*محمد دبوان المياحي.
ماذا لو مات الرئيس؟!
أحد أكثر الأسئلة المركزية في البلاد هو السؤال المتعلق بموت الرئيس وهو سؤال بلا جواب حتى اللحظة، حتى مع كون الرئيس ذاته يبدو معطلًا أو خارج الخدمة إلا أن موته سيكون حدثًا مربكًا وسيترك حيرة وذهولًا ويفتح ثقبًا مرعبًا قادرًا على خلق مزيد من التيه والفوضى.
يعيش الرئيس هادي في منتصف العقد الثامن من عمره.. صحته ليست جيدة، ويخضع لفحوصات دورية في أحد المشافي الخارجية، رئيس بهذا السن حياته مهددة ويمكن أن يفقدها بأي لحظة، لجانب أن وضعيته كرئيس لبلاد حالتها الدستورية مرتبكة، الدولة فيها مفككة ونظامها السياسي مضطرب، كل هذا يجعل من مخاوف موته قضية مؤرقة وقصة خطر محدق بمستقبل البلاد ككل.
هادي يمثل أخر قشة دستورية توفر خيطاً ناظمًا لحكاية البلد الممزق، فهو الشخص الوحيد الذي يحمل صفة قانونية ناتجة عن أخر عملية إنتخاب حدثت في البلاد، ومع كونها كانت انتخابات غير تنافسية إلا أنها كانت دستورية أيضًا ومنحته صفة الممثل للإرادة الشعبية ثم لعبت الظروف الاستثنائية دورًا في تمديد شرعيته إلى أجل غير مسمى.
هذا الأجل الذي لم تنته أسبابه، قد تقطعه الأقدار الغيبية ويستيقظ الجميع أمام واقع مليء بالضباب، حيث الوضع الدستوري الملتبس حتى في ظل حياة الرئيس نفسه سيزداد تعقيدًا وتتلاشى معه أخر رمزيات الإرادة الشعبية لتصبح البلاد مفتوحةً على كل الإحتمالات، حينها ستتعالى أصوات الأطراف المدعية تمثيلها للإرادة الشعبية والمستندة لمزاعم المشروعية دونما أي تفويض عملي، سوى شرعية القوة والمشاريع الصغيرة الراغبة بفرض نفسها واستغلال انقطاع أخر الحبال الدستورية لتثبيت وجودها كبديل عن الشرعية المندثرة.
أمام هكذا أخطار محتملة بل وأكيدة، يفترض أن تكون القوى السياسية قد طرحت فكرة موت الرئيس للنقاش وعملت على خلق بدائل وتدابير دستورية لملء الفراغ حالما تحقق الأمر وتعرضت حياة الرئيس لأي مهدد، إلا أن الواقع يقول بأننا أمام نخبة سياسية معطلة هي الأخرى وما بينها من شقاقات يفوق قدرتها على حسمها، ولربما أن تواجد الرئيس هو أحد عوامل الوفاق الهش بينها ما يعني أن موته سيزيد من حجم الهوة وستغدو معه أي احتمالات للتوافق بعيدة المنال ومعقدة أكثر مما هي الآن.
أما بخصوص انتقال شرعية الرئيس لنائبه، فالرجل وإن كان دستوريًا يملك كامل الحق بممارسة صلاحية الرئيس إلا أنه شخصية مثيرة للجدل ولا تحظى بإجماع سياسي، ناهيك عن أن الدستور الذي يمنحه هذا الحق، يقيده بفترة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر، وهي مدة إدارة ترتيبات انتخاب بديل، وهذا غير ممكن في ظل وضع البلاد المنقسم وتلاشي أي إمكانية حقيقية لإجراء عملية انتخابية تفضي لشخصية بديلة للرئيس، أما مجلس النواب نفسه وهو الطرف الثالث المخول دستوريًا بميراث الرئاسة فقد صار رمزًا للمسخرة ولا أظنه يتمكن من لملمة نفسه ناهية عن إمساكه بزمام الوضع وقيادة مرحلة انتقالية ناجحة.
أنا قلق، بشروا يا شباب، كيف حال رئيسنا..؟