اليمنيون لا يعولون على مصالحة فُرقاء العملية السياسية

2014/08/18 الساعة 08:59 مساءً

على وقع الأحداث المتلاحقة في المشهد السياسي بعد سقوط عمران ( شمال صنعاء) مؤخرا والتي أفرزت جملة من التوقعات والتكهنات غداة وضع الحرب أوزارها في وما نتج عنها من تداعيات لوجستية انعكست بداهة على احتمالات تغيير خارطة التحالفات السياسية بين حلفاء الأمس وخصوم اليوم وقد تجسد ذلك في تكهنات عكستها وسائل الأعلام لكل تلك القوى المتناحرة في المشهد السياسي اليمني الا انه يمكن القول بأنه من المبكر الجزم بأن التحالفات ستكون نسخة مكررة لظروف محلية مشابهة منها حرب 94 ولكن المؤكد إنها حتى اللحظة مجرد جس نبض وتسريبات إعلامية ليس إلا لمعرفة محاولة صياغة تحالف مشابه لتجارب سابقة ، إلا انه يمكن القول بأن بقى الرئيس السابق على قمة احد الأحزاب الفاعلة في الساحة فأن التكهن بتحالف متوقع ليس دقيقا ولا يمكن مقارنة بحجم المأساة اليوم واستنادا إلى حدة الخلافات العميقة بين تلك القوى سوا على مستوى القواعد او قيادات تلك الأحزاب مع ان كل الكيانات السياسية لايتوقع منها فعلا ديمقراطي في قرارات مصيرية ، وأيا كانت نتيجة ما يتداول وراء الكواليس بين تلك القوى إلا انه لا يتوقع انفراج قريبا وهذا فقط على مستوى قوتين فقط فما بالك بكل من في المشهد السياسي من لقاء مشترك وحراك ونحو ذلك .

والإشكال الآخر ان التنسيق في مصالحة يتم التركيز على القوى السياسية دون النظر للأذرع العسكرية وقوات بعض القوى التي خارج المؤسسة العسكرية من قبلية وميليشيات ، وأي تحالف يقفز على أسس متفق عليها في حوار يمني طال زمنه وبرعاية اقليمية ودولية فيفترض انه كفي وأوفى لرسم خارطة طريق للمستقبل ولا يعقل ان نبدأ من جديد في كل منعطف سياسي او نكسه عسكرية ، فمرحلة انتقالية تلد أخرى وحوار قد يفرز حوارات ومصالحة تفضي لمصالحة أخرى وهكذا دواليك.

حدة الاستقطاب بين المكونات الرئيسية والتابعة وكذا بين الأحزاب نفسها والتأثير على الرأي العام.

يحمد لهذا الشعب العظيم التعايش مع حالة (اللادولة) وتسير أمورهم ذاتيا ، في معاشهم وتفاصيل حياتهم ، والاهم في الجانب الأمني فرغم أن الشعب يكاد يكون مسلح في معظمه إلا أن نسبة الجريمة تعتبر نادرة مقارنة بانفلات الدولة وضعف مؤسساتها الأمنية ، وعدم وجود رادع قانوني يحول دون ذلك .

وكان جوهر المبادرة الخليجية هوان يجنب اليمن الانزلاق في حرب أهلية تهلك الحرث والنسل ، بالطبع مقابل حصانة لرئيس النظام السابق وعدد ممن شملتهم تلك الحصانة ممن عملوا مع الرئيس السابق والتي فيها من التناقضات ذلك ان الرئيس الحالي نفسه هو ممن عمل مع الرئيس السابق ، وهذا يعني انه معصوم من الخطاء وهل يفسر ذلك فيما سبق او للفترة اللاحقة لإعلان المبادرة وهو الأمر نفسه حين إسقاط بنود المبادرة على رئيس النظام السابق الذي لازال فاعلا بل ومحور السياسة اليمنية بعد الربيع المفترض في اليمن وهذا ما يؤكد بأنه لا تغيير في اليمن بل بالعكس أصبحت تلك العناصر بمنأى عن المسئولية المباشرة ومتفرغة لما يحلو لها من لعبة الشطرنج والعبث بحلم التغيير في اليمن . فالإشكال الأساسي  انه لازال يمارس السياسية والإشكالية الثانية  من يشملهم الحصانة قيادات يفترض إنها جائت للتغيير ، ولا نجد تفسيراً لإصرار رئيس النظام السابق المستفيد أصلا من  الحصانة إلا لفرضية انه المستفيد الأول من تداعي الحالة كي يثبت بأن اليمنيون كانوا في أحسن حال في عهده الميمون ، مع ان اليمن لم تكن قبل ثلاث سنوات أي قبل الثورة الموؤدة مثل سويسرا في الأمن والاستقرار ورغد العيشّ!

 ويرى آخرون بأن من منح حصانة كان يحلم بها أي دكتاتور عربي أطاحت به رياح الربيع العربي سواء تونس مصر او ليبيا  بأنه يمُن على الشعب اليمني بأنه لم تحدث حرب أهلية مع ان تعقد الأزمة السياسية والانعكاسات الأمنية والاقتصادية وسؤ الخدمات وتلاشي هيبة الدولة ، هي أشبه بحرب أهلية كان لها تداعيات مأساوية من تدني في الخدمات الأساسية من نقص للطاقة وشح المياه ونحو ذلك، الأمر الآخر هو هوس السلطة  وحب الظهور من جهة والانتقام الشخصي على حساب تدمير أمل الأمة في التغيير من جهة ثانية .

ولا أجد تفسير لما يهلل له البعض ويفرح لهكذا توافق مع ان لليمنيين دروسا سابقة فالخاسر هو المواطن في نهاية المطاف لان النخب نفسها تتداول المواقع وتبقى السلطة بيد مراكز النفوذ منذ عقود مضت ، فلم تشهد اليمن تحولا او تغيرا على غرار بلدان الربيع العربي فالنظام هو نفسه وأن تغيرت بعض الوجوه .

وأجمالا لن تقوم لليمن قائمة إلا بعد رحيل هؤلاء القوم الذين سواء توافقوا أو اختلفوا ليس حبا في الدولة بل حفاظا على نظام غير مأسوف عليه. ولن تقوم لليمن قائمة إلا برحيل تلك القوى المتنفذة المختلفة اليوم المتحالفة بالامس ، وأخيرا لن تقوم لليمن قائمة إلا بتواري الأحزاب التي تقوم على أساس ديني او مذهبي أيا كانت ولنا في بلدان أخرى دروسا وعبر لمن اعتبر.