سقطرى واليـ،،ـهود
هنا عدن / خاص
حفظ الله سقطرى من مؤامرة اليهود وإخوانهم الغزاة والمستعمرين خلال التاريخ والفضليرجع بعد الله تعالى إلى حكامها من آل عفرار لقد تخللت المدة التي حكم فيها ابن عفرارسقطرى فترات حرجة ومواقف صعبة وعلى الرغم من إهمال التاريخ للكثير من الأحداثإلا أن ما تبقى منها يوحي بعظمة تلك القيادة وقدرتها على الصمود أمام الأخطاروالمؤامرات الدولية والسياسات العالمية ومن أهم تلك المؤامرات إبطال المشروع البريطانيوحلفائها لتسكين اليهود في جزيرة سقطرى فبعد الاحتلال البريطاني لعدن عام 1839 م. أصبحت عدن مكان لتجمع اليهود.
وخلال الحرب العالمية الأولى والثانية ازدهر يهود عدن بعكس أولئك الذين سكنوا شمالاليمن وخلال الحرب العالمية الأولى والثانية توافد الكثير من يهود اليمن وأوربا وبأعدادكبيرة إلى مستعمرة عدن ما أثار حفيظة القبائل العربة في الجنوب وفي عام 1947، كانتهناك أعمال شغب كبيرة في مدينة عدن، حيث قتل مالا يقل عن 70 يهودي وتم حرق ونهبجزء كبير من الحي اليهودي. وبعد تزايد المشاعر المعادية ضد اليهود في المدينة حاولالكثير منهم المغادرة.
في الثالث والعشرين من مارس سنة 1939م ، أرسلت حكومة صاحبة الجلالة رسالة سريةإلى حكومة عدن (الاستعمارية) تطلب فيها دراسة مشروع إقامة مستوطنة يهودية علىجزيرة سقطرى. ولقد طلبت من حاكم عدن (( رايلي ) ) Reilly ) السرية التامة في هذاالموضوع الهام والخطير. ولقد اعتقدت الحكومة البريطانية أنّ مشروع توطين اليهود فيجزيرة سقطرى وأيضاً بعض المناطق في حضرموت سيكلل بالنجاح نظراً أنّ الحكومةستدفع إلى سلطان قشن والمهرة مبالغ إضافية وبالتالي لن يعترض على هذا المشروعالحيوي. وبنت الحكومة البريطانية سياستها بأنّ الصراع العربي اليهودي في ذلكالوقت مازال في مراحله الأولى أو في المرحلة الجنينية ـ على حسب قول الباحثة شفيقةعبد الله العراسي في كتابها القيم (السياسة البريطانية في مستعمرة عدن ومحمياتها1937 ـ 1945م).
وقد رأت الحكومة البريطانية أنّ توطين حوالي ألف أسرة يهودية (خمسة آلاف فرد) فيجزيرة سقطرى سيعمل على تنشيط وإنعاش الحركة التجارية والاقتصادية في تلكالجزيرة " بل إنّ ازدهار الحركة التجارية في الجزيرة سيكون له مردود اقتصادي كبيرعلى الجزيرة العربية . وفي هذا الصدد ، تقول شفيقة عبد الله العراسي في مؤلفها فيصفحة 127 : " إذ رأت ـــ الحكومة البريطانية ـــ أنّ إقامة مستوطنة يهودية في الجزيرةالعربية سيؤدي إلى كثافة سكانية ، وقوة شرائية كبيرة . وذلك باتساع نشاط التبادلالتجاري وازدهار تجارة ( الترانزيت ) في عدن وازدهار التجارة المحلية " .
وعلى أية حال ، حولت حكومة عدن هذا المشروع إلى " إنجرامس " ) Ingrams ) المستشارالبريطاني المقيم في المحميات الشرقية ( حضرموت ) ونظراً أنّ إنجرامس كان متعمقاً فيالقضايا اليمنية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة . فقد رفض مشروع توطين اليهود فيجزيرة سقطرى , وكتب في تقريره بما معناه : " أنّ إقامة مستوطنة في جزيرة سقطرىسيجر على بريطانيا العظمى عداء شديد من قبل اليمنيين والعرب على حدِ ِ سواءوسيهيج عليها الرأي العام في المحميات ومستعمرة عدن " . ودعم حاكم عدن رايلي رأيإنجرامس برفض مشروع إقامة مستوطنة يهودية على أرض جزيرة سقطرى .
والغريب في الأمر، أنه على الرغم من السرية التامة التي دارت بين حكومة بريطانياوحكومة عدن حول مشروع توطين اليهود في الجزيرة إلاّ أنه تسرب إلى الصحافةالمصرية وغيرها من الصحف العربية والإسلامية والتي أخذت على عاتقها كشف ذلكالمشروع الخطير وهاجمته بقوة مما دفع بالحكومة البريطانية أنّ تعلن أنّ ما قيل حولمشروع توطين اليهود في جزيرة سقطرى لا أساس له من الصحة " . . . فقد تم تكذيبالخبر ( توطين اليهود في سقطرى ) في هيئة الإذاعة البريطانية بغرض تهدأة خواطراليمنيين في المنطقة اليمنية وجهة لطمأنة الرأي العام العربي والإسلامي . . . "
وطويت بذلك صفحة تعد من أخطر الصفحات التاريخية وإنّ لم يكن أخطرها علىالإطلاق في تاريخ اليمن. والحقيقة أنه مازال الكثير والكثير جداً من الوثائق البريطانيةالمتعلقة بقضايا مستعمرة عدن الهامة بصفة خاصة واليمن بصفة عامة لم يكشف عنهاالنقاب، فنرجو من الجهات العلمية المتمثلة بجامعاتنا اليمنية، والبحث العلمي والمراكزاليمنية للدراسات التاريخية العمل على ترجمة الوثائق البريطانية الهامة التي تتعلقباليمن من خلال جمعها، وتنظيمها، وتوثيقها لغرض نشرها ومعرفة ما تحتويه منموضوعات سرية جديدة مثيرة وهامة عن سياسة بريطانيا في اليمن.
لقد تكشفت حلقات مؤامرة توطين اليـ..هود في جزيرة سقطرى للرأي العام العربيوالإسلامي لاسيما بعد أن نشرت صحيفة مصرية أسبوعية كانت تصدر آنذاك باسم"الرابطة العربية" تفاصيل خطيرة عن هذه المؤامرة فثارت ثائرة الدول العربية والإسلاميةومن ضمنها الحكومات المحلية اليمنية لاسيما سلطان سقطرى والمهرة الذي تقع الجزيرةتحت إدارته المباشرة.
نزلت حامية بريطانية، في جزيرة سقطرى، بفرقة من الجنود، في الحرب العالمية الثانية،بعد أخذ الإذن من السلطان حمد بن عبد الله بن عيسى آل عفرار سلطان سقطرى والمهرةوقد تم الاتفاق بين السلطان وقائد الحامية على عدم المساس بأمن وسلامة أراضيالجزيرة وأهلها كما هي العادة بين سلاطين سقطرى ومن يأتي إلى سقطرى منالمستعمرين فهناك شروط ومعاهدات تتم بين الجانبين لحفظ سلامة الجزيرة وأهلها ولايستطيع ذلك المستعمر أن يتعدى أو يخالف تلك الشروط، وكانت قاعدة تلك الحامية، فيمنطقة موري، ثم تفرقوا منها في بعض المواقع من الجزيرة، فعسكروا بها ومنها معسكر"تار دي فاعر" حيث سكن الجنود في بعض الكهوف هناك، وانتشروا في المناطقالمجاورة، يبحثون عن المواشي، ليذبحوها بغير إذن أصحابها، كما فعل بعض العسكرالحاليين، عند أول قدومهم إلى سقطرى، وقبل أن يتعرفوا على قوانين، الحياة السقطرية،فكان العساكر البريطانيين، سنة العسكر، يتجولون في أراضي الجزيرة، فيستولون علىبعض المواعز، حيث يجدونها ترعى، في المراعي من غير راعي، وكانت لديهم بنادق منغير ذخيرة، يخوِّفون بها الناس، وما أن بدأت منهم الفوضى ، وأخذ الرعب والخوفينتشر بين السكان، حتى أمرهم السلطان حمد بن عبد الله بالارتحال، بعد أن تواردت إليهشكاوى المواطنين، فعادوا إلى موري.
أما قائد الحامية فقد قام بتهيئة الأرضية الصالحة لتنفيذ المؤامرة الكبرى لتسكين اليهودفي جزيرة سقطرى فقد أغرى قائد الحامية بعض المواطنين من أصحاب المنطقة بمبالغمالية نظير بيع قطع من الأرض للحامية البريطانية وكان ذلك بينهم وبين قائد الحاميةبدون علم السلطان وكان هناك نائبا للسلطان لديه أوراق رسمية يسجل العقود بينالمتبايعين وبعد أن علم السلطان حمد بن عبد الله آل عفرار بما يجري أبلغ قائد الحاميةأنه يرغب بزيارة الحامية فذهب بمن معه من المرافقين والخدم حتى جاء فوجد الجنودصافين لتأدية سلام الشرف للسلطان لكن السلطان لم يأبه بسلام الشرف من مستعمرخائن فتقدم السلطان حتى وقف أمام قائد الحامية مباشرة ليذكره بالاتفاقية التيبموجبها استطاع أن يمكث في أرض سقطرى فخاطبه بلهجة قوية وعاتبه عتابا حاداعلى ما فعل بدون علم سلطان البلاد ووبخه شر توبيخ لا بل مد يده إليه بعصاه حسبشهود عيان حضروا الموقف ثم أمره أن لا تغرب عليه شمس ذلك اليوم في سقطرى.
أما الأخوة المغرور بهم الذين باعوا الأرض بدون أن يعرفوا أبعاد القضية فقد استدعاهمالسلطان وعاتبهم على ما فعلوا ثم أودعهم السجن تنبيها لهم ولغيرهم حتى لا يفكر أحدببيع أرض سقطرى للأجانب الذين يحيكون المؤامرات الكبرى لطرد السكان الأصليين(السقاطرة) وإحلال المنفيين والمطرودين من العالم محلهم.
إن تلك القضية تذكرنا بموضوع هام وخطير بيع الأراضي السقطرية نظير ثمن بخس بعدأن دافع عنها الآباء والأجداد على مر التاريخ هذا جزء من تاريخكم أيها السقطريون وأنتماليوم أمام امتحان صعب فما أنتم فاعلون.