الرئيسية - عربي ودولي - مسئول في الرئاسة التركية يكشف عن تطورات العلاقات التركية الإماراتية والاستقرار في الشرق الأوسط

مسئول في الرئاسة التركية يكشف عن تطورات العلاقات التركية الإماراتية والاستقرار في الشرق الأوسط

الساعة 11:31 مساءً (هنا عدن / خاص )

 

 



**فخر الدين التون 

عودة العلاقات بين تركيا والإمارات العربية المتحدة إلى المتانة من جديد، تؤكد أن زيادة مستوى التعاون في جميع المجالات سيكون من شأنها خدمة مصالح الدولتين وكذلك مصالح كل المنطقة. فمواقف تركيا الثابتة والمستقرة، والدينامية النشطة المهمة التي تتمتع بها الإمارات من شأنها أن تتمكن من إيجاد حلول دائمة في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية الخطيرة التي تعاني منها المنطقة.
وتسعى كل من تركيا والإمارات إلى تعميق علاقاتهما الثنائية في سبيل سعيهما المشترك إلى حلول عملية لمشاكل المنطقة، وعازمتان كل العزم على رفع مستوى التعاون الإقليمي وخلق فرص استثمارية جديدة من شأنها توطيد أواصر علاقات اقتصادية متينة. ونعتقد أننا بحاجة إلى إقامة روابط اقتصادية قوية وآليات حوار داخل المنطقة بما يمكن من تشييد أسس سلام إقليمي.
دأبت تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان على تبنى مفهوم تعزيز وتقوية أواصر العلاقات مع الأشقاء في الخليج العربي من أجل إرساء الاستقرار وتحقيق السلام في المنطقة، وتؤمن أن مستقبل المنطقة يجب أن يقوم على أساس التعاون الاقتصادي والحوار السياسي، وتتشارك مع قيادة الإمارات هذه الرؤية ومستعدة للعمل معها من أجل منطقة أكثر استقراراً وازدهاراً. وزيارة أردوغان القادمة إلى الإمارات تؤكد أهميتها الحساسة في المنطقة من حيث المساهمة في تحقيق هذه الأهداف.
لقد أدت الصراعات في الشرق الأوسط على مدى العقدين الماضيين إلى فترات طويلة من عدم الاستقرار، وزادت من مستويات التوتر والكوارث الإنسانية، حيث يعيش الملايين في ظروف صعبة. فقد أدت الحروب الأهلية إلى دول ضعيفة ومشاكل أمنية. وحاولت تركيا خلال هذه المرحلة، أن تكون قوة لتحقيق الاستقرار من خلال إعطاء الأولوية للحوار والدبلوماسية والحلول الإقليمية في مواجهة هذه التحديات غير المسبوقة.
وتنبع جهود تركيا من منظور أنه ليس هناك خيار سوى تعزيز التعاون والحوار. ونحن ندرك أن دولة بمفردها لا تستطيع حل المشاكل في المنطقة حيث يتطلب ذلك التعاون والتنسيق الإقليميين. وتتمثل الخطوة الأولى في الوصول إلى نهج مشترك لحل المشاكل في المنطقة، بالتغلب على الخلافات الثنائية من خلال المشاركة الاستباقية. وقد رأينا في أنقرة الشهر الماضي خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن كلاً من تركيا والإمارات تشتركان في رؤية منطقة أكثر سلاماً وازدهاراً. فبالنسبة لكلا البلدين، كان هذا الأمر القاسم المشترك الأكبر في حواراتهما الثنائية. ومع زيارة أردوغان إلى الإمارات، نأمل في تعزيز ومواصلة الحوار البنّاء باسم السلام الإقليمي، وكذلك الارتقاء بالعلاقات إلى المستوى الأعلى.

نحن نعتقد أنه يمكن لدول المنطقة في هذا العالم المتغير، أن تتخذ خطوة نحو بناء علاقات قوية للتعامل مع المشاكل المشتركة. حيث إن استيراد الأمن من أطراف خارج المنطقة والانتظار بأن يجلبوا الاستقرار لم يأتيا بحل فعال لمشاكل المنطقة. 
إن الاستقرار والسلام الدائم لا يمكن أن يتحققا إلا من خلال المبادرات الإقليمية الحقيقية. ومن هنا جاء الحديث عن رغبة تركيا والإمارات الرامية إلى القيام بدور الريادة في المبادرة الإقليمية التي تتوخى محاولة حلحلة المشاكل القائمة والتماس المصالح المشتركة. ومن خلال الشركاء الإقليميين سنتمكن من تغيير مجرى التاريخ بكل المنطقة.
إننا على يقين تام أن التعاون الاقتصادي الإقليمي سواء على المستوى الثنائي أو من خلال البرامج المتعددة الأطراف، من شأنه تثبيت أساس صلب للاستقرار والسلام اللذين نحن في أمس الحاجة إليهما. فالأوضاع القاسية التي تعاني منها مناطق الصراع في الشرق الأوسط من اليمن إلى فلسطين والعراق وغيرها من المناطق، وعجز العديد من الدول عن تحقيق الأهداف الإنمائية، والبطالة التي يعاني منها الشباب، ومشكلة اللاجئين والنازحين، ليست سوى بعض من المشاكل المزمنة التي تحتاج إلى حلول بشكل عاجل وملح.
وبإمكان كل من تركيا والإمارات التخفيف من وطأة الأزمة الإنسانية التي تعاني منها شعوب المنطقة، وذلك بتوحيد جهودهما ليشكلا نموذجاً يحتذى به ليضم باقي دول المنطقة. وقد بات ضرورياً العمل على اتخاذ تدابير وقائية لتصحيح المشاكل السياسية والاقتصادية المتفاقمة. ونحن على يقين تام أن من شأن التعاون الحقيقي بين تركيا والإمارات تمهيد الطريق لتخفيف وطأة هذه المشاكل وإفساح المجال أمام استغلال جيد وفعال للإمكانيات والقدرات الاقتصادية والاجتماعية. فالمنطقة غنية بالإمكانيات والمصادر والثروات، وأيضاً الديناميكية والنشاط والثروة البشرية الحيوية لأن تكون أساساً متيناً لنشر الرخاء والرفاهية في كل المنطقة. ونأمل كثيراً من روابطنا المتينة مساعدة أجيالنا الشابة على التطور والنماء.
ونحن على وشك الخروج من جائحة قد كلفت العالم كثيراً. ويبدو النور في نهاية النفق الذي يعد بفرص وبتحديات جديدة. نرى أن العالم لن يكون هو نفسه وأنه لا بد من نهج مختلف للغاية ضروري للتعامل مع التحديات العالمية والإقليمية التي نواجهها في عالم ما بعد الجائحة. وفي عصر يتزايد فيه عدم الاستقرار وعدم استطاعة التنبؤ بالتطورات العالمية، لم يعد التعاون العالمي والإقليمي خياراً بل ضرورة. وتتطلب منطقتنا توافقاً وتنسيقاً وتعاوناً أكثر من أي منطقة أخرى في العالم.

 


*مدير دائرة الاتصال بالرئاسة التركية.