�نا عدن | متابعات
تشهد الأسواق في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن وعدد من المحافظات المحررة استمراراً في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات الطبية والتعليمية وأجور النقل، رغم إعلان البنك المركزي اليمني عن تعافي العملة المحلية بنسبة تقارب 50% خلال الأشهر الماضية.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة قد أقرت تسعيرات جديدة تضمنت تخفيضاً للأسعار بنسبة 30%، غير أن معظم القطاعات الخاصة لم تلتزم بها، ما زاد من أعباء المواطنين ومعاناتهم المعيشية.
وبحسب بيانات وزارة الصناعة والتجارة الصادرة في منتصف أغسطس الماضي، فإن قائمة الأسعار المخفضة شملت السلع الأساسية مثل القمح والدقيق والزيوت والسكر، إضافة إلى الخدمات التعليمية والطبية والنقل، إلا أن جولة ميدانية نفذها مراسل وكالة "خبر" أظهرت تلاعب الكثير من المنشآت والجهات الخاصة بالتسعيرات المطروحة.
وذكر مواطنون في حديث لـ"خبر" أن أسعار اغلب السلع شهدت تحسناً طفيفاً، كما أن الأفران ما تزال تبيع قرص الخبز او بمائة ريال رغم عدم تطابق وزنه مع المواصفات الحكومية المُعلنة، في حين أسعار الواجبات في المطاعم والكافيهات الصغيرة لا تزال مرتفعة مقارنة بنسبة تحسن العملة، وتختلف من مديرية إلى أخرى في تضارب يكشف غياب الدور الرقابي الحكومي الفاعل.
كما يواصل مالكو محطات الغاز المنزلي، وبشكل قاطع رفض تخفيض أسعار الأسطوانة التي لا تزال تباع بـ 9 آلاف ريال.
استغلال الوضع الإقتصادي
في قطاع النقل، أكد مواطنون لوكالة "خبر" أن سائقي المركبات يرفضون خفض أجور التنقل داخل مديريات عدن أو إلى خارجها، على الرغم من توجيهات رسمية بخفضها بما يتناسب مع تحسن سعر الصرف.
ويرجع سائقون هذا الرفض إلى ما وصفوه بارتفاع أسعار مادة الغاز التي تعمل بها معظم المركبات، ورسوم الصيانة، بينما يرى خبراء اقتصاديون أن التمسك بهذه التسعيرات يعد استغلالاً للوضع الاقتصادي على حساب المواطنين.
مصادر اقتصادية أكدت لوكالة "خبر"، أن ضعف الرقابة الحكومية وتقاعس الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارتي الصناعة والتجارة والداخلية، ساهم بشكل مباشر في تعطيل تطبيق القرارات الرسمية.
وأشارت إلى أن المغتربين الذين يرسلون تحويلات بالعملة الصعبة، والموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار الأمريكي أو الريال السعودي، يتكبدون أعباء مضاعفة نتيجة هذا التلاعب بالأسعار.
الأعباء الاقتصادية لا تتوقف عند ذلك الحد فقط، بل تمتد إلى القطاع التعليمي، حيث لا تزال شكاوى الأهالي ترتفع، من رفض المدارس الأهلية والجامعات الخاصة الإلتزام بتخفيض الرسوم الدراسية بمنا يناسب تعاف العملة.
وتستغل اغلب هذه الجهات علاقتها بقوى نفوذ البعض منها شريكاً أساسياً في هذه الاستثمارات، حيث تتهرب من التخفيض المناسب بمزاعم واهية.
أزمة انهيار العملة
وفي وقت سابق، كشف محافظ البنك المركزي اليمني أحمد المعبقي أن 145 جهة حكومية لا تزال تورد إيراداتها إلى حسابات خاصة في بنوك تجارية أهلية وترفض توريدها للبنك المركزي، الأمر الذي فاقم من أزمة انهيار العملة في وقت سابق.
ورغم خطورة هذه التجاوزات، لم تفصح الحكومة عن أسماء تلك الجهات، ما يثير تساؤلات حول جدية الإصلاحات الاقتصادية المعلنة.
ويحذر اقتصاديون من أن استمرار هذا التلاعب يكرس حالة من الفوضى ويهدد بعودة انهيار العملة المحلية، خصوصاً في ظل الانقسام الأمني داخل الحكومة الشرعية، حيث يسعى كل طرف إلى فرض تسعيرات مختلفة على السلع والخدمات.
ويرون أن غياب العقوبات الرادعة وضعف الإرادة السياسية في ضبط الأسواق يهددان بفشل خطط التعافي الاقتصادي، ليبقى المواطن هو الخاسر الأكبر.
ومع استمرار غياب الدور الرقابي والانقسام الداخلي في المؤسسات الحكومية، يبقى التهديد الإقتصادي قائماً، ومرهقاً أيضاً ليس على القطاع الحكومي فحسب، بل والمواطنين أيضاً والذين يبقون أكثر تعرضاً للضرر.
وكالة خبر للانباء