يؤكد مراقبون وسياسيون أن الضغوطات التي مارستها الرياض وأبو ظبي على الرئيس هادي، ونتج عنها إقالة "بن عديو" من منصب محافظ شبوة، وتعيين الشيخ عوض الوزير العولقي خلفًا له، تهدف للإضرار بالمحافظة وإسقاطها فى بؤرة الفوضى والأجندة المعادية، بعد أن كانت النموذج الإيجابي بين كل المحافظات اليمنية.
وفسر المراقبون إقالة بن عديو، بأنها إجراء عقابي لمسؤول يمني حافظ على وطنيته، وانحاز للمصلحة الشعبية ووقف مدافعًا عن السيادة، وذلك بعد أن كرر مطالباته للقوات الإماراتية بمغادرة منشأة بلحاف الغازية، من أجل استئناف تشغيلها لرفد اقتصاد البلد وتعود بالفائدة لصالح تنمية المحافظة.
حيث أنزعجت الإمارات ومعها السعودية من إصرار بن عديو على ضرورة خروج قوات أبو ظبي من بلحاف، وتصريحاته القوية والواضحة لوسائل الإعلام، وهو موقف وطني كشف حقيقة التحالف، ما دفع بالأخير للانتقام من بن عديو، وقهر ملايين اليمنيين الذين أشادوا بتصريحاته ومواقفه.
وعقب تصعيد السلطة المحلية بشبوة ضد التواجد الإماراتي في بلحاف، في أواخر أغسطس الماضي، وتدخل قوات سعودية تحت مسمى "وسيط" للتهدئة وتحديد فترة شهرين إلى ثلاثة أشهر لخروج قوات أبو ظبي من منشأة بلحاف، إلا أن التحالف ذاته أصرّ على الانتقام من المحافظ بن عديو، من خلال إسقاط مديريات بيحان بيد مليشيا الحوثي، عقب ثلاثة أسابيع.
وفي 21 سبتمبر الماضي، أعلنت مليشيا الحوثي سيطرتها على مديريات بيحان و عين وأجزاء من عسيلان، في غضون ساعات من نهار، عقب اشتباكات محدودة مع القوات الحكومية،حيث أكدت حينها مصادر محلية لوكالة "يمن للأنباء" أن عناصر وشخصيات موالية للانتقالي المدعوم للإمارات، ساهمت في إسقاط المديريات بأيدي المليشيا الحوثي، من خلال مساعدة عناصر المليشيا على التسلل إلى داخل المديرية واستقبالهم في البيوت، ومن ثم ضرب الجيش من الخلف.
كما تمثل الانتقام الإماراتي بدفع مليشيا موالية للانتقالي داخل المحافظة إلى تدشين احتجاجات وفعالية ضد "محمد بن عديو"، واتهامه بالوقوف وراء الانهيار الاقتصادي في المحافظة، وجرى تفعيل وتمويل مواقع الكترونية وصفحات في وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف شيطنة بن عديو.
ولم تكتفِ الإمارات بذلك، بل دفعت الشيخ المؤتمري الموالي لها "عوض الوزير"، بالعودة إلى المحافظة، في أكتوبر الماضي، لقيادة الاحتجاجات الفوضوية ضد بن عديو والسلطة المحلية، بعد أن ظل غائبًا عن المحافظة ومغتربًا في أبو ظبي لأكثر من عشر سنوات.
ولم يكن يتوقع أبناء شبوة بأن الشيخ عوض بن الوزير الذي أعادته الإمارات لقيادة الفوضى وتحريض المواطنين ضد السلطة المحلية، سيُفرض لاحقًا محافظًا لشبوة، بدلًا عن الرجل الذي استطاع خلال ثلاث سنوات انتشال المحافظة من بين ركام الحرب ووحل النسيان إلى فضاءات التنمية والاستقرار.
وفي نوفمبر الماضي، انتهت المدة الزمنية التي طلبت الوساطة السعودية من السلطة المحلية السماح بها، لترتيب خروج قوات أبو ظبي من بلحاف، غير أن تلك القوات رفضت الخروج، وهو ما دفع الرأي العام الشعبي للتذكير بقضية بلحاف وإعادتها إلى الواجهة.
"ضغوطات وابتزاز قبيح"
وبحسب المعلومات، فقد لجأ التحالف السعودي الإماراتي للضغط على الرئيس هادي لإجباره على إقالة "محمد بن عديو" من منصب محافظ المحافظ، كعقاب له على مواقفه الوطنية.
وتضيف المعلومات المصدرية، أن السعودية هددت الرئيس هادي بإيقاف الطيران عن جبهات مأرب التي تشهد معارك عنيفة وهجمات حوثية شرسة، وإيقاف أي دعم لتلك الجبهات، في حال رفض إقالة بن عديو.
فيما استغلت السعودية السخط الشعبي الواسع ضد الحكومة والشرعية جراء الانهيار غير المسبوق للعملة المحلية وتردي الأوضاع المعيشية، ووعدت الرئيس بمعالجة الوضع الاقتصادي وتقديم مبالغ مالية كوديعة، بشرط إقالة بن عديو من منصب محافظ شبوة.
كما وعد التحالف السعودي الإماراتي، بتحرير مديريات بيحان ومحافظتي مأرب والبيضاء، في حال استجاب الرئيس هادي للضغوط، وأقال "بن عديو"، وعيّن الشيخ عوض الوزير محافظًا لشبوة خلفًا له، وهو ما اعتبره المراقبون "أقبح صور الابتزاز".
والسبت الماضي، استجاب الرئيس هادي لضغوطات الرياض وأبو ظبي، وأصدر قرارا جمهوريا بإقالة بن عديو وعيّن عوض الوزير محافظًا لشبوة خلفًا له، وهو قرار أثار غضبًا شعبيا واسعًا.
ويوم الاثنين الفائت، عقب يومين من إقالة بن عديو، وصلت قوات من ألوية العمالقة المدعومة إماراتيًا إلى شبوة تحت ذريعة المشاركة في استعادة مديريات بيحان من الحوثيين. وفي اليوم التالي (الثلاثاء) أعلنت قوات العمالقة سيطرتها على مطار عتق.
ويتوقع خبراء عسكريون أن تحدث مسرحية لإخراج مليشيا الحوثي من مديريات بيحان بصورة سريعة، بذات الطريقة التي جرى بها إداخلها في الواحد والعشرين من سبتمبر الماضي.
وأشاروا إلى أن التحالف سيعلن استعادة مديريات بيحان، من أجل صناعة رمزية للمحافظ الجديد عوض الوزير، ومحاولة تسويقه للمواطنين على أنه محرر شبوة ومنقذها، رغم معرفة المواطنين أنه مجرد أداة تابعة للإمارات والتحالف، وجرى فرضه لتمرير أجندة معادية وإسقاط شبوة في وحل الفوضى، بعد أن كانت نموذجًا إيحابيًا ومشرقًا للشرعية اليمنية.