للإخوان: عقلانية أم سذاجة!؟

2013/07/05 الساعة 01:16 صباحاً

كم هو خادع هذا الخطاب الذي يجعل "الإخوان" طرفا ويجعل كل البقية من الشعب المصري طرفا بالمقابل، فالرئيس مرسي لا يمثل الإخوان في هذا الموقع، بل يمثل كل المصريين بما فيهم الذين لم ينتخبوه، ويمثل مشروع الثورة ومبدأ الديمقراطية. ومن يؤيد هذا الانقلاب من الشعب المصري فعليه –إن نجح هذا الانقلاب- أن لا يحلم بديمقراطية بعد اليوم.

 

ومن التسطيح أن يأتي شخص بعد كل ما حدث ويحدث في مصر ويقول إنه ما على الإخوان إلا أن يسلموا بالأمر الواقع ويخوضوا الانتخابات القادمة فيحققوا الفوز من جديد.

 

ذلك أن ما حدث ليس إلا الفصل الأول من السيناريو فقط، أما الفصل الثاني والهدف الأبعد والأهم من الانقلاب فهو الحيلولة دون فوز الإخوان مجددا، ولولا هذا لما كان للانقلاب جدوى، إذ لا معنى لانقلاب بهذا المستوى إذا كان الهدف منه مجرد الإطاحة بمرسي وحكومته لبضعة أشهر ثم ترك المجال أمامهم للعودة من جديد.

 

وبما إنهم سيتخذون الإجراءات الكفيلة بمنع الإخوان من الفوز مجددا، فالمعنى الوحيد أنهم سيلتفون على الديمقراطية. ومن هنا فإن الأمر في غاية الخطورة بالنسبة لكل المصريين التواقين للديمقراطية وإن كان الإخوان في الواجهة.

 

وإلى ذلك: لو استسلم الإخوان لهذا الأمر الواقع وتخلوا عن المسؤولية التي تحملوها بموجب الانتخابات التي شهد لها الداخل والخارج واعترف بها المنافسون قبل غيرهم.. إذا استسلموا للأمر الواقع، فإنهم من باب أولى سيستسلمون للأمر الواقع عند الانتخابات القادمة، وبالتالي: من هذا الذي سينتخبهم في المستقبل؟ وما جدوى أن ينتخب الناس شخصا أو تيارا لا يستطيع الوقوف على قدميه ولا يصعد حتى يسقط!؟

 

البعض يتحدث عن النموذج السوري كخيار مرعب ويتمنى على الإخوان التسليم، وكأنه لا خيار إلا النموذج السوري!؟

 

والبعض يراهن على ما يسميها عقلانية الإخوان وحرصهم على استقرار مصر، والمشكلة أن يأتي هذا الطرح من بعض الإخوان أنفسهم، فهذه "العقلانية" لافتة ولا تعدو أن تكون حيلة نفسية، أو غطاء لموقف ساذج، بل هي –فوق ذلك- مزايدات وكلام للاستهلاك الإعلامي، وإلا فالكل حريصون على استقرار مصر، ولا فرق في هذا بين مرسي وصباحي والبرادعي وغيرهم، بل حتى الأمريكان ودول أوروبا وأفريقيا والعالم كله حريصون على استقرار مصر، وإن اختلفت الدوافع والأسباب والمبررات ومستويات هذه القناعة.

 

إنها النهاية التي يراد أن تكون للثورة والديمقراطية في هذا البلد. والصمود والموقف الحازم الذي يفترض أن يتخذ الإخوان لا يعني اللجوء للسلاح، فالسلاح سيدمر الجميع، ولا شيء –إذن- غير القوة السلمية وبلا تراجع، وقطعا سيتبدل الموقف الدولي لصالحهم لأنهم أصحاب الحق الفائزون بأصوات أغلبية الشعب المصري المعترف بهم محليا وخارجيا، وإذا لم يتحول الموقف الخارجي فلا تحول.

 

هذا هو الخيار الوحيد أمامهم وأمام كل العقلاء في هذا البلد العظيم، وهي مرحلة من سياسة عض الأصابع التي أشير بها الحكمة السياسية التي تقول إن أحدهم سأل عنترة العبسي عن سر شهرته في تحقيق الانتصارات؟ فقال له عنترة: ليعض كل منا أصبع الآخر ومن سيصيح ويستسلم فهو المهزوم، فعض كل منهما أصبع الآخر لبعض الوقت وإذا بالرجل يصيح مستسلما، فقال له عنترة: هذا هو السر، فلو صبرت قليلا لكنت أنا من استسلم!!

 

[email protected]