"أعل هبل" هكذا هتف العرب في الجاهلية وظل هذا شعارهم وهدفهم وشغلهم الشاغل، لا هم لهم إلا "علو هُبل" وتمجيده في اليل والنهار ورفع قدره وتمييزه عن غيره من الأصنام الأخرى.
إذن لا غرابة إن راينا في الجنوب من لازال يتمسك بموروث أجداده العرب، فنحن لسنا ببعيدين عن هذه البيئة العربية التي أشتهر أصحابها بالعبودية وتقديس الاصنام أيام الجاهلية وتصنيم الأشخاص وعبادتها بعدها حتى يومنا هذا.
على طريقة العرب وصنمهم الشهير"هُبل" البيض هو صنم الجنوب الأكبر الذي يجب الهتاف باسمه ورفع صوره في ثورة شعبية خرجت لتنتصر للوطن فتحولت بقدرة قادر إلى ثورة من أجل صنم أوحد لا شريك له؟!. من شروطها أن يؤمن كل جنوبي بالبيض وخيره وشره، وان يسخر كل جهد ليرفعه ويعليه عن باقي الاصنام وان يتمسح ويطيع أولايائه والتابعين والوكلاء له في بقاع الوطن من أقصاه الى أقصاه !!
هكذا يرى أتباعه ومن والاه، وهذا هو الشرط الواجب الإلتزام به لأثبات هويتك الجنوبية، وإلا فانت لست جنوبي ولا تهمك قضية الجنوب إن خالفته، حتى وإن لم تخالفه إنما تختلف مع بعض الوكلاء أو الأولياء عن تصّرف ما أو أخطاء ارتكبوها، فهم من المعصومين بحسب التوصية والوكالة الممنوحة لهم من رب الجنوب الأعلى على حسب تفكيرهم.
ما يحز في النفس إن نرى دائماً قبل كل مليونية تحضيرات مسبقة تهدف إلى تمجيد الأشخاص وطبع آلاف الصور للأصنام وجعلها تغطي كل فضاء الساحة ويحوز بها الصنم الأكبر على أكثر الصور والعبارات التمجيدية، وحينها يظهر شعبنا في شاشات التلفزه والصحف والمواقع الأخبارية بتلك الصورة المخزية!!
والمخجل والمعيب أن ملايين الريالات تُصرف لمثل هذه الاعمال التي تسيء إلى الثورة أكثر من خدمتها لها، ويحصل ذلك بينما لم تجد اللجنة الإعلامية وباقي اللجان من المال ما يغطي نفقاتها ومتطلبات المهرجان الضرورية كي يظهر بأحسن صورة إلى العالم وتصل الرسالة كما يجب.
بكل أسف أن تسير الأمور بهذا الشكل المهين لشعب عريق وأصيل كالشعب الجنوبي، في البنات الأولى لما يطلق عليه مسمى الجنوب الجديد الذي يتسع لكل أبناءه كما يردد كل فرد حضر أو لم يحضر المهرجان!!..
إن ما يدعو إلى القرف والاشمئزاز إصرار واستماتة البعض، الذي لا يكل ولا يمل من السعي لفرض صنمية البيض وتعظيمه على حساب الوطن ووحدة أبناءه، والتفكير به قبل التفكير بالشعب المطحون بسبب غباؤه السياسي هو ورفاقه الذين تشارك معهم الأخطاء الإستراتيجية الكارثية بتحالفاتهم وسياساتهم الخاطئة، ونزواتهم المميتة، من السبعينات حتى يوم الخطأ الأكبر المقبلين بعد يومين على مرور ذكرى يومه الاسود.
رغم ما عاناه الجنوب بسبب رمزية الشخوص في الماضي وما أوصلتهم إليه من تناحر وإنقسام، إلاّ ان أحداً لم يتعلم من السابق، فلا البيض ورفاقه خرجوا من صنميتهم ولا الجموع التابعة لهم قادرة على الخروج من عبوديتها، لتتحرر بفكرها وتنظر إلى الوطن ومصلحته قبل الأشخاص.
إلى متى نعي ما نحن فيه من غباء؟ ومتى يجيد كل جنوبي حريص على وطنه ومصالح شعبه قراءة الأحداث والتاريخ وثورات الشعوب ؟ فالمنطق والتاريخ يقولا تحرير الشعب لن يكون إلا بتحرير النفس والذات.