الرئيسية - أخبار محلية - العيش في عدن.. إما متسول أو مجنون أو مسؤول فاسد

تقرير مؤلم

العيش في عدن.. إما متسول أو مجنون أو مسؤول فاسد

الساعة 06:43 صباحاً (هنا عدن : متابعات الايام )



b data-reader-unique-id="4">في شوارع عدن.. للجوع وجه محجّب وللفقر صوت خافت
> في أحد شوارع العاصمة عدن، حيث تتعاظم المعاناة يوما عن يوم وتتعمق المآسي، يظهر هذا المشهد ليختصر حجم الألم الذي يعيشه أبناء المدينة المنهكون بفعل تدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشية، ومعها يتوارى مسؤولون خلف التبريرات الجوفاء والمزايدات السياسية ويتفرغ آخرون لمشاريعهم الخاصة واستثماراتهم وتجاراتهم المشبوهة.

هذه الصورة الصادمة تسلط الضوء على مشهد ثلاث نساء يجلسن على الأرض، يفترشن الأرصفة للتسول، فيما تظهر المسافة بين الواحدة والأخرى لا تتجاوز المترين في مشهد يروي حكاية مدينة لم يعد فيها مكان إلا للفقر والجوع.

بين الأرصفة المغبرة والأبواب المغلقة، جلست ثلاث نساء محجبات، رؤوسهن مطأطئة ووجوههن مخفية خلف حجاب يخفي أكثر من مجرد ملامحهن، يخفي كرامة أُجبرت على الانحناء تحت وطأة الحاجة. هؤلاء النسوة اخترن التخفي والجلوس بصمت، متعففات في تسولهن، متشبثات بآخر خيوط الكبرياء، وهن يمددن أيديهن بخجل للمارة بحثاً عن لقمة تسد جوع أطفالهن.

في الشارع ذاته وبالقرب من النساء الثلاث يظهر رجل يسير وسط الشارع عاري البدن، يبدو أنه أحد ضحايا الأزمات النفسية التي تفاقمت بسبب الفقر المدقع وانعدام أبسط مقومات الحياة، صورة هذا الرجل، الذي كان يوماً ما جزءاً من نسيج المجتمع العدني السليم، أصبحت اليوم مرآة لواقع يتهاوى تحت ضربات التدهور الاقتصادي المستمر.

تعاني عدن من أزمة اقتصادية خانقة تتمثل في انهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية الأساسية وانعدام القدرة الشرائية، الرواتب أيضا مقطوعة وفرص العمل باتت شبه معدومة، مما دفع العديد من الأسر إلى حافة الجوع، وفي هذا المشهد القاتم، كان التسول هو الخيار الوحيد الذي لجأت إليه العديد من النساء، وهن يحاولن الحفاظ على ما تبقى من كرامتهن بالاحتماء وراء الحجاب.

وبينما تزداد معاناة المواطنين، يعيش المسؤولون المحليون بحومة الشرعية اليمنية المجلس الانتقالي الجنوبي الحاكمين والمسيطرين على عدن.. يعيشون في رفاهية مفرطة، مستمتعين بعائدات الضرائب والجمارك والكسب غير المشروع، عيونهم مغلقة عن معاناة الفقراء الذين يموتون جوعاً في الشوارع، وآذانهم صماء عن نداءات الأمهات الثكالى والآباء المحطمين.

هذا المشهد الذي يثير الحسرة والحزن والغضب في آن واحد، هو نداء ضمني للشعب ليقف وقفة حق في وجه الظلم.. إنها دعوة للتوحد والمطالبة بالعدالة الاجتماعية وإسقاط نظام يعيش على معاناة الكادحين، فالثورة الشعبية، في هذا الواقع المرير، ليست فقط حقاً، بل واجباً على كل من يؤمن بأن الحياة الكريمة وحق للجميع، وليس امتيازاً لقلة.

في شوارع عدن، الجوع له وجه محجب، والفقر له صوت خافت، والكرامة تسكن وراء الحجاب، ومع ذلك، يبقى الأمل في أن يستيقظ الشعب يوماً ليعيد بناء وطن يتسع للجميع، حيث لن تكون الأرصفة ملجأً للأمهات، ولن تكون الشوارع مسرحاً لمآسٍ صامتة.