كشفت المعارك العسكرية الأخيرة التي شهدتها كريتر وبعض الأحياء في مدينة عدن عن هشاشة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، وصراع الأجنحة الذي يعاني منه المجلس، وبدأ يظهر للسطح بشكل لافت.
حيث رفعت معارك كريتر الغطاء عن صراع الأجنحة الخفي بين قيادات المجلس التي تنتمي للضالع ويافع من جهة، وبين تلك القيادات المنتمية لردفان من جهة أخرى.
فبعد أن همش المجلس الانتقالي الذي تسيطر عليه قيادات الضالع، أبناء أبين وشبوة، انتقل إلى تهميش وإقصاء أبناء محافظة لحج خاصة مديرية ردفان التي لها حضور بارز في القوات العسكرية التابعة للانتقالي.
فشنت قوات المجلس الانتقالي بقيادة أوسان العنشلي - من الضالع - هجوم كبير على قوات إمام النوبي - من ردفان - الأمر الذي تسبب بسقوط ما لا يقل عن 30 بين قتيل وجريح، وتدمير وحرق عدد كبير من منازل المدنيين وسياراتهم.
محاولة إخفاء الصراع
المجلس الانتقالي حاول عبر وسائل إعلامه إحتواء الموقف الذي بدأ بالخروج عن سيطرته، فأعلن أن إمام النوبي متمرد وأن قوات المجلس تقوم على إخماد ذلك التمرد في كريتر.
وبثت الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي فيديو يظهر فيه مختار النوبي الأخ غير الشقيق لإمام النوبي وهو يتحدث شكل متوتر عن " اللحمة الوطنية" وإفشال مخططات " الإخوان" كما قال.
مراقبون وصفوا ظهور مختار بذلك الشكل محاولة يائسة من قيادات المجلس للتعتيم على الصراع الحقيقي الذي يعاني منه الانتقالي جراء العنصرية والإقصاء المعتمد، والانعكاسات السلبية لعملية التحريض المناطقي التي دأب المجلس الانتقالي على تغذيتها.
اتساع الشرخ
رغم محاولة المجلس الانتقالي تغطية الصراعات المتفجرة بين قياداته العسكرية والمدنية، وطمأنة أنصاره بأن موقف جميع القيادات واحد، فقد كشف القرار الأخير الذي اتخذه عيدروس الزبيدي حجم الصراع الداخلي الذي يعيشه الانتقالي.
فقد قرر عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي ( وتربطه علاقة نسب بأوسان العنشلي) إقالة مختار النوبي من منصبه في قيادة قوات الحزام الأمني، وتعيين بدلاً عنه جلال الربيعي اليافعي، الأمر الذي يؤكد وجود حالة صراع محتدم بدأ بالتصاعد بشكل متسارع.
حاول المجلس خلال الأيام الماضية الضغط على مختار النوبي من أجل إظهار موقف إعلامي يعبر عن وحدة المجلس، لكن قرار عيدروس كشف اللثام عن حدة التوتر بين قيادات الانتقالي وعدم التفاهم والاتفاق.
مراقبون يرون أن إقالة مختار النوبي من منصبه بهذا الشكل السريع ستكون له انعكاسات سلبية خلال الأيام القادمة خاصة مع الدعم والتأييد الذي يُحظى به من قبل أبناء ردفان داخل الحزام الأمني.
حملة مداهمات واعتقالات
لم يكتفي المجلس الانتقالي بقرار إقالة النوبي، فقد شن حملة مداهمات واعتقالات مساء الأربعاء، بحق أنصار مختار وإمام النوبي، أي بعد ساعات من قرار الإقالة، تخوفاً من ردة الفعل التي قد تتطور لمواجهات مسلحة.
ووفقاً لمصادر محلية في عدن فإن حملة الاعتقالات لا تزال مستمرة، وتطال العشرات من الكوادر الأمنية والعسكرية التابعة للأخوين مختار وإمام النوبي.
يسعى المجلس من خلال حملة الاعتقالات لقطع الطريق أمام اتباع إمام النوبي، لثنيهم عن القيام بأي عمل مسلح قد يشعل المعارك من جديد.
مستقبل هش
مع وجود الصراعات المسلحة التي بدأت تعصف بالمجلس الانتقالي بات مصيره مهدد بالتلاشي والزوال.
فسيناريو 13 يناير 1986م، لا يزال يخيم على عقول الجنوبيين الذين يرون المعارك تتجدد وتنشب لأتفه الأسباب في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الانتقالي.
ويعتقد مراقبون أن تركيبة المجلس الانتقالي " المناطقية" التي اعتمدت عليها دولة الإمارات في تأسيسه، ستكون هي السبب في انهياره سياسياً وعسكرياً مع الأيام.
فالمجلس الذي بات يشعر بحالة ضيق وحصار شعبي في عدن قد يلجأ للمعارك والاقتتال للتفريج عن نفسه، ورفع الحرج عن فشله في تحسين الخدمات واستتاب الأمن.
ومع مرور الوقت سيخسر المجلس الانتقالي أبناء ردفان الذين باتوا يرون فيه مجلس خاص بالضالع ويافع على حساب بقية المناطق الجنوبية حتى التي شاركت في تأسيسه.