قالت مجلة "ذا ايكونوميست" البريطانية، إن الحملة العسكرية السعودية، التي انطلقت عام 2015، سقطت في مستنقع، وبدلاً من كبح النفوذ الإيراني كما هو مخطط له من قبل التحالف العربي إلا أن أطالة الحرب عزز من نفوذ طهران في اليمن.
وأشارت إلى أن التحالف العربي الذي جاء لإعادة الشرعية والقضاء على الحوثيين، أصبح مؤخرا، يناشد المليشيات الحوثية المدعومة من إيران، للانضمام الى طاولة المفاوضات، وهو ما أعلن عنه محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي، في مقابلة تلفزيونة الشهر الماضي.
مؤكدة في التقرير الذي ترجمته "يمن للأنباء"، أن الحصار السعودي أدى إلى شل الاقتصاد في شمال اليمن، في الوقت الذي يضاعف الحوثيون معاناة المواطنين من خلال التلاعب بالمساعدات الإنسانية وبيعها من أجل الربح.
وقالت المجلة، إن "تعليق طرح الأمم المتحدة لقاحات كورونا في الشمال لأن الحوثيين يريدون التحكم في توزيعها"، مشيرة إلى أن أربع وكالات تابعة للأمم المتحدة، حذرت في فبراير/ شباط، في جميع أنحاء البلاد، من أن يموت ما لا يقل عن 400 ألف طفل يمني من الجوع هذا العام دون تدخل عاجل.
القوات الحكومة من الهجوم إلى الدفاع
وذكر تقرير الايكونوميست البريطانية، أن القوات الحكومية المدعومة من التحالف، تحولت من موضع الهجوم إلى الدفاع على أخر معاقلها في شمال اليمن.
وقالت إنه "قبل عامين فقط، تمكنت القوات الحكومية من رؤية العاصمة صنعاء من جبال الشرق، أي مديرية نهم، حيث كانت أقرب نقطة وصلت إليها القوات الحكومة منذ اجتياح مليشيا الحوثي لصنعاء.
وبحسب المجلة، فإن القوات الحكومية باتت الآن في موقع دفاعي، بعد أن تراجعت إلى مأرب، وهي آخر مدينة كبيرة في الشمال لاتزال تحت سيطرة الحكومة، ويتمركز الحوثيون على بعد 4 كيلومترات منها، مشيرة إلى أن الضربات الجوية من التحالف الداعم للشرعية، تبطئ تقدمهم.
وأوضح التقرير، أن مأرب كانت حتى وقت قريب واحدة من أكثر مدن اليمن أمانًا، ولجأ إليها أولئك الذين نزحوا بسبب القتال في أماكن أخرى، وأصبحت مؤخرا مسرح للعمليات العسكرية.
وتابعت: معركة مارب كشفت مدى السوء الذي سارت به الأمور بالنسبة للحكومة وداعميها والذين سيقبلون بكل سرور دعوة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار، فيما الحوثيون، الذين يسيطرون على جزء كبير من البلاد، يتجاهلونها.
ونقلت المجلة عن دبلوماسي غربي كان في مارب الشهر الماضي قوله؛ إنه إذا استولى الحوثيون على المدينة، فسوف يسيطرون على مصفاة النفط الوحيدة في الشمال وبوابة حقول النفط في الشرق والجنوب، مؤكدا أنها "ستكون كارثة".
سياسة القمع للحوثي
المجلة البريطانية، قالت إن المنطقة التي يسيطر عليها الحوثيون هي موطن لـ 70٪ من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة.
وأضافت: "مليشيا الحوثي تقوم بترسيخ ثيوقراطية قمعية مثل تلك الموجودة في إيران، التي تسلحهم"، حيث يقوم الحوثيين بحبس أو إعدام المعارضين السياسيين والصحفيين النقاد للمارسات التعسفية او القمعية للجماعة .
وأشارت إلى أن مليشيا الحوثي تقوم بتعليم الطلاب أن يكرهوا الغرب، وتم إغلاق المقاهي التي كان يختلط فيها الرجال والنساء في السابق، واعتقلت المليشيات الممثلة التي عرضت أزياء بلا حجاب هذا العام، كما طرد الحوثيون بعض آخر اليهود المتبقين في اليمن في مارس آذار.
تدفق السلاح إلى الحوثي من موانئ الجنوب
أكدت المجلة البريطانية، أن مليشيا الحوثي لا تزال قادرة على التحكم بإيقاع آليّاتها الحربية، إذ ينقل المهربون الوقود إلى الشمال من موانئ في الجنوب تسيطر عليها الحكومة أو حلفاؤها ظاهريا التحالف السعودي الإماراتي.
وأشار التقرير إلى أن نقاط تفتيش الحوثيين تتضاعف كمراكز جمركية، مما يزيد الإيرادات لدفع رواتب المقاتلين الذين يقاتلون في صفوف المليشيات الحوثية.
فيما تستخدم إيران نفس الموانئ اليمنية في الجنوب، لتهريب "كميات كبيرة من الأسلحة والمكونات إلى الحوثيين، وتزود قطع غيار طائراتها بدون طيار والصواريخ التي تستخدم لمهاجمة السعودية"، وفقًا للجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة.
سقوط مارب
وتقول "ذا ايكونوميست" البريطانية، إنّ "خسارة مأرب ستزيد من إضعاف معنويات التحالف الموالي للحكومة، والمتشرذم بالفعل، إذ يشتكي جنود يمنيون من عدم دفع رواتبهم ونقص السلاح، فيما لا يزال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في منفى بالسعودية ظاهره جيد لكنه ربما يختلف عن باطنه".
مؤكدة، أن استيلاء الحوثيين على مارب، من شأنه أن يعزز موقفهم التفاوضي، ولكن ذلك لن يكون سهلا، إذ أن المدافعون عن مأرب ومعظم سكانها يكرهون سياسة الحوثيين ويرفضون معتقداتهم الدينية.
وأشارت إلى أن الأرض المفتوحة حول مدينة مارب، تجعل من المهاجمين الحوثيين أهدافًا سهلة للطائرات السعودية، ومثل الحرب على نطاق أوسع، يمكن أن تكون معركة مأرب طويلة ودموية.
الانتقالي يهتف مع الحوثي
قالت المجلة البريطانية، إن "القوات الإنفصالية أو المعرفة باسم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيًا، تبدو كعضو في التحالف، لكنها قاتلت الحكومة من أجل عدن وتسيطر الآن على جزء كبير منها".
وتضيف بالقول: "يهتف العديد من قادة الانتقالي مع الحوثيين، وتغازلهم بعض القبائل المحيطة بمأرب، حتى ولو كان ذلك بغرض انتزاع المزيد من الأموال من الحكومة".
وأشار التقرير إلى أن مليشيا الانتقالي أو حلفاؤها في إشارة إلى الإمارات، والتي تسيطر على بعض الموانئ اليمنية في الجنوب، تسمح بتهريب كميات كبيرة من الأسلحة إلى الحوثيين.
حرب اليمن لم تعد تحظى باهتمام دولي
وقالت الايكونوميست، إن الحرب في اليمن لم تعد تحظي باهتمام دولي، مؤكدة أن "الداعمون الدوليون للحكومة يفقدون الاهتمام بالحرب". حيث سحبت الإمارات معظم قواتها من اليمن في عام 2019. وبعد فترة وجيزة من توليه منصبه ، قال الرئيس جو بايدن إنه سينهي "كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في الحرب في اليمن".
وأكدت، أن مليشيا الحوثي ترفض حتى الآن كل الجهود الدولية لإنهاء الحرب في اليمن ووقف إطلاق النار، ورغم الدعوات الدولية الكبيرة إلا أن المليشيات المدعومة إيرانيًا، كثفت من هجماتها العسكرية على مارب.
وأوضحت، أن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، كان شخصًا غير مرغوب فيه في صنعاء لمدة عام، وفي فبراير، قام بايدن بشطب الحوثيين من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية ، وهي خطوة تهدف إلى زيادة تدفق المساعدات وبدء عملية السلام في اليمن، إلا أن تلك الخطوات قوبلت بتصعيد عسكري من الحوثيين.