الرئيسية - ثقافة وفنون - فرات قدوري يخاطب العالم بقانونه الموسيقي

فرات قدوري يخاطب العالم بقانونه الموسيقي

الساعة 11:34 مساءً

كانت ليلة تشبه الحلم، تلك التي صدح فيها صوت القانون، فصمت الكون مستمعاً ومستمتعاً بنغمات عذبة، أبدعها الموسيقي وعازف القانون فرات قدوري الذي غازل «عشتار» وسرح بموسيقاه في الجنائن المعلقة، وحاكى «ديما» الغيمة الممطرة، وداعب «ريان» الريح الطيبة.

وعزف «أنشودة المطر» في ليلة تألقت فيها «شهرزاد»، ليهدي شريكة حياته لحن «إلى زوجتي الجميلة» كاسباً ودها في لحظات مرت كالسحر.



هي أمسية لا تشبه إلا نفسها، تلك التي استضافتها القصباء في ثالث أيام مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية، فالقانون تجاوز حدود شرقيته، وانطلق مخاطباً العالم، معبراً من خلال ذلك عن قدرات الآلة التي تصنع حواراً دافئاً راقياً دون كلام، وعاكساً، في الوقت نفسه، قدراتها في التناغم مع أي آلة موسيقية شرقية أو غربية، ما يحولها إلى لغة عالمية بجدارة.

مقطوعات غزلية

من ألبوم «الجنائن المعلقة»، قدم فرات قدوري مجموعة من مقطوعاته الموسيقية الجميلة، فبعد أن افتتح أمسيته بـ»غزل عشتار»، عزف «نوروز» و»أنشودة المطر» و»ديما» و»ليلة شهرزاد»، وانتقل بعد ذلك إلى ألبوم «نداء الروح» فاختار «ريان» التي هبت كالريح الطيبة لتملأ جنبات المسرح نسيماً رقيقاً.

وفاجأ قدوري الحضور بمقطوعة تنبض بالحب عنوانها «إلى زوجتي الجميلة» من ألبومه الذي يعمل عليه في الفترة الحالية، رسم فيها لوحة لحياة سعيدة تتخللها التحديات، فعانقت العاطفة العقل وتمازجت الروح بالجسد في مشهد موسيقي متناغم وجميل.

الفرقة التي ينتمي أفرادها إلى دول مختلفة كالعراق وتونس وكوبا وسوريا وهنجاريا، أكدت على روعة التمازج الفني بين الآلات الموسيقية المختلفة، والثقافات المتعددة، ونجحت في أن تخلق حواراً موحداً تربعت فيه الموسيقى على العرش.

الفلامنغو

ومن أميركا اللاتينية، وبحضور السفير جون بول تارود كوبورون، سفير جمهورية تشيلي في الدولة، ضج المسرح بمقطوعات عصرية لم ينافسها من حيث الإبداع سوى صوت المغني وعازف غيتار الفلامنغو فيسنتي أليندي، الذي شارك فرات قدوري في عدد من المقطوعات الموسيقية عزفا وغناء الذي أضاف حضوره وهجاً وبريقاً إلى الأمسية.

إذ خلقت موسيقاه وغناؤه أجواءً جميلة، وتفاعل معه الجمهور بالتصفيق والهتافات، فأثبت بأسلوبه المختلف بأنه صوت نادر وموسيقي بارع.

الوجه الجديد للقانون

فرات قدوري الذي تنقل بين بغداد وألمانيا وبلجيكا والأردن، ليحط أخيراً في الشارقة متخذاً منها مقراً لحلمه الذي تحول لحقيقة، له فضل كبير في وجود مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية، ورغم حرفيته الكبيرة إلا أنه عبر قبل الحفل عن رهبة كبيرة لم يشعر بها في وقت سابق، معبراً عن سعادته بنجاح المهرجان في أمسيتيه التي أحياهما نصير شمة وجاهدة وهبة.

ومشيداً بحرص ضيوف المهرجان على الحضور، وعلى رأسهم الدكتورة إيناس عبدالدايم رئيسة دار الأوبرا المصرية، ومحمد صديق مدير أوركسترا المعهد الوطني للموسيقى، وغيرهما، ما يسهل التعاون الفني بين الشارقة والدول المختلفة.

وفي حديث خاص لـ»البيان» قال قدوري: هذا المهرجان كان تحدياً كبيراً، ولكنه لاقى ترحيباً حتى تحول إلى حقيقة، وساهم حضور الشخصيات الموسيقية المهمة في دعم المهرجان، ومن خلال أمسيتي هذه، كنت أرغب في إظهار الوجه الجديد للقانون، وتقريب الناس من الآلة، فهذا هو هدفي الأول والأخير.

كمان وجاز

وكانت القصباء قد احتضنت في اليوم نفسه حفلين آخرين في المسارح الخارجية، أولهما كان مع عازفة الكمان اليابانية هاروكا هوري التي قدمت الموسيقى الكلاسيكية المعاصرة عبر مقطوعات جميلة التف حولها زوار القصباء بشغف.

كما تألق عازف الجاز الفرنسي ألكسندر فالس البارع بموسيقى الجاز الغجري الفرنسي، مقدماً مقطوعات لم يألفها الجمهور، وتفاعل معها بالتمايل والتصفيق المتواصل، في أجواء كشفت عن شغف حقيقي لدى الجمهور لسماع الأنواع المختلفة من الموسيقى.

 

إلى مصر

 

«البيان» التقت الدكتورة إيناس عبدالدايم رئيسة دار الأوبرا المصرية التي أشادت بأمسية فرات قدوري، مؤكدة أن مستوى ما قدمه رائع جداً وعلى درجة عالية من التميز، وقالت: «ما رأيته اليوم كان مفاجأة، فالتركيبة التي صنعها هذا التمازج بين الموسيقى الشرقية والغربية شيء رائع، ونحن بحاجة شديدة لهذا المزج، وسأكون حريصة على نقل ما رأيته في هذه الأمسية إلى مصر».