لم يعد خفيا على ذي عقل فطن ونظرة عميقة في ماوراء الأكمة ومابين السطور .. أن هناك خطة محكمة قام برسمها أصحاب النفوذ الأكبر من القوى الإستعمارية والإستبدادية التي كانت المستفيد الأول من الأنظمة العربية التي تهاوت بفعل ثورات ...الشعوب السلمية .. فبادرت منذ اللحظة الأولى حين تفجر بركان الغضب الشعبي في تونس مرورا بمصر وليبيا واليمن وسوريا واهتزت له أركان عروش حكام المغرب والأردن والعراق وبعض دول المنطقة وهذه الأنظمة لاشك تربطها بالقوى الإستعمارية علاقات استراتيجية كبيرة وبعضها قد وقع على مبادرة السلام والتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لبيت المقدس وفلسطين وقد كانوا يطمعون في بقية الأنظمة العربية والإسلامية أن تدخل في هذه المؤامرة على أمة الإسلام بأسرها .. ولكن الله أراد أمرا آخرا .. فتزلزلت الأرض من تحت أقدامهم بفعل براكين الغضب الشعبي الهادرة التي بدأت تتفجر من كل مكان .. فسارعوا إلى رسم خطتهم القذرة لاحتواء هذه الثورات الشبابية الشعبية الهائلة ومحاولة إدراك مايمكن إدراكة والحفاظ عليه من أنظمة حاكمة وبقاياء للأنظمة التي سقطت وتفككت .. ويبدو واضحا أن الخطة اعتمدت على مبدأ التوافق والدفع ما أمكن بالبلدان العربية الثائرة للقبول بهذا الأمر وتشكيل حكومات توافقية بدلا عن الإنتخابات والمجالس التشريعية .. هروبا من الصندوق لأنهم يدركون جيدا أن أي انتخابات في بلد من هذه البلدان ستكون نتيجتها لصالح القوى الوطنية الحرة وفي مقدمتها الحركات والتنظيمات الإسلامية وهذا ماسوف يقلص النفوذ والتبعية للقوى الإستعمارية في العالم العربي والإسلامي ... لذلك نراهم اليوم في مصر ينقلبون على الديموقراطية التي كانوا يتغنون بها ويسعون جاهدين بكل ما أوتوا من قوة لإسقاط رئيس مصر الشرعي المنتخب .. والعمل على تعطيل أي انتخابات برلمانية تنتج عنها حكومة شرعية منتخبة .. وإنما يدفعون بالبلاد دفها عنيفا نحو القبول بالتوافق والتقاسم والمحاصصة ليتسنى لهم جمع أوراقهم وترتيب أجندتهم ورص صفوفهم من جديد وتأسيس أحزاب وتكتلات بديلة للأنظمة التي أطاحت بها هذه الثورات لكي تكون جاهزة لخوض أي انتخابات قادمة بعد مايسمى حسب رغبتهم بالفترات الإنتقالية .. ولايستبعد أن يسعوا جاهدين لافتعال الإزمات وإثارة الفتن والنعرات لكي يتم التمديد للفترات الإنتقالية إذا وجدوا أنفسهم غير قادرين أو غير مستعدين للمنافسة التي يضمنون بها قدما قوية وموضعا سياديا في صنع القرار .. لذلك علينا أن ندرك هذا الأمر جيدا وأننا في لحظة تاريخية حساسة .. ونكون على أعلى مستويات الفهم والإدراك لهذه الخطة حتى وإن قبلنا ببعض ماجاء فيها كمناورة تكتيكية في هذه المرحلة .. وأبشركم أنه لم تعد القضية اليوم تخص الأخوان والحركة الإسلامية فقط فقد استطاع رجال الحركة بفضل الله أن يستوعبوا غيرهم من القوى الإسلامية والوطنية الصادقة ويمثلوا معهم جبهة واحدة لحماية الثورات ومكتسبات الشعوب الأبية وماتشهده مصر وبعض الدول العربية والإسلامية من اصطفاف كبير خلف الحركة الإسلامية يبشر بعودة قوية وقريبة لأمة الإسلام نحو المجد الذي ضاع منا في الماضي .. وهذا هو المخاض الذي يصاحب ميلاد الأمة الجديد .. وأما المؤامرة الداخلية والخارجية فهي متوقعة وهذه سنة الحياة وضريبة الإنتصار العظيم ..
وصدق شاعر الإسلام حين قال : وإذا أهين الحق صاح بأهله ..... صوت السماء وجندت أقدار ...
وصدق الله القائل : ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ..
محبكم/صلاح باتيس