة، حيث خاض أشرس المعارك خلال السنوات الماضية في جبهات محافظة مأرب، وقاتل حتى اللحظات الأخيرة من حياته فبينما كان ينزف من إصابته كان مستمراً في القتال حتى أصابته الرصاصة القاتلة، وفق جندي مقرب منه تحدث إلى "يمن شباب نت".
 
 

من هو العميد "عبد الغني شعلان"؟
 
العميد "عبد الغني علي شعلان" شاب يمني في العقد الرابع من عمرة، ينحدر من مديرية المحابشة في محافظة حجة (شمال غرب اليمن)، من أسرة متوسطة الدخل - مصدر دخلها الرئيسي تعتمد على مزارع القات التي تشتهر بها مديرية المحابشة.
 

تلقى تعليمه في مراحله الأولية بالمعهد العلمي في عزلة بني مجيع مسقط رأسه، إلى حين أكمل الثانوية العامة، ليلتحق بعدها آواخر التسعينيات بكلية الطيران والدفاع الجوي بالعاصمة اليمنية صنعاء، ليتخرج بعدها ضابط مختص بالمقذوفات والصواريخ في عام ٢٠٠٤م.

 
وعقب تخرجه عُين ضابط رادار وصواريخ بالقاعدة الجوية فيها ليتنقل إلى كاتب مالي للواء 170 دفاع جوي في تعز، كذلك شغل نفس المنصب في الحديدة وبقيادة القوات الجوية تحديدًا كان هذا في العام 2009م، وتنقل في عمله بعدد من المحافظات.

 
ومع اندلاع ثورة 11 فبراير في عام 2011م، التحق بالثورة ليكون من أوائل الضباط الأحرار الذين انحازوا للشعب وثورته وعملوا في حماية ساحات المعتصمين، وكان قائده الميداني المباشر الشهيد الفريق الركن عبد الرب الشدادي (قتل في صرواح وكان حينها قائدا للمنطقة العسكرية الثالثة)، ليعمل كأمين مخازن الكتيبة التاسعة، وتم ترقيته بعدها إلى قائد للسرية الأولى بالكتيبة، ثم وأركان عمليات الكتيبة (17) بالفرقة الأولى مدرع سابقا.

 
وفي عام ٢٠١٢م تم تعيينه نائب مدير أمن الجوف الذي حقق فيها إنجازات كبيرة بملاحقة لفلول عصابات السرقة والتقطع ومهربي الحشيش والمخدرات، بعد أن قاد عملية أمنية ناجحة لأحد أوكار هذه العصابات التي لم تصلها الدولة مطلقاً وأستعاد عشرات السيارات المسروقة وعدد من قطع السلاح الثقيلة والمتوسطة، ليتم ترقيته إلى رتبة مقدم من قبل الرئيس هادي عقب نجاح تلك العملية.
 
 

شعلان والانقلاب الحوثي

وفي مطلع عام ٢٠١٥م وإبان انقلاب مليشيات الحوثي التحق بالمقاومة الشعبية في صحاري مأرب وبدأ بإعداد وتدريب وتجميع الشباب وتدريبهم على الأساسيات العسكرية والجندية وشعاره التي كان يردده "من لم يتقن عمل الجندية لا يتقن عمل القيادة".

 
كُلف شعلان في ذات العام بقيادة "جبهة الفاو" بمأرب ليشكل حائط صد ضد توغل مليشيات الحوثية التي التهمت كل المحافظات لتتفرغ حينها لمهاجمة آخر معاقل الشرعية في الشمال، وتحت قيادة "الشدادي" ومن معه الضباط والمقاومة تم تحرير مدينة مأرب والسد والبلق والجفينة وتبة المصارية والطلعة الحمراء ومعسكر كوفل وصرواح إلى أن وصلوا مشارف مديرية خولان التابعة إداريا لمحافظة صنعاء.

 
وعقب هزيمة الحوثيين في 2015، تم تكليفه بقيادة (الأمنيات) آنذاك، التي كانت تشكل حزام أمني على المدينة، حيث عمد الحوثيين على تجنيد مئات الخلايا والجواسيس (رجالاً ونساء)، لتحقيق ما عجزت عنه في المعركة، لكنها اصطدمت بـ "أبو محمد" (الكنية التي اشتهر بها العميد شعلان)، الذي كان حائط صد وكابوس يؤرق الحوثيين ويفشل مخططاتهم.

 
وخلال مسيرته في بناء قوات أمنية مدربة من الصفر خلال السنوات الماضية، كان جاهزاً لأي معركة في جبهات القتال والتي مازالت مفتوحة في عدد من الجبهات المحيطة بمدينة مأرب، ولم يمنعه عملة كقائد أمني من المشاركة بالصفوف الأولى في جبهات القتال.




الإداري المحنك

وصف العميد "عبد الغني شعلان" بالرجل الحديدي، فبداية الرجل مع المؤسسة الأمنية كان في عام 2016م إبان قيادته لأركان حرب قوات الأمن الخاصة بمحافظة مأرب.

 
واستطاع بكفاءته العسكرية بناء جهاز أمني قوي أفشل كل محاولات الحوثيين زعزعة الاستقرار بمدينة مأرب عبر الخلايا النائمة وقطع دابر تهريب المخدرات ومعها الأسلحة والطيران المسير، وفي نوفمبر من العام 2016 وضع المحافظ سلطان العرادة ثقته في الرجل وقرر تعيينه قائدًا لقوات الأمن.

 
يقول مقربون منه "كان شعلان عسكري من الطراز الأول، يملك حاسة سادسة في فهم الامور والقضايا ولا يكلف بقضية إلا وأعد مخرج لها حل بما يضمن له حضور الدولة وترسيخ قيمة الأمن في المجتمع، خصوصا وأن سكان مأرب يغلب عليه الجانب القبلي إلا أن هذا لم يشكل عائق أمامه".

 
وعمل على نسج علاقات واسعة مع زعماء القبائل والعشائر المآربية، بما يخدم من تواجد الدولة والأجهزة الأمنية وترسيخ قيمها، وحرص على بناء قوات الأمن الخاصة وفق المعايير الأمنية، فاستقبل المجندين، ونظم الدورات التدريبية للأفراد والضباط، وكان تأهيل قوات أمنية قادرة على القيام بمهامها هي المهمة الأولى له.

 
ووصولاً لبنا قوات أمنية احترافية، كان "شعلان" يعتقد أن المهمة تبدأ ببناء الجندي والاهتمام بكل ما يحتاجه، حيث عمل على توفير كل ما يدعم ويعزز ذلك من تغذية ومظهر وسكن وميدان وسلاح، وكان دائما يحث جنوده على الانضباط والاتقان في أداء واجبهم واحترام المواطن ورجال الجيش العائدين من جبهات القتال خصوصا وان مأرب نقطة تجمع لأكثر من جبهة محيطة بها والمحافظات الأخرى.

 
كل هذا ترسخ في ذهن المواطن ومن زار المحافظة من خارجها أو مر منها بصورة مشرقة عن الأمن وحضور الدولة وبشكل ايجابي، حيث يُعرف جنود القوات الأمن الخاصة بهندامهم العسكري وتعاملهم الراقي مع المواطنين.

 
وكان أكثر ما يميز "شعلان" هو الإتقان والإخلاص دائما، في كل تحركاته وعلى كل الأصعدة لذلك حظي بالقبول والحب دون أي عناء، وتحدثت عنه انجازاته الامنية واستقرار المدينة مأرب ونوم أهلها بأمان، لذلك كان استشهاده صادم للجميع حيث كان روح المدينة وشموخ القائد المُلهم.


 
شموخ النهايات العظيمة
 
لم يكن "شعلان" حارساً أمنياً لمدينة مأرب فقط، يوجه الأوامر من مكتبة، بل مقاتلاً شجاعاً، وخلال فبراير الماضي مع اشتداد الهجوم الحوثي في الجبهات المحيطة بمأرب، جهز "شعلان" قواته للتمركز في "جبال البلق" الاستراتيجية لصد أي هجوم حوثي.
 

شنت مليشيات الحوثي هجوم كاسح على الخطوط الأمامية لجبهة البلق، وزجت بالعشرات من عناصرها بشكل دفعات ومجاميع وكأنها المعركة الأخيرة لهم لتحقيق اختراق ميداني نحو مدينة مأرب بعد أشهر من الحشد، لكنها كانت آخر معركة لكل من شارك بالهجوم من الحوثيين.

 
وقال مصدر مقرب من شعلان لـ"يمن شباب نت"، اشتدت المعارك استمرت لأكثر من 20 ساعة، وكان العميد "شعلان" يديرها ويتحرك بشكل مستمر بالتعقيب وتفقد أفراده في المواقع المختلفة".
 

وأضاف المصدر "مع استمرار الهجوم وارهاق كثير من الجنود تحرك شعلان على رأس مجموعة من أفراده بعدما أقسموا على الموت عندما خاطبهم بالقول "من يبايعني على الموت، فليتحرك معي" فانطلق لتعزيز قائد عملياته العقيد نوفل الحوري الذي ارتقى شهيداً في ذات المعركة".

 
تقدم شعلان الصفوف الأمامية بعد ان عجز مرافقوه عن ثنيه من ذلك، وقال المصدر "أصيب بقدمه بطلق ناري لكنه لم يتوقف فتمترس وواصل القتال، ثم أصيب مرة أخرى بصدره ثم بيده، لكنه استطاع دحر هجوم الحوثيين من الموقع الذي تمترس فيه لساعات".
 

ولأن هذه البطولة الأسطورية لا بد لها من نهاية، فكانت النهاية الشامخة فبعد ساعات من المعارك قضى "شعلان" بصاروخ حوثي موجة على إثره ارتقى شهيدا، لتبقى جبال البلق خالية من الحوثيين تحمي ظهر مدينة مأرب بدم "أبو محمد" الذي أصبح رمزاً ملهماً لرفاقه من بعده.