وصل الجمعة الماضية البحارة الأمريكيون المنسحبون من البحر الأحمر بحاملة الطائرات الأمريكية الأضخم “دوايت دي آيزنهاور” ومجموعتها القتالية الهجومية الأقوى من بين الترسانة الحربية التابعة للبحرية الأمريكية، إلى ولاية فرجينيا في الولايات المتحدة، والتي أجبرت على المغادرة من منطقة البحر الأحمر وخليج عدن على وقع الخسائر الفادحة التي تكبدتها طوال فترة انتشار استمرت ٣ فترات متتالية وعلى مدى ٩ أشهر من المواجهات اليومية مع القوات البحرية اليمنية والصواريخ الباليستية المضادة للسفن التي أدخلتها اليمن لأول مرة في تاريخ البشرية للخدمة العسكرية الهجومية البحرية، والطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة والزوارق السطحية المسيرة والغواصات غير المأهولة التي استهدفت عشرات المرات السفن الحربية الأمريكية التي نشرتها واشنطن في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي بقيادة حاملة الطائرات آيزنهاور التي تعرضت هي الأخرى لأربع ضربات متتالية خلال أسبوع واحد فقط قبل قرار البنتاغون بانسحابها من البحر الأحمر بأيام قليلة جداً.
وأدى تصاعد المواجهات البحرية بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية وتصاعد الهجمات اليمنية والتكتيكات المتبعة للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة بوارج ومدمرات البحرية الأمريكية إلى إفشال خطط حاملة الطائرات “آيزنهاور” التي تم جلبها للمنطقة بهدف تحييد اليمن عن مساندة غزة ورفع الحظر الذي فرضته القوات اليمنية عن الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي وصولا للبحر الأبيض المتوسط.
من تفاصيل المعركة
أكدت “أسوشيتد برس” في تقرير لها، رصده وترجمه “المساء برس”، أن الطيارين البحريين الأمريكيين عادوا إلى فرجينيا أمس الأول الجمعة بعد ٩ شهور من الاشتباكات البحرية المكثفة قبالة سواحل اليمن، حيث واجهوا صواريخ وطائرات بدون طيار أطلقها الجيش اليمني.
ووصفت الوكالة هذه المعركة بأنها “أشد مواجهة بحرية للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية”، معترفةً بأن الهجمات اليمنية كانت “تستهدف سفنًا مرتبطة بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو بريطانيا”.
وتحدث القائد بنجامين أورلوف، طيار في البحرية الأمريكية ضمن مجموعة “آيزنهاور”، عن التجربة الصادمة التي مروا بها، مؤكدًا أن الاشتباكات كانت مختلفة بشكل لا يصدق عن أي تجربة سابقة للبحرية الأمريكية. وقال: “لقد كان الأمر صادمًا حقًا في بعض الأحيان ولم نفكر فيه من قبل حتى نواجهه”.
وتضمنت الشهادات والاعترافات التي نقلها التقرير أن البنتاغون يعمل حالياً على معالجة البحارة الأمريكيين نفسياً بسبب الصدمات التي تعرضوا لها خلال الاشتباك مع القوات والأسلحة اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن على امتداد هذه الفترة.
تحوّل موازين القوى
تكشف هذه التصريحات عن تحول كبير في موازين القوى في المنطقة، فقد أظهرت القوات المسلحة اليمنية بقيادة أنصار الله قدرتها على مجابهة أقوى تشكيل بحري في العالم متمثل بمجموعة “آيزنهاور” الأمريكية، بالرغم من إمكاناتها العسكرية المتواضعة مقارنة بالقوة الأمريكية الهائلة. هذا النجاح يعكس صعود قوة إقليمية جديدة في المنطقة قادرة على تحدي الهيمنة البحرية الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية.
اليمن يؤثر على خطط البحرية الأمريكية
هذه المعارك والانسحاب الأمريكي من المياه الدولية القريبة من اليمن تشير إلى تغييرات استراتيجية كبيرة في المنطقة، فالقوات المسلحة اليمنية أصبحت قادرة على التأثير في خطط وتحركات البحرية الأمريكية، مما يعزز من موقفها السياسي والعسكري، كما أن هذا التطور قد يدفع الدول الأخرى في المنطقة إلى إعادة تقييم تحالفاتها واستراتيجياتها العسكرية.
في المحصلة، يعكس التقرير الأمريكي الصادر عن وكالة “أسوشيتد برس” تحولًا كبيرًا في الديناميات العسكرية الإقليمية، حيث بات الجيش اليمني بقيادة أنصار الله لاعبًا رئيسيًا قادرًا على مواجهة القوى العالمية في البحر الأحمر.