1)
منذ اندلاع الثورة الشعبية السلمية و طابور الفتنة التابع للنظام الساقط لا يكف عن إشعال النار في كل مكان تصل إليه أدواته، بالقتل أو التخريب أو الإرهاب و نشر الفوضى، و بالتوازي مع ذلك فهو يواصل حربه الإعلامية استغلالا لما نهبه من الأموال العامة و ممتلكات الدولة، و ظل يسعى بكل ما أوتي من حقد و انتقام على إثارة القوى الوطنية بعضها ضد بعض، تارة يحرض الشباب ضد المشترك و تارة يسعى لشق صف المشترك نفسه، مع الإشارة هنا إلى نشوب خلافات هي في المسار الطبيعي و السياسي عادية ولا يمكن أن تؤثر إلى الحد الذي يسعى له طابور السقوط.
(2)
و من الأهمية بمكان ملاحظة أن شباب الثورة سواء المتحزبين أو المستقلين ينظرون للحلول الثورية بمعزل عن التسوية السياسية على عكس ما رأته و مارسته قيادة الأحزاب المشاركة في الثورة حين وصلت إلى التوقيع على المبادة الخليجية و آليتها و ما أسفر عنها، بيد أن القوى المعادية للثورة و المتحالفة معها في شمال اليمن و جنوبه رأت في هذه النقطة منطلقا لممارسة الدعارة السياسية و الإعلامية على طريقتها.
(3)
أفضى مؤتمر الحوار الوطني إلى واقع جديد، و ما كان لذلك أن يتم لولا تظافر جهود اليمنيين أحزابا و رموزا و فعاليات و مكونات، فضلا عن التأييد المحلي و الدعم الإقليمي و الدولي، الذي رأى في الحوار مخرجا حقيقيا للبلاد مما وصلت إليه من أوضاع مأساوية بفعل ممارسات و حماقات و كوارث النظام الذي قامت عليه الثورة في فبراير 2011م،
و حين جاء قرار مجلس الأمن الأخير "2140"، داعما و مؤيدا و مساندا لما توافق عليه اليمنيون رأت تلك القوى المسكونة بالحقد أن ذلك تهديد لوجودها- إن لم نقل لمصالحها و أهدافها الخبيثة، و من هنا بدأت تتباكى على السيادة، مع أن السيادة لم تكن على ما يرام حين كانوا يحكمون،
ألم يخاطب زعيمهم الأمريكان: اضربوا في أي وقت و في أي مكان و أنا سأكذب على الشعب و أزعم أنني من يضرب، (وثائق ويكليكس)،
و قالها بالفعل حينما سئل عن مقتل أبو علي الحارثي منتصف العام 2002 في غارة لطائرة أمريكية، قال أنا قتلته!
كان أكثر من نصف اليمنيين يعلمون أنه يكذب في تلك الواقعة بينما كان النصف الثاني يعملون علم اليقين أنه كذاب في وقائع أخرى كثيرة.
و لكم أن تتخيلوا ما الذي يمكن أن يقوله إعلام ظل ثلاثين سنة يطبل و ينافق لشخص اعترف بعظمة لسانه أنه ليس جديرا باحترام الآخرين، حينما يباشر السباب و الشتيمة و الكلام البذيء، ناهيكم عن ممارساته البالغة في الفجور و الوالغة في القذارة كصاحبها.
صارت أبواق عصابة صالح تتحدث كثيرا عن السيادة و الفصل السابع، و الوصاية على اليمن و احتلال البلد و تدخل الدول الأجنبية في شئوننا، ليخلطوا ماء الخوف على أنفسهم بسليط البكاء على الوطن.
و لأن مثل هذه المخاتلة لا يمكن أن تنطلي إلا على أصحابها فهم يحاولون جاهدين أن يدقوا إسفين بين القوى و الأحزاب الوطنية التي ناهضت مشروعهم حتى أسقطته، و لذا تجد في إعلامهم كما هائلا من الأكاذيب و الافتراءات و التضليل الذي لا يهدف إلا لتشويه قوى الثورة و من كان لهم دور في إسنادها و مؤازرتها، و سمعنا من أبواقهم الكثير و الكثير منها، و بعضها يبعث على الضحك أكثر مما يثير الشفقة على مستويات أولئك الذين يعملون "كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث".
(4)
تحرص وسائل الإعلام التابعة لبقايا النظام و حلفائه – المعلنين و المخفيين- على تقديم نفسها كوسائل إعلام مستقلة، و في أحيان أخرى محايدة، لكنها سرعان ما تتكشف عند أول حدث يخص الممول، حين تجدها تهاجم خصومه واحدا واحدا، و تتهمهم بكل نقيصة بينما لا تجرؤ على الاقتراب من خطوطه الحمراء، و على العكس هي دائما تحب ألوان الإثارة الصفراء بطريقة تلقائية و عفوية بما يجعل منها صحافة صفراء بامتياز، مهما حاول الصحفي المستقل الذي يقف على أبواب مغارتها أن يتخفى وراء الأخبار العاجلة و التفاصيل الموسعة و الصور الملونة،
يظل حديثها دائما عن كونها مستقلة لأنها تدرك – لا إراديا- أنها مكشوفة و عارية و أصحابها مجرد أدوات غير نظيفة لأعمال ليست شريفة!
(5)
في صحافة الميليشيات لا يوجد شيء محرم إلا ما يزعج مموليها، أو يثير غضبه، أما اختلاق الأكاذيب فهذا من صميم عملها، و لا يمكن أن تصدر إحداهن إلا ممتلئة بالكذب و الدجل، و الحساب يكون في الغالب بقدر ما تقدم من معلومات مضللة و حكايات مغرضة و تلفيقات تكشف حماقة القائمين عليها و سخافتهم،
و آخر شيء تفكر فيه هذه الصحف هو المهنية و رسالة الإعلام السامية و مقوماتها الأخلاقية، و لا يهمها إلا أن تنال من خصومها مهما كان التناول و كيفما كانت الوسيلة التي يستخدمونها،
و مع ذلك يحاولون أن يضعوا على أنفسهم بعض أدوات الزينة و قليل من الرتوش حتى يخفوا عن أعين الناس طبيعتهم الميليشياوية المسلحة بأفكار مسمومة و الساعية للانتقام من المجتمع الذي يعيشون فيه.
(هل تصبح الساحات مستقلة؟)
قبل يومين تابعنا ما فعلته عينة من تلك الميليشيات المدعومة بالمال المدنس حين هاجمت مكتب قناة الساحات بطريقة تكشف بشاعتهم و لؤمهم و أنانيتهم في التعامل مع الصحافة و الصحفيين، علما أن المكتب نفسه يتبع مموليهم و الجميع يعرفون أن "سيدهم" أوعز إليهم أن يهاجموا المكتب لأن فيه صحفيين لم يمتثلوا لتوجيهات السيد،
و استطاع طاقم المكتب أن يعروا أولئك الدخلاء على المهنة و يفضحوا مؤامراتهم المستمرة على البلد،
و كم بدا "الشيخ" مجرد "رعوي" بسيط في مزرعة السيد الذي يوزع الأموال في بيروت،
و كذلك فعل "القاضي" الذي هاجم المكتب بصحبة مسلحين مستحضرا نزعته العسكرية و خبرته الأمنية كعقيد سابق في "أمن الدولة"، و كانت هذه العملية النوعية جديرة بكشف عنترياته و إظهار حقيقته كتابع لتعليمات السيد الذي أنشأ القناة و مولها و عينه و أمثاله في ما قال إنه "مجلس إدارتها"،
يعني أن أعماله الاستعراضية و جهوده الثورية لـ"إنقاذ" سمعته باءت بالفشل، و انكشف كما انكشفت حبال غسيله "المستقلة".
(في الهامش)
سمعتم هذا الأسبوع – أو قرأتم- عن قصة طريفة مفادها أن القيادي الإصلاحي محمد قحطان ذهب إلى منزل القيادي المؤتمري ياسر العواضي، من أجل الاتفاق و المصالحة و التنازل و التنازل الآخر، يعني تنازل لي أنازل لك، و الحقيقة أن لا شيء من هذا حصل، و كان أول من فاجأه الخبر قحطان و العواضي!
طبعا الصحفي الذي كتب الخبر في صحيفته "الوسط"، لم تهتز له شعرة كأن يعتذر أو يقول إنه أخطأ أو إنه كان يتمنى أن يحصل هذا، أو يقول مثلا إنه رأى محمد قحطان راكب في الباص المتوجه إلى الشارع القريب من منزل ياسر العواضي، و سمعه يقول لأحد الركاب: الصلح خير، أو أنه قال للسائق عندما سأله أين رايح يا عزي؟ أجاب: نتصالح مع ياسر العواضي صاحب المؤتمر.
طبعا لم يتأثر صاحب الصحيفة بالكم الهائل من التكذيبات، ليس لأنه لم يسمع بها، و لكن لأن صحيفته "متعووووووودة دايما".
و أكثر ما يحرص عليه مرتزقة صالح و عياله هو الهجوم على الإصلاح لأسباب كثيرة و بعضها معروفة، لكن أهم ما تسعى إليه الأيادي الملوثة بالمال الحرام أنها تنال من الإصلاح بسبب مواقفه التي لم و لن تعجبهم، و كيف ستعجبهم إذا كان الممول قال لهم إنه يكره الإصلاح،
و بمجرد إلقاء نظرة عابرة لعناوين صحفهم و مواقعهم ستجد نفسك أمام بازار لا ينتهي من التهريج المخل و التناول الذي لا يخرج إلا عن فاقدي عقول إن لم يكونوا فاقدي أخلاق، كما يظهر من ذلك التعاطي السخيف مع كل خبر سواء كان له علاقة بالإصلاح أو لا.
- إحدى منشورات البقايا اشتهرت الفترة الماضية بنقلها عن "مصادر سياسية و عسكرية مطلعة"، و ظلت كل يوم تهرج بعنوان طويل عريض يهاجم الإصلاح و يتهمه بوقائع و تلفيقات لا حصر لها، و ظلت العبارة ذاتها تتصدر كل خبر مصادر سياسية و عسكرية، و قد يتساءل البعض لماذا أصروا على الجمع بين فئتين من المصادر سياسية و أخرى عسكرية، ما دام الإصلاح حزب سياسي يكفي في الكذب عليه أن تقول مصادر سياسية تتهم حزب سياسي، لكن هم يصرون على وجود العسكرية من أجل الحماية و لأن هذه المنشورات اعتادت أن لا تنام إلا في أحضان "عسكرية" جدا، و لو سألتها لقالت إنها : متعودة دايما!
- كاتب حوثي استأجره أحد أتباع علي صالح، تراه منذ سنوات يهاجم الإصلاح و أولاد الأحمر، بكلام لو صدر من واحد غيره لاستهجناه، و في الآونة الأخيرة بات يتحدث عن ضرورة تحالف الحزب الاشتراكي و "أنصار الله"، و الحقيقة أنه مؤدب جدا، لذا لا يمكن أن تقرأ له كلمة "حوثيين"، لأنه يحب المناصرة فهو دائما يقول أنصار الله، لكن و الحق يقال إنه في إحدى المرات قال إنهم حوثيين و تبين فيما بعد أن الحوثي الموكل بتسليمه "حق القات" تأخر،
المهم أنه الآن يقتل نفسه و في كل ساعة يكتب تحليلا مطولا عن أهمية تحالف وطني ديمقراطي نضالي، و من يقرأ بداية كلامه يعتقد أنه يتحدث عن حزب نيلسون مانديلا، من كثرة استخدامه للوطني و السلمي و الديمقراطي، و ما إن تفهم من كلامه أنه يقصد ميليشيات سيده إلا و وصمته بما يجب من الحقارة التي تليق به و بأمثاله.
*صحيفة خليج عدن