قوبل استضافة دولة الإمارات وزيرا إسرائيليا في ذروة حرب الإبادة في غزة بانتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تنديد شديد بالتطبيع والتحالف العلني الذي تصر عليه أبوظبي مع تل أبيب.
ووصف نشطاء ومغردون لقاء وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان، مع الوزير الإسرائيلي جدعون ساعر، في أبوظبي، بأنه تعبير عن العار الإماراتي وانسلاخ كامل عن المواقف القومية العربية.
وجاء استقبال الوزير الإسرائيلي في أبوظبي في وقت يعاني فيه أكثر من مليوني فلسطيني من أوضاع إنسانية كارثية نتيجة القصف المستمر والحصار المشدد، وغياب أي ممرات آمنة للمساعدات أو الإجلاء.
وقالت وكالة أنباء الإمارات (وام)، إن الجانبين بحثا مجمل التطورات الراهنة في المنطقة وتداعياتها، لاسيما الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، وتطرقا إلى الجهود الإقليمية والدولية لاستئناف اتفاق الهدنة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى.
وقد كرر عبدالله بن زايد عقب اللقاء الحديث عن ما يسميه “تضافر الجهود الإقليمية والدولية للتصدي للتطرف والكراهية والعنصرية”، في إشارة إلى المقاومة الفلسطينية.
ومنذ توقيع اتفاق التطبيع بين أبوظبي والاحتلال الإسرائيلي في سبتمبر 2020، تسارعت العلاقات بين الطرفين على مختلف المستويات، الاقتصادية والتجارية والتقنية وحتى الأمنية، في وقت لم تتوقف فيه الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة.
ورغم تصاعد الجرائم الإسرائيلية في غزة، لم تتخذ أبوظبي أي خطوات جادة لتعليق العلاقات أو حتى مراجعتها، بل استمرت الأنشطة التجارية المشتركة. وتُظهر البيانات الرسمية أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين بلغ في عام 2024 حوالي 3.24 مليار دولار، مما يمثل زيادة بنسبة 11% مقارنة بالعام السابق.
وتأتي اللقاءات المتكررة بين المسؤولين في أبوظبي والإسرائيليين رغم الدعوات فلسطينية والإسلامية المتكررة إلى وقف التطبيع وتجميد العلاقات السياسية والاقتصادية مع دولة الاحتلال.
وفي 18 مارس الماضي، تنصل الاحتلال الإسرائيلي من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير الفائت، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.
وبدعم أمريكي مطلق يرتكب الاحتلال، منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
وتتزايد الدعوات إلى عزل النظام الإماراتي عن المنظومة العربية وسط توالي حقائق انحياز أبوظبي ضد الأمن العربي ومعاداتها القضية الفلسطينية بحرصها على التحالف الكامل مع إسرائيل.
وعلى مدار عقود انطبع على موقف الإمارات معارضتها الثورات العربية، ومن ثم قرارها بالانحياز المطلق ضد المسارات الديمقراطية، ما يستدعي التقاطع مع الموقف الإسرائيلي من عمليات التغيير في المنطقة، وبالتالي الاقتراب من الكيان المحتل نفسه.
وقد قادت الإمارات اتفاقيات تطبيع مع الاحتلال في نهاية ولاية ترامب الأولى، ولم تكتفِ بمجرد التطبيع السياسي، بل فرضت تطبيعا شعبيّا بصورة لم تظهر في مصر والأردن، رغم أن تطبيعهما السياسي تجاوز الإمارات بعقود.
وذلك لدرجة أنه لا يمكن لحامل جنسية دولة الاحتلال أن يتجول في القاهرة وهو يحمل علم دولته أو يرتدي رمزا دينيّا، وكذا في عمَّان، وذلك رغم القبضة الأمنية في الدولتين، لكن الإمارات جعلت التواجد الإسرائيلي عاديّا في الشوارع وأماكن الترفيه بدرجة تعصف بكل الأسس العروبية والدينية وأيضا الأمنية.
وقد كشفت حرب الإبادة على غزة جانبا جديدا من مواقف الانحياز الإماراتي إلى الجانب الإسرائيلي، خاصة في التصريحات الرسمية التي تنتقد حركات المقاومة، ومرة أخرى كان الانتقاد الرسمي من مصر محدودا لتلك الحركات، وربما لم تفعله الأردن، رغم خلاف النظامين الحاكميْن مع المقاومة الفلسطينية، والحركات السياسية الإسلامية.
لكن الإمارات لم تترك فرصة إلا وانتقدت فيها حركة حماس، ووصفت هجماتها بالوحشية، ويرفض المتحدثون الإماراتيون ما يقولون إنه “قتل المدنيين” في كيان الاحتلال