يكرس الإعلام الإماراتي في الفترة الأخيرة الحديث عن التوترات المتزايدة بين حزب الإصلاح والسعودية، مسلطاً الضوء على ما يسميها “التحديات التي تواجه جهود السلام في اليمن”، والتي تحاول أبوظبي إلقاء اللوم عن هذه التحديات إلى حزب الإصلاح وفي أحيان أخرى على حكومة صنعاء وأنصار الله.
وتسعى الإمارات من خلال هذه السياسة الإعلامية التي تمضي فيها منذ بدء تحريك المفاوضات بين صنعاء والرياض، تسعى إلى تأكيد دورها كحليف رئيسي للسعودية في مواجهة التهديدات المشتركة، وفي الوقت ذاته، تقويض نفوذ الإخوان في اليمن، مما يعزز من استراتيجيتها طويلة الأمد لدعم المجلس الانتقالي الجنوبي التابع لها وتحقيق أهدافها الإقليمية.
مؤخراً نشرت صحيفة “العرب” الصادرة من لندن، والممولة من الإمارات، تقريراً يسلط الضوء على تدهور العلاقة بين الرياض وحزب الإصلاح اليمني (الإخوان المسلمين) المشارك في ما تسمى “السلطة الشرعية” المنفية المدعومة من السعودية والمقيم مسؤوليها في السعودية أيضاً.
التقرير الإماراتي يعكس محاولة ابوظبي التقرب من الرياض من خلال تصوير الوضع على أن هناك تصادما بين الإصلاح والرياض وأن الأخيرة تقود جهوداً للسلام في اليمن باعتبارها وسيط وليست طرفاً في الحرب التي قادتها وأعلنتها ضد اليمن من العاصمة الأمريكية واشنطن.
النقاط الرئيسية في التقرير:
1. تعطيل المفاوضات:
أشار التقرير الإماراتي إلى أن حزب الإصلاح حاول تعطيل المفاوضات بشأن الأسرى التي عقدت في مسقط، وعمل على تصعيد الصراع المالي بين حكومة التحالف وصنعاء. وتريد الإمارات بذلك القول بأن الإصلاح وبهذا التصعيد يثير الشكوك حول دوافعه وولاءاته.
2. المظاهرات والتحريض:
استخدم الإخوان قاعدة جماهيرية في تعز ومأرب لتنظيم مظاهرات مؤيدة للعقوبات الاقتصادية والمالية والمدفوعة أمريكيا ضد الشعب اليمني وحكومة صنعاء، وهنا تريد الإمارات القول بأن الإصلاح استخدم قضية تزعم أبوظبي والرياض وأتباع واشنطن أنها “قضية محقة” لغايات حزبية ضيقة، على الرغم من ان الإمارات سواء بشكل مباشر أو عبر أدواتها تمارس الشيء ذاته.
3. الهجوم على المبعوث الأممي:
انتقد حزب الإصلاح المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وهنا أشارت أبوظبي إلى أن الإصلاح له رؤية تعارض الرؤية السعودية.
4. التحالفات السرية والعلنية مع صنعاء:
ويقول تقرير “العرب”: “رغم تحريضهم العلني، أجرى الإخوان اتصالات سرية وعلنية مع الحوثيين”، وهنا تريد ابوظبي القول إن السياسة المتناقضة للإصلاح تهدف إلى تعزيز التوتر بين حكومة التحالف وحكومة صنعاء، على الرغم من ان الإمارات تفعل الشيء ذاته أيضاً عندما لا تكون أي خطوة نحو السلام في اليمن ليست في مصلحتها.
5. موقف السعودية:
وزعمت أبوظبي في تقريرها إلى أن “السعودية تسعى بجدية لتحقيق اختراق نحو حل سلمي للصراع اليمني، متجاوزة المصاعب ومتغاضية عن تهديدات الحوثيين، بينما يسعى حزب الإصلاح للحفاظ على مكاسبه في مأرب”، وهي بذلك تريد القول إن على النظام السعودي ضرب الإصلاح إلى الأبد والقضاء عليه أو على الأقل منح الرياض لأبوظبي ضوءاً أخضر للقضاء على الحزب في المناطق التي يسيطر عليها والتي تعد أطماعاً تسعى أبوظبي للسيطرة عليها منذ سنوات ولم تتمكن بسبب تصادم مصالحها مع مصالح السعودية وكلاهما مصالح غير مشروعة في مناطق سيطرتهما جنوب وشرق اليمن.
الدور الإماراتي:
الإمارات تمارس دوراً رئيسياً في جنوب اليمن منذ انخراطها في الحرب على اليمن عام 2015. وقد اتبعت استراتيجية واضحة لدعم المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يعارض حزب الإصلاح والإخوان المسلمين ويدعو لتفكيك اليمن جغرافياً.
وبالمحصلة من خلال تحليل الخطاب الإعلامي الإماراتي، يمكن استخلاص الحقاىق التالية:
1. تقويض حزب الإصلاح:
تصوير الإخوان كعقبة أمام تحقيق السلام في اليمن يعزز من موقف الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي، ويضعف نفوذ الإصلاح في الساحة السياسية اليمنية.
2. تعزيز العلاقات مع السعودية:
إبراز أبوظبي للتباين بين رؤية السعودية والإخوان يهدف إلى تقوية التحالف السعودي الإماراتي، مع محاولة أبوظبي إيهام الرياض أنها ملتزمة بدعم السعودية من اجل السلام في اليمن، وانها -أي أبوظبي- لن تتخطى القرار او الهيمنة والنفوذ السعودي في اليمن والتحكم بالملف اليمني.
3. تأكيد السيطرة في الجنوب:
أما دعم سردية أن الإصلاح يسعى للحفاظ على مكاسب حزبية ضيقة في مأرب فهو يعزز من ورقة الأدوات الإماراتية كالمجلس الانتقالي الجنوبي وقوات طارق عفاش كقوة عسكرية وسياسية رئيسية في مناطق نفوذ وسيطرة التحالف السعودي جنوب وشرق اليمن.