حكومة مصغرة برئاسة هادي لتجنب الانهيار الاقتصادي

2014/05/30 الساعة 07:44 مساءً

في معرض الحديث عن المشكلة الاقتصادية التي تعاني منها بلادنا تناولت في الجزء الأول "هادي ومأزق عجز الحكومة في منع الانهيار الاقتصادي  ما الحل !!" عدد من المؤشرات التي تكشف المستوى الخطير لوضع الاقتصاد اليمني ودور حكومة باسندوة  في تفاقم المشكلة،لدرجة بات الانهيار الاقتصادي التحدي الأكثر خطورة،الذي يجب على الرئيس هادي تركيز جل جهده عليه،ومحاولة احتوائه في أسرع وقت ممكن قبل خروج الوضع عن السيطرة وانهيار الدولة اليمنية من بوابة الاقتصاد .

-وفي الجزء الثاني (تشكيل حكومة ائتلافية موسعة لن يحل المشكلة !!) تطرقت الى مجموعة  العوائق،التي تحول دون تشكيل حكومة ائتلافية موسعة من القوى الفاعلة على الساحة اليمنية كبديل لحكومة باسندوة،وخلصت الى نتيجة مفادها أن الحكومة الموسعة لن تكون الأداة المناسبة للخروج من الأزمة الراهنة خاصة مع عدم قدرتها في إنهاء حالة الانفلات الأمني أو منع  الانهيار الاقتصادي،وفي هذا الجزء سنتحدث عن جملة الأسباب والمبررات ،التي تجعل من خيار تشكيل حكومة مصغرة برئاسة هادي،أنسب الحلول المتاحة في الوقت الراهن أمام بلادنا لتجاوز الأزمة الاقتصادية .

 

-من الواضح أن لجوء هادي الى تشكيل حكومة مصغرة هو خيار اضطراري من اجل مساعدته في معالجة واحتواء الأزمة الاقتصادية،ما يقلل من أهمية الاعتراضات المتوقعة على هذه الخطوة من قبل بعض القوى ،التي ستعتبر تشكيل مثل هذه الحكومة خروجا من هادي عن إطار التسوية السياسية،لكن ذلك في الواقع لا يخل بأسس التسوية خاصة بعد صدور القرار الدولي رقم 2140 الذي أدى إلى انتقال الوضع في بلادنا من يد السعودية ودول الخليج إلى يد دول مجلس الأمن الدولي سيما بعد تفجر الخلافات داخل دول المجلس،وتحول السعودية والإمارات إلى أعداء لأحد طرفي الأزمة في بلادنا (الأخوان).

-لم يقتصر الأمر على تغير المشرفين على التسوية بل اشتمل أيضا تغير في أولويات العملية السياسية، فالأولوية لدى مجلس الأمن الدولي تتمثل في استكمال عملية نقل السلطة خاصة ما يتعلق بصياغة الدستور والاستفتاء عليه وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ،إضافة الى مواصلة الحرب على الإرهاب،في حين لم يعد تشكيل حكومة تقاسم بين طرفي الأزمة ذو أولوية كما كان عليه الحال عام 2011 .

- بل على العكس أصبح تغيير حكومة باسندوة ضرورياً كون استمرارها قد يعيق تنفيذ تلك الخطوات،وهذا يمكن تلمسه في مضامين مختلف المواقف الدولية التي صدرت في الفترة الأخيرة بشأن الوضع في بلادنا كبرقية التهنئة التي بعث بها الرئيس الأمريكي  أوباما لهادي بمناسبة العيد الـ 24 للوحدة اليمنية،وعبر فيها عن إعجابه بهادي وبحربه على الإرهاب وتطلعه الى الانتخابات القادمة وإجراء إصلاحات في الأجهزة الأمنية .

-مبررات تشكيل حكومة مصغرة :

- أسباب ومبررات عديدة تجعل من تشكيل حكومة مصغرة: امرأ ضروريا يكون الاقتصاد والأمن جوهر برنامجها ومحور عملها ومن ذلك التالي-

1- خطورة الوضع الاقتصادي وضرورة احتواءه سريعا، ما يعني أن هناك وضع استثنائي تمر به البلاد يتطلب إجراءات استثنائية ومؤقتة لمواجهته،ومن ذلك تشكيل حكومة مصغرة لإدارة الأزمة أو فريق حكومي مصغر

2-ضرورة الاستفادة من الصلاحيات المطلقة التي يتمتع بها الرئيس في تعزيز قوة وفعالية المعالجات الحكومية المطلوبة في مجالي الاقتصاد والأمن ،وذلك لن يتم الا من خلال  أحد الخيارين :

الأول ترؤس هادي الفريق الحكومي المصغر ،وفي ذلك عدد من النقاط الايجابية أبرزها :

أ- ضمان امتلاك الحكومة المصغرة الصلاحيات الواسعة والإمكانيات اللازمة،بما يعزز من فعالية الأداء الحكومي وسرعة تحركه بما يتناسب مع حجم المشكلة وتطورها.

ب-سيكون هادي المسئول الحقيقي عن أي إخفاقات او فشل قد يحدث في ملفي الامن والاقتصاد،وليس كما نجده اليوم من محاولات بعض القوى التنصل من مسئوليتها في فشل حكومة باسندوة وتفاقم الأزمة الاقتصادية والانفلات الأمني،ومحاولة تحميل هادي مسئولية ذلك .

ج- تولي هادي إدارة ملفي الأمن والاقتصاد معناه  إجبار مراكز القوى على النأي بخلافاتها وصراعاتها بعيدا عن معيشة وامن الناس .

د-رئاسة هادي للفريق الحكومي المصغر ستكون بمثابة خطوة تمهيدية للانتقال الى النظام الفيدرالي،فالرئيس في معظم الدول الاتحادية كالولايات المتحدة مثلا هو من يقود الحكومة المركزية .

-أما الخيار الثاني فيتمثل في ترؤس شخصية اقتصادية ناجحة مقربة من هادي، الفريق الحكومي المصغر لعدة أسباب أهمها التالي :

أ-تعزيز قدرة الفريق الحكومي في حلحلة تعقيدات المشكلة الاقتصادية المزمنة والمتفاقمة ،وذلك مع و جود اقتصادي محنك على رأس الحكومة يمتلك من الخبرة ما يكفي للتعامل الناجع مع هذا النوع من الأزمات،ومن المهم ان تكون شخصية مستقلة حزبياً،وعلى اتصال مباشر مع الرئيس، لضمان تضافر وانسجام جهود قطبي السلطة التنفيذية لمواجهة الأزمة الاقتصادية وتعزيز فرص احتواءها.

ب-أهمية وجود حكومة تمتلك من الخبرات الاقتصادية ما يمكنها من تنمية وتنويع الموارد وزيادة ايرادات الدولة وعائداتها من العملة الصعبة ،ما يساعد في توفير الاموال التي يحتاجها النظام  حتى يتمكن من :

1-تنفيذ مخرجات الحوار الوطني على ارض الواقع في الوقت المحدد خاصة ما يتعلق بالانتقال الى نظام الاقاليم الذي قد يكلف الخزينة العامة مليارات الدولارات،وكذا صرف المستحقات المالية والتعويضات المقرة في توصيات لجنتي المبعدين والاراضي في المحافظات الجنوبية وصندوق أعمار صعدة، وتنفيذ ما تبقى من النقاط الـ 20 والـ 11.

2- ضمان مواصلة الحرب على الارهاب وعدم حدوث تراجع في وتيرتها وأهمية الحفاظ على المكاسب التي حققتها الحملة العسكرية الموسعة التي شنها ابطال القوات المسلحة والامن في ابين وشبوة ومناطق اخرى،فمن الضروري ان تكون لدى الحكومة القدرة على تغطية النفقات الباهضة للحملة بما فيها نفقات إعادة الانتشار في المناطق المحررة في ابين وشبوة وإعادة اعمار المناطق المتضررة من المواجهات واغاثة وتعويض المواطنين المتضررين من تلك المواجهات،وكذا تغطية تكاليف نشر وحدات من الجيش على طول خط ابراج الكهرباء الممتد من مارب الى صنعاء وأنبوب تصدير النفط  .

3- الحيلولة دون تكرار السيناريو المصري في بلادنا عبر قطع الطريق على بعض القوى التي تريد إيصال الوضع الداخلي إلى حالة الانهيار،ومن ثم استخدامه كذريعة لإسقاط النظام الحالي والسيطرة على الحكم بذريعة إنقاذ البلاد وبصورة مشابهة إلى حدما مع ما قام به السيسي في مصر،ومن الواضح ان تردي الوضع الداخلي وبالذات في شقيه الأمني والاقتصادي قد جعل بعض القوى تروج بذكاء شديدة لفكرة محورها ان المخرج الوحيد من الوضع الراهن هو في ظهور سيسي جديد في اليمن،ورغم سخافة هذا الطرح واستحالة ان يكون الحل في عودة حكم الفرد المستبد أو حكم عسكري للبلاد،الا ان الفكرة تلقى قبولا لدى كثير من البسطاء لان الحكم المركزي القوى والقبضة الحديدية تكون في الغالب فاعلة في وضع حد لترهل الدولة وتردي الأوضاع،وفي اعتقادي ان الوضع في بلادنا بحاجة إلى رئيس يمتلك صلاحيات واسعة في مجالي الأمن والاقتصاد فقط  .

-إضافة الى ما سبق فأن تشكيل حكومة مصغرة يمثل مخرجا للرئيس لتجنب إشراك الحوثيين والحراك في الحكومة قبل نزع السلاح والتخلي عن مشاريع الانفصال والإمامة بشكل رسمي وصريح ،وبعد وضع آلية معينة للمراقبة والتقييم تحول دون استغلال المسئولين المحسوبين على الجماعتين إمكانيات الدولة لخدمة المشاريع الصغيرة والأجندات المشبوهة .

-ما يجب  على هادي فعله :

لست خبيرا اقتصاديا ولكني على قناعة أننا لسنا في سويسرا او الامارات ننعم ببنية أساسية حديثة وتوفر لنا الحكومة مختلف الخدمات الأساسية بل والترفيهية أيضا حتى نعجز بهذه الصورة المخجلة في تقديم خطط مشاريع للمانحين الدوليين لاستيعاب 9،7 مليار دولار كمساعدات مخصصة لبلادنا منذ العام 2006م .

-لاشك ان أي إجراءات تتخذ لاحتواء الأزمة خاصة في شقيها الاقتصادي والأمني لابد ان تعالج جذور المشكلة والأسباب الحقيقية التي ادت الى تفاقمها بهذا الشكل ،وهو ما يعني ان الإجراءات المطلوب اتخاذها لن تكون ذات طابع  اقتصادي بحت فقط، وسيكون بعضها ذو طابع سياسي وآخر امني وأداري وكما يلي :

أولا :إجراءات سياسية و أمنية :

1-الاستغلال الحقيقي والكامل للقرار الدولي رقم 2140 والاستناد اليه من اجل الحصول على دعم وتأييد الدول الراعية للتسوية السياسية لتشكيل حكومة مصغرة لإدارة الازمة الاقتصادية والمشكلة الامنية واستثناءها من معيار التقاسم والمحاصصة الحزبية ،على أن تتكون من أكاديميين مستقلين في مجالي الاقتصاد والامن ،وممن لهم تجارب ناجحة في هذين المجالين ومشهود لهم بالنزاهة،وفي العادة يتراوح عدد أعضاء هذا النوع من الحكومات ما بين 10 إلى 15 عضو،مع العلم ان غالبية الدول الغربية كبريطانيا مثلا لا يزيد عدد أعضاء الحكومة فيها عن ال15 وزير،ومطالبة مجلس الامن الضغط على القوى اليمنية المختلفة للقبول بذلك،وضمان عدم قيامها بأية أعمال او أنشطة تهدف الى إعاقة عمل الحكومة المصغرة ،وذلك انطلاقا من المبررات التالية :

أ-خطورة الوضع الاقتصادي والحاجة الماسة لحكومة قوية موحدة القرار لتجاوز الخطر المحدق ،وهذا لايمكن توفره في الحكومات الائتلافية،وفي ظل إصرار مراكز القوى المضي قدما في صراعها وعدم اكتراثها بالوضع الخطير الذي وصلت إليه البلاد جراء ذلك .

ب –إن هذه الحكومة لن تستمر لفترة طويلة وان لها مهام محددة وواضحة ،إضافة الى ان من مصلحة القوى المختلفة في الوقت الراهن النأي بنفسها عن أية إخفاقات اقتصادية او أمنية  قد تحدث في الفترة القادمة لما قد يلحقه ذلك من ضرر على شعبيتها في الشارع  وفرصها في الانتخابات المقبلة.

2-مطالبة مجلس الأمن بتجيير عمل لجنة العقوبات لصالح دعم الجهود الرامية الى :

أ- تجاوز العقبات الرئيسية أمام استكمال عملية نقل السلطة خاصة ما يتعلق بضرورة  إنهاء نفوذ المستشار على الجيش كدعم  إصدار هادي قرار بتعيينه سفيرا لدى إحدى دول امريكا اللاتينية او الوسطى،والضغط على الرئيس السابق لتسليم رئاسة المؤتمر الشعبي للرئيس هادي ،وإنهاء نشاط البيض في الجنوب ووقف بث قناته من  لبنان ،وإجبار الحوثي على نزع سلاحه وتسليمه للدولة ،واعتبار أي رفض أو تلكوء  في تنفيذ ذلك مبررا لفرض لجنة العقوبات  الدولية إجراءات عقابية على أي طرف معرقل من تلك الإطراف .

ب-استعادة الاموال المنهوبة وفي مقدمتها القطاعات النفطية المسيطر عليها من قبل بعض مراكز القوى ولوبي الفساد من قادة عسكريين ومشائخ ،وهذا الامر لم يعد خافيا على احد خاصة مع نشر مواقع إعلامية قبل أشهر لوثيقة مسربة من وزارة النفط تكشف أن حجم إنتاج اليمن من النفط يبلغ 647الف برميل يوميا في حين ان المعلن عنه رسميا هو 280 ألف برميل  أي ان اكثر من نصف الانتاج  يتم نهبه ،واذا كان احد الأسباب التي أوصلت البلاد الى الوضع الحالي هى اختيار الرئيس السابق الوقوف الى صف ال 15 نافذ على حساب الشعب عندما قدم له تقرير هلال باصرة بشأن الوضع في الجنوب،فأن الرئيس هادي اليوم أمام خيارين لاثالث لهما أما الوقوف الى جانب اليمن واستعادة القطاعات المنهوبة او مهادنة مراكز النفوذ وترقب لحظة انهيار الاقتصاد والدولة اليمنية .

ج-مطالبة البرلمان إقرار قانون حمل وتنظيم حيازة السلاح المتعثر منذ مطلع التسعينات لما له من أهمية في تعزيز قدرة وزارة الداخلية على بسط نفوذها وسيطرتها الأمنية .

د--إعطاء أولوية مطلقة لتوفير الحماية اللازمة لأنابيب النفط والغاز وأبراج الكهرباء ومنع تعرضها لهجمات جديدة .

ثانيا :إجراءات إدارية واقتصادية :

تركيز المعالجات على سد بؤر الفساد الرئيسية التي تستنزف جزء كبير من الموازنة العامة او المتسببة في إهدار المليارات وحرمان خزينة الدولة منها ومن ذلك التالي :

1-ايلاء أهمية قصوى لانهاء ممارسات الفساد في مصلحتي الضرائب والجمارك،والعمل على سد جميع الثغرات القانونية والصعوبات الإدارية،التي تحول دون تحصيل الإيرادات الضريبية والجمركية،التي تتجاوز التريليون ريال -أي اقل من نصف ميزانية العام الجاري بقليل-مع العلم أن دول كبرى كالولايات المتحدة ودول عربية كالاردن تعتمد على العائدات الضريبية كأهم مصادر ميزانيتها العامة،لذا لابد من معالجة الاسباب وتجاوز العوائق التي تحول دون تحصيل مابين 70-90% من الايرادات الضريبية والجمركية ومن الاجراءات المقترحة التالي :

أ-ضرورة الحد من ظاهرة التهرب الضريبي والتهريب الجمركي،وايجاد حل للإشكالية المزمنة المتمثلة في عدم تصفية البيانات الجمركية المعلقة وفي متابعة المتخلفين وتحصيل الغرامات المستحقة قانوناً .

ب-إلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية او تجميد منحها بصورة مؤقتة الى حين تجاوز الازمة الراهنة لان الهدف من منح تلك الإعفاءات، جذب وتشجيع الاستثمارات الداخلية والخارجية وهذا الأمر يبدو مستحيلا في الوقت الراهن مع عدم الاستقرار السياسي والانفلات الامني ،ومن ثم فان استمرار منح الإعفاءات في الوقت الراهن لايستفيد منه سوى النافذين ولوبي الفساد .

ج-وضع آليه فاعلة لإنهاء عمليات التلاعب والتقصير في أداء كبار المكلّفين مما تسبب في عدم انجاز الغالبية العظمى من الملفات الضريبية،ووضع حد لاستمرار تراكم الملفات الضريبية غير المنجزة،ومطالبة مصلحة الضرائب باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه مجموعات الإدارة الضريبية «لجان التسوية» ولجان الطعن الضريبية.

د- استصدار قانون بضرائب العقارات بما فيها صالات وقاعات الأفراح والمؤتمرات وغيرها وإعداد آلية فعالة لضمان تحصيلها وتوريدها إلى الخزينة العامة للدولة .

2-تركيز الجهود لتجفيف منابع الفساد في الجيش خاصة ما يتعلق بالأسماء الوهمية في كشوفات الراتب وبالجنود الوهميين القابعين في المنازل ،وذلك عن طريق استكمال تطبيق نظام البصمة الوظيفية في الجيش والامن،وصرف المرتبات عبر البريد والبنوك الحكومية ،اضافة الى تحديد أعداد المرافقين والحراسة للقيادات الامنية والعسكرية والمدنية،وطرح مشتروات الجيش عبر اللجنة العليا للمناقصات،وانهاء تلاعب غالبية  القيادات العسكرية  بمخصصات التغذية في المعسكرات .

3- ترشيد الإنفاق الحكومي عبر إجراءات تقشف و خفض النفقات الحكومية الغير ضرورية و النفقات الضخمة لكبار المسئولين (سفريات ،سيارات ،اثاث ..).

4-إعادة الحياة الى بعض القطاعات الرئيسية في الاقتصاد كقطاعي السياحة والثروة السمكية ،وذلك بتقديم مشاريع لاستيعاب جزء من مساعدات المانحين في هذين القطاعين ،فدولة فقيرة كموريتانيا يتجاوز دخلها من الثروة السمكية المليار دولار في العام أي مايزيد عن ثلاثة إضعاف دخل بلادنا رغم طول سواحلها ما يعني أن هناك حاجة ماسة لاستثمارات ضخمة في هذا القطاع الحيوي .

-أما بالنسبة لقطاع السياحة فرغم ان إنعاشه يبدو مستحيلا في ظل الاوضاع الحالية ،لكن بالإمكان استغلال ما تتمتع به محافظة أرخبيل سقطرى من امن ومزايا عديدة ونادرة والهوس العالمي بها وتلهف آلاف السياح لزيارتها،واتخاذها نقطة انطلاق نحو استعادة القطاع السياحي لعافيته ،من خلال إنشاء ميناء بحري في الجزيرة وتوسيع المطار وإقامة مجموعة من الفنادق والشاليهات والمدن السياحية فيها بحيث تكون الجزيرة قادرة على استيعاب اكبر عدد من السياح القادمين اليها،اضافة الى فتح بعض مناطق الجزيرة أمام الاستثمار المحلي والدولي. 

5-الجدية في محاربة الفساد وذلك عبر جملة من الإجراءات منها :

أ-منح السلطة القضائية الاستقلالية الكاملة عن السلطة التنفيذية ،فهادي مطالب بإعادة النظر في موقفه من مطالب القضاة ،فليس كافيا إصدار قرارا بإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى،وتغيير بعض القضاة ،والتعهد بعدم التدخل في مهام السلطة القضائية،فاليمنيين بمختلف شرائحهم يتوقون إلى العدل ،الذي هو أساس الملك ،ولن يتم ذلك الا بوجود سلطة قضائية مستقلة ماليا وإداريا،كما أنها أهم خطوة لإقامة  الدولة المدنية المنشودة ،والقضاء هو من يعين الحاكم على تطبيق النظام والقانون ،ومن شأن هذه الخطوة أن يذكر التاريخ هادي بأنه الرئيس الذي حقق للقضاء اليمني استقلاليته وأسس لبناء الدولة اليمنية الحديثة.

ب-إلحاق الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالسلطة التشريعية بدلا من التنفيذية ،وتمكين الجهاز من ممارسة اختصاصاته في مراجعة حسابات وأنشطة جميع المؤسسات الحكومية دون استثناء وإحالة تقاريره والمخالفات التي يرصدها الى القضاء .

ج-إجراء التعديلات اللازمة على قانون الهيئة العليا لمكافحة الفساد،بحيث يكون بمقدورها إحالة كبار الفاسدين وناهبي المال العام الى القضاء،فالهيئة حاليا لاتستطيع إحالة أي وزير يشتبه في تورطه في قضايا فساد الى القضاء الا في حالة موافقة ثلثي أعضاء الحكومة على ذلك .

د-إزالة العراقيل أمام استكمال الإجراءات المتعلقة بإعداد اللائحة التنظيمية للقرار الخاص بحق الحصول على المعلومة ،وتبني التنفيذ العملي للقرار ابتداء من مؤسسة الرئاسة،وهذا من شأنه مساعدة وسائل الاعلام اليمنية للتركيز على قضايا الفساد ومحاربته باعتبارها المعركة الحقيقية التي يجب أن نخوضها بدلا من الانشغال بالمماحكة الحزبية والصراع السياسي.

و-وضع حد لاستمرار الخلل في القرارات الجمهورية وإنهاء ظاهرة تعيين شخصيات فاسدة او فاشلة في المناصب الحكومية،صحيح أن تخلص هادي من دور مراكز القوى الفاعلة في البلاد أو تأثير من حوله والمقربين منه في اختيار الأشخاص لتولي المناصب القيادية أمر ليس بالسهل،لكنه على الأقل مطالب بإعادة النظر في الإلية الحالية المعمول بها وضرورة وضع معايير محددة وواضحة لضمان اختيار الشخص الأنسب لشغل المنصب الحكومي،وهنا يفترض على الرئيس القيام بـ:

1.طلب تقرير من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة العليا لمكافحة الفساد عن كل شخص يتم ترشيحه لشغل منصب حكومي، بحيث لا يصدر له الرئيس قرار الا بعد التأكد من نزاهته.

2.تقييم أداء الأسماء المرشحة في المناصب التي تولتها قبل ذلك وحجم النجاح الذي حققته، وهو ما يضمن عدم تعيين القيادات الفاشلة في مناصب أكثر أهمية من تلك التي أخفقت في إدارتها.

3.الحرص على توفر شرطي التخصص والخبرة عند المفاضلة بين الأسماء المرشحة لمنصب ما.

4.التقييم الدوري لأداء الجهات الحكومية المختلفة كل ستة أشهر، والعمل على إقالة كل مسئول يفشل في تطوير أداء المؤسسة التي يتولى قيادتها.

5.نظرا لصعوبة التخلص من تأثير مراكز القوى والنفوذ والحاجة إلى مراعاة التوازنات المناطقية عند تعيين القيادات الحكومية خاصة في مثل هذا الوضع المعقد المرتفع فيه الحساسية السياسية والمناطقية والمذهبية بصورة غير مسبوقة، ما يجعل رضاء جميع القوى السياسية والاجتماعية على أي قرار بصوره الرئيس هادي امرأ شبه مستحيل ، ومن ثم يكون صدور القرارات الرئاسية سببا لإثارة الأزمات السياسية من حين لأخر،وفرصة لبعض المتربصين لمواصلة تأليب الشارع ضد هادي ومحاولة النيل منه، لذا ربما يكون من المفيد ان يطالب الرئيس من مجلس الشورى المصادقة على القرارات التي يصدرها بحيث لا تدخل حيز التنفيذ العملي، الا بعد مصادقة المجلس عليها،وكما هو حاصل في الولايات المتحدة، حيث ستضطر القوى التي ترشح أسماء من قبلها الى الرئيس لتولي مناصب حكومية إلى  اختيار من تتوفر فيهم جميع الشروط المطلوبة أو غالبيتها، وذلك لتعزيز فرص مصادقة أعضاء مجلس الشورى على تعيينهم ،وقطع الطريق أمام  أي مزايدة  على تلك للأسماء من قبل أعضاء المجلس.