هنا عدن | مقالات
تعيش حضرموت اليوم مرحلة فارقة من تاريخها، حيث تقف بين مطرقة الفساد الذي ينهب نفطها وسندان التدخلات الإقليمية التي تحاول استغلال هذه المحافظة الغنية لصالح أجنداتها. إلا أن التحركات الشعبية الأخيرة، التي تضمنت قطع الطريق على قواطر النفط، أظهرت وعياً وطنياً متقدماً لدى أبناء حضرموت، وأثبتت قدرتهم على مواجهة الظلم والفساد، رغم التحديات.
لطالما كانت موارد حضرموت، محل أطماع قوى محلية وإقليمية تتنافس على نهبها. لكن الهبات الشعبية لاسيما الأخيرة كانت بمثابة صفعة قوية لهذه القوى، خصوصاً بعد أن تمكن أبناء حضرموت من إيقاف قواطر النفط ومنع تهريبه. هذه الخطوة أربكت حسابات الجهات المتورطة، ما دفع محافظ حضرموت، إلى محاولة احتواء الموقف باستخدام سياسة التخويف والترغيب. وبضغط خارجي لجأ إلى أسلوب مزدوج يقوم على التهديد باستخدام القوة العسكرية، مع إغراءات سياسية تهدف إلى شراء الذمم. حيث تم تجهيز النخبة ومعسكر بارشيد و درع الوطن للتدخل العسكري، بالتزامن مع تقديم عروض منها مناصب وبعض الاصلاحات.
ان استجابة قيادات الهبة لهذه العروض، أورضاها سيجعل منها شريكاً في الفساد الذي كانت تحاربه. وسيفقد تلك القيادات الثقة عند أبناء حضرموت.
ورغم توقعاتنا بانزلاقات من هذا النوع، فان هناك أمل بان كثير من مشايخ الهبة سيستمر نضالهم ولن يتوقف، كما تجلت مواقف مشرفة للقيادات العسكرية الحضرمية التي رفضت تنفيذ الأوامر بشن الحرب على أهلهم وأظهرت هذه القيادات حكمة وطنية وحرصاً على حضرموت وتجنيبها سيناريو الصراعات الداخلية التي دمرت مناطق جنوبية أخرى.
ان تلك الحلول التي اعلن عنها المجلس الرئاسي لا تعبر عن انتهاء الازمة، فلا نشك ان تلك الإصلاحات المؤقتة لن تثمر حلولا حقيقية, وهنا يبقى الآمل بإعادة ترتيب الصف الثوري في حضرموت، باختيار ممثلين صادقين ونزيهين يحملون هموم الشعب ويسعون لتحقيق تطلعاته فإن حضرموت، بتاريخها العريق وقيمها الحضارية وأبنائها المخلصين، قادرة على قيادة ثورة وطنية تعيد الأمور إلى نصابها. وإذا انطلقت هذه الثورة من حضرموت، فإنها ستكون شرارة تلهم باقي المحافظات المحررة التي أنهكها الفساد وتنتظر من يعيد ترتيب صفوفها.
إن المرحلة الحالية تتطلب من أبناء حضرموت رؤية واضحة وقيادة موحدة تجمع بين النزاهة والوطنية، بعيداً عن الأجندات الخارجية وترفض الشراكة والمحاصصة التي تفسد أي محاولة للتغيير. إن حضرموت ليست فقط مركزاً للثروة، بل هي مركز للوعي الوطني، وقد تكون نقطة الانطلاق الحقيقية لتغيير حقيقي في كل البلاد.