هنا عدن - احلام المقالح
عمرو جمال شاب جميل ومبدع في مقتبل العمر ومن مدينة عدن الساحرة ، بدأ مشواره الفني ككاتب, شارك في مهرجان عدن الثالث للفن المدرسي عام 2000، و حصد فيه عدة جوائز منها : أفضل سيناريو، أفضل إخراج، أفضل ديكور، و أفضل تصميم ملابس .
امتهن الكتابة الفنية إلى جانب دراسته الجامعية في كلية الهندسة ، و عمل على تحقيق حلمه بتحويل الشخصيات التي يكتبها إلى أعمال مسرحية تقمصت نصوصه الرائعة .
حاورنا المخرج عمرو جمال ، ودار حديث ممتع تطرّق فيه لتلك العلاقة التي تربطه بالكتابة والإخراج، إضافة إلى مواهب أخرى ..
• ما الذي يفعله عمرو جمال هذه الأيام؟
أعيش فترة نقاهة وتفكير، بعد 8 أشهر من العمل المتواصل في كتابة وتصوير ومونتاج مسلسل "فرصة أخيرة" احتجت لنقاهة حتى أفكر بهدوء في الخطوة القادمة خصوصا بعد النجاح الكبير الذي حصده المسلسل، والحمد لله.
? • بدايتك هل كانت بالهندسة أم بالكتابة والإخراج ؟ وأين تجد نفسك أكثر؟
البداية كانت بكتابة القصة القصيرة، ثم أتى الإخراج، وبعدهما جاءت كلية الهندسة. أحب الكتابة والإخراج كثيرا ، ولكن لو اضطرني الأمر أن أضحي بأحدهما فسأختار أن أبقي على الإخراج .. أما الهندسة، فقد نسيت أمرها تماما.
? • هل صحيح أن لك تجارباً ناجحة في تصميم الملابس والديكور؟ حدثنا عن ذلك ؟!
في تصميم الملابس قد أعطي اقتراحات معينة للمصمم، وأختار الألوان حسب تصوري للشخصيات، لكني لا أملك موهبة كافية لتصميم ملابس، وكذا بالنسبة للديكور، حيث أساهم بالتأكيد في توصيل الفكرة لمهندس الديكور عبر الرسم، وأتدخل في الألوان والأحجام، لكن في الأخير مهندس الديكور يقوم بكل العمل.
في عام 2001صممت الديكور كاملا لمسرحية "الطابور السادس" وفزت في ذلك العام بجائزة أفضل مصمم ديكور على مستوى الجمهورية في مهرجان المسرح المدرسي، ولم أتوقع ولو لثانية أن أفوز بهذه الجائزة.
?• مسلسل " فرصة أخيرة "الذي عرضته السعيدة في رمضان الفائت ، لاقى متابعة جماهيرية واسعة النطاق ..برأيك ما سبب هذا النجاح ؟ وكيف استقبلت كمخرج ومؤلف ردة فعل المشاهدين خلال وبعد انتهاء المسلسل ؟
الأسباب متعددة، أبرزها المجهود الكبير الذي بُذل منذ مرحلة الكتابة، التي استمرت في ورشة عمل لمدة خمسة أشهر مع الكتّاب ياسر عبدالباقي، مروان مفرق، ومازن رفعت ، والتي تزامنت مع ورشة عمل مكثفة في التمثيل للوجوه الجديدة لمدة شهر كامل .. كذلك هذا الخليط من الوجوه الشابة والممثلين المخضرمين، والطاقم الفني الرائع، من تصوير مميز للمصور أيمن المخلافي، والمونتاج الاحترافي للزميلة المبدعة أزهار الجمرة ، والموسيقا التصويرية الساحرة للرائع مروان الحمادي، وكل العناصر الأخرى تكاثفت لخلق عمل جميل، وردود أفعال الناس رائعة بشكل لم أتوقعه، وأنا سعيد أننا أسعدناهم في هذه الظروف العصيبة.
?• ما الذي يميز (فرصة أخيرة )عن (أصحاب)؟
العملان مختلفان تماما من حيث الفكرة، وعدد الممثلين، وضخامة الإنتاج، والنضج عندي وعند الممثلين.. أصحاب "كان عملاً ظريفاً "لايت كوميدي" فيه نسبة من الرومانسية ويعالج قضايا إنسانية بمرح، ومن فصيلة "المتصل المنفصل" بينما " فرصة أخيرة " عمل ثقيل من فصيلة "المتصل" يتطرق لمواضيع هامة وحساسة ومثيرة للجدل، وفيه عمق اجتماعي وسياسي، ناهيك عن الأدوار المكتوبة بعناية التي جعلت عدداً كبيراً من الممثلين يُقدمون أدوارهم بإتقان .. أعتز بالعملين جداً، وفخور بالتجربتين.
?• عودة للوراء قليلا : متى وكيف حصلت على أول فرصة إخراجية ؟!
بالنسبة للمسرح فقد كانت في المسرح المدرسي، ثم انتزعت الفرصة انتزاعا أنا وزملائي عندما غامرنا بتقديم مسرح تجاري من خلال مسرحية "عائلة دوت كوم". أما بالنسبة للتلفزيون، فالنجاح المتواصل لأعمالنا المسرحية، وعرضها الدائم على قنوات التلفزيون شجع مدير قناة عدن في وقتها د.خالد عبدالكريم" على إيكالي بمهمة إخراج فواصل إعلانية لقناة عدن ، وحققت وقتها نجاحا جيدا كتبت عنه الصحافة ، حيث وُصفت بالخارجة عن المـألوف،ثم بعد ذلك مبـاشرة قـدمت بـرنـامج " ع الماشي " مع المذيع المتألق سامي السامعي ونخبة من الممثلين اليمنيين، ومن هنا بدأت تجربتي مع الدراما التلفزيونية.
? • ما الذي يُلهمك كونك مخرجاً وكاتباً ؟ وما الذي تريد تقديمه من خلال أعمالك المسرحية والدرامية القادمة ؟
يلهمني الشارع، والناس، والمتغيرات حولي، تلهمني الموسيقا، والسينما، ومشاهداتي، والقراءة، أحلم بالقفزات النوعية، وأطمح أن أقدم أشياء مختلفة غير تقليدية، ولغة فنية تُحاكي عقل المشاهد أكثر من عينيه وأذنيه، المسألة تحتاج وقتاً وصبراً ، فأنا أيضا أحتاج للتجربة المستمرة لأطور من نفسي ومن عملي وطاقمي الفني، فكلنا مازلنا نتعلم.
?• ما هو وضع المخرج اليمني في ظل ثقافة لا تُقدَّر دور الإخراج مقارنة بالدول الأخرى؟ وما رأيك بتجربة الإخراج عموماً في بلد كاليمن؟
متعبة جدا ، ومجحفة جدا، الفنانون بصفة عامة في بلدنا مناضلون من نوع آخر، الفن هو نبض الحياة وفلسفتها، ونحن متمسكون بالحياة في بلد كل ما فيه للأسف يسحبك نحو الموت.
• أي من المخرجين تتطلع للوصول إلى مستواهم؟ وهل لك طموح بصناعة السينما كمخرج أو سيناريست؟
أعشق السينما، وأحلم بها ليل نهار، وهي طموحي الأكبر، أحب الكثير من المخرجين، وغالبا أتطلع للأعمال أكثر، ثم أبحث عن مخرجها، وعندها أكتشف أني كنت معجبا بتجارب سابقة للمخرج، وأصبح متابعاً لأعماله أولا بأول .. لا أنسى أبدا اللحظة التي شاهدت فيها فيلم "ثمانية ونصف" للمخرج الإيطالي "فريدريكو فيلليني" أصابتني حالة من الصدمة والدهشة وأنا أشاهد هذا العمل الخرافي ، وقلت لنفسي هذا مخرج أتمنى أن أصبح مثله حرا طليقا لا تحكمه قوانين السوق والجمهور ، وحسابات الفشل والنجاح، فقط حسابات الفن تهمه ، ورددت لنفسي : يجب أن أصنع فيلما كهذا يوما ما .. وقائمة المخرجين المفضلين تتسع أيضا لأسماء عديدة أخرى قد تبدأ بسكورسيزي، ولا تنتهي عند العظيم عاطف الطيب.
?• رصيدك المسرحي زاخر بالعطاء ابتداءً من (عائلة دوت كوم ) وحتى ( كرت أحمر ) .. كيف تنظر إليها ؟
هي رحلة جميلة وممتعة، فيها الكثير من التحدي وروح الفريق، وجمهور حملنا على أكف الراحة، دخل مسرحنا، ودخلنا بيوتهم، وأصبحنا جزءاً منهم، وهم جزء منا، ينتظروننا، وننتظرهم كل عام، رحلة طويلة لإحياء شيء كان قد قتل منذ أكثر من عقد من الزمان، الفخر وكل الفخر ليس للمستوى الفني الذي قدمناه ، فهذا شيء سيحكم عليه الزمن والجمهور، لكن الفخر الحقيقي لفرقة خليج عدن التي أعادت إحياء المسرح اليمني بعد موت سريري استمر قرابة 15 عاماً.
? • عمرو ..عدن هذه المدينة الساحرة احتضنت العمل الأخير قلبا وقالبا .. هل هذا سيتكرر ، أم أنك ستتعمد إشراك محافظات أخرى في أعمال قادمة؟
صدقيني هنا الكلمة الفصل للنص، أي نص تجذبني فكرته سأنفذه فورا أينما كانت تدور أحداثه، يظن البعض أني لا أرغب في تقديم أعمال تدور أحداثها خارج عدن، لا أنكر ولعي الشديد بعدن بحكم أني ابن هذه المدينة وأكثر دراية بتفاصيلها ودهاليز بيئتها، لكن لا مانع أن أقدم عملاً في أي محافظة أخرى متى ما توفر نص جميل يدور في هذه المحافظة أو تلك.
?• حدثنا عن مشاريعك المستقبلية التي تعمل عليها، وهل هناك أي شيء ننتظره منك في القريب العاجل؟
ما زلت قيد التأمل والتفكير، ولم أستقر بعد على مشروعي الجديد، أتمنى أن تأتي الفكرة قريبا فأنا في حالة بحث دائمة.
?• كلمة أخيرة يود المتألق عمرو جمال قولها لجمهوره والمترقبين لجديده ؟
كالعادة سأقول : أتمنى أن أبقى عند حسن ظنكم دوما.
*مجلة الأسرة والتنمية