مع مرور الوقت بدأت الأصوات المناصرة والموالية للإمارات ومليشيات الانتقالي في محافظة أرخبيل سقطرى تتلاشى، وتوقفت حملات الترويج للمشاريع والإنجازات الوهمية التي رُوج لها سابقاً، وبدأت أصوات الملاعق القدور الفارغة ترتفع.
عصفت الأزمات المتتالية بمحافظة أرخبيل سقطرى، ابتداء من أزمة الغذاء والمشتقات النفطية وصولاً إلى انعدام السيولة المالية، واستمرت الأوضاع المعيشية في المحافظة تتجه نحو الأسوأ.
منذ أقل من عام على انقلاب مليشيات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، تمر سقطرى المغروس حبها في قلب كل يمني، بأسوأ فترة زمنية، إذ أصبح المواطن يعاني البؤس والكرب وانحداراً كبيراً ضرب شموخ وكرامة المواطن السقطري في مقتل، ووصل الأمر أن أصبح شباب الجزيرة يبحثون عن وجبات غذائية في شهر رمضان المبارك لسد جوع عوائلهم الصابرة والمحتسبة.
يقترب الانقلاب من عامه الأول، وثروات المحافظة تنهب من قبل المليشيات وداعميها، كما تستباح أرضها ويتعرض تنوعها الحيوي للتجريف، واقتلاع الأشجار والغابات، وتمارس الإمارات كل أنواع الابتزاز على الصيادين لسحب محصول الأسماك، وصنع الأزمات المستمرة.
قدور فارغة
يذهب عشرات الشباب إلى بوابة إحدى الشركات من أجل الحصول على وجبة غذائية لعائلاتهم، ولا يهتمون بالساعات الطويلة من أجل الحصول عليها والعودة لأهلهم بالطعام.
الشاب سالم، يحكي معاناته اليومية لـ"المهرية نت" فيقول: "أضطر إلى الذهاب باكراً من أجل الحصول على نفر رز لا يتبعه شيء، وإذا تأخرت عن الذهاب لا أحصل على شيء".
ويضيف: تسبب الغلاء في عدم قدرتنا على شراء الأرز الذي ارتفع سعره إلى أضعاف، والغلاء الفاحش المنتشر في الجزيرة أرغمنا على البحث عن أي جمعيات خيرية أو منظمات في الجزيرة مع أنها شبه منعدمة إلا ما يسمح به المجلس الانتقالي في الجزيرة.
سالم، لا يهتم بالإجراءات الوقائية لفيروس كورونا والحميات المنتشرة في الجزيرة، لأنه يقول إن الحصول على الغذاء والطعام هو أولوية مطلقة فالجوع يجعل من الإنسان ضعيفاً لا يستطيع مواجهة الأمراض الوبائية والمعدية، لا ينكر سالم انه يعود في العديد من أيام شهر رمضان خالي الوفاض وبقدر.
وصدمت المتابعين والمهتمين بالوضع في سقطرى، طوابير الانتظار للعشرات من شباب الأرخبيل وهم ينتظرون ويتزاحمون من أجل الحصول على وجبة غذائية من شركة إماراتية في صورة تعكس الواقع الذي وصلت إليه المحافظة.
التطبيل والدعاية الكاذبة
انخفضت الأصوات المتشدقة بالدور الإماراتي في الجزيرة، وتوارى أصحابها بوصول الوضع لمؤشرات خطيرة وآثار كارثية يمكن أن تستمر لفترة أطول.
يقول علي السقطري، (48 عاماً): لقد توقف أنصار الإمارات من أبناء الجزيرة المتعاونين والموالين للانتقالي عن الترويج لحكام الإمارات، وأصبحوا يتوارون من القوم، ويخشون أن توجه إليهم أصابع الاتهام بسبب تورطهم في مساعدة الانتقالي في انقلابه على الحكومة الشرعية.
وأضاف السقطري لـ"المهرية نت" قائلاً: حتى المنشورات والكتابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي اختفت، وكأن أصحابها بدأوا يشعرون بالجريمة التي ارتكبتها أيديهم جراء ما وصلت إليه المحافظة.
وتابع: لم يجد عناصر الانتقالي وأنصاره المؤدلجين إماراتياً، الحجج والتبريرات الكافية لإنقاذهم من مأزق ورطة تدمير الجزيرة وإعادتها إلى القرون الوسطى والتجني على أبناء الجزيرة الذين أصبحوا يبحثون عن الطعام في وضع مأساوي يرثى له.
تمزيق الجزيرة
ودون أي اعتبارات أو حدود لمشاريع الانقلابيين التدميرية، تقوم شركات الإمارات بتمزيق الجزيرة وتشويه شوارعها وعاصمتها حديبو، حيث تقوم شركة دكسم التابعة للإمارات، بشكل متواصل بأعمال حفر عشوائي بحجة تمرير كابلات ما تسبب بتمزيق الجزيرة وأدى لقطع الطرق .
وتقوم الشركات بالحفريات دون إصلاح ما دمرته، وهو ما شكل تشويهاً للشوارع، وامتلاء الحفريات بالقمامة والنفايات وانتشار الأوبئة، فيما تواصل أبوظبي تنفيذ مشاريعها الخفية.
واستنكر المواطنون ترك الشركة الإماراتية، الحفريات العشوائية التي قامت بها، كونها أدت إلى قطع الكثير من الطرقات المؤدية للأسواق والأحياء في المحافظة، وعطلت حركة المركبات التي يستخدمها المواطنون في تنقلهم.
من جهتهم أكد بعض مالكي المحلات في الجزيرة أن الحفريات أعاقتهم، وأعاقت حركة الزبائن، وكذا سيارات نقل البضائع.
ويذهب الأمر إلى أبعد من ذلك باستمرار الإمارات منذ شهر مارس من العام الماضي في التوسع بالجرف القاري، وما أقدمت عليه الصومال بإيعاز من الإمارات على إنزال خرائط للقطاعات الترويجية البحرية، واستحدثت قطاعات بترولية جديدة في الجرف القاري لأرخبيل سقطرى.
يقول مسؤول ملاحي في محافظة عدن على اطلاع بما يجري العمل عليه بالجرف القاري اليمني لـ"المهرية نت": هناك اعتداءات متواصلة تتعرض لها حدود الجرف القاري للجمهورية اليمنية بعد إنزال خرائط القطاعات الترويجية البحرية من الجانب الصومالي وتم وضع بلوكات استكشافية نفطية من قبل الصومال في الجرف القاري اليمني.
وأضاف: أبوظبي ومقديشو اللتان تجاوزتا الخلاف بينهما للاتفاق بشأن تقاسم نفط وغاز الجرف القاري اليمني بعد أخذ الشركات الأمريكية التي ستستخرج المخزون حصتها.
ويشير المسؤول إلى أن هناك ما يقارب من سبعة إلى عشرة قطاعات في المياه البحرية اليمنية تقوم الإمارات بالتنقيب فيها عن النفط والغاز.
ومضى قائلاً: "بمتابعة التحركات الإماراتية فإن البحارة اليمنيين والصيادين رصدوا ما يقارب سبعة قطاعات بحرية تعمل الإمارات عليها بالتنقيب عن الغاز والنفط، وتتوزع القطاعات الاستكشافية والبحثية في البحر العربي وخليج عدن والباقي في الساحل الغربي لليمن على البحر الأحمر، بالإضافة إلى مواقع في رأس عمران القريبة من باب المندب".
وأضاف: من ضمن هذه القطاعات أربعة قطاعات في البحر العربي وخليج عدن وهذا ما تم اكتشافه ورصده من قبل الصيادين، قبل أن تمنع الإمارات الصيادين من الاقتراب من هذه القطاعات البحرية اليمنية، بعد اكتشاف نشاطها المشبوه.
وتابع: "الإمارات منعت الصيادين اليمنيين من الصيد بالقرب من هذه القطاعات وأيضاً في مناطق واسعة جداً في المياه اليمنية الجنوبية والجنوبية الغربية مع وجود لدور الصومال في هذا المخطط".
وتحتفظ اليمن بجميع الوثائق المقدمة في عام 2003 للأمم المتحدة التي تثبت ملكية اليمن لأرخبيل سقطرى والجرف القاري الخاص به بكل المقاييس القانونية والتاريخية.
لم تكتفِ الإمارات ومليشياتها بما ألحقته بالمواطنين في أرخبيل سقطرى من ضرر بالغ على مستوى المعيشة والحياة اليومية، فهي تستمر في تدمير المحافظة بشكل ممنهج، مستهدفة الأرخبيل الذي يحتل موقعاً استراتيجيا غاية في الأهمية بالمحيط الهندي، وقبالة سواحل القرن الإفريقي، وخليج عدن.