كان من ثقافة اليمنيين أن الرجل لا يتخلى أبدا عن خفاق الجنبية (الخفاق هو حزام الجنبية وغمدها، ويسمى في كثير من المناطق خفنق)، وكان من أشد العيب على الرجل أن يخرج إلى الناس أو حتى يستقبلهم في بيته وهو بدون هذا الجهاز “الخفاق”، ولهذا نجد في بعض المناطق أن الرجل إذا أراد أن يدعو على آخر بالموت والهلاك قال له: “علقوا جهازك”، ذلك أن جهاز القبيلي يعلق في بيته بعد موته.
وفي واحدة من القصص قالوا إن عصابة من اللصوص وقطاع الطرق اعترضوا أحدهم كان مسافرا على جمله.. طلبوا منه المال الذي بحوزته فسلمهم إياه، ثم طلبوا الجنبية فناولهم الجنبية، ثم أخذوا الجمل بما حمل وهو ينظر لا يدري ماذا يصنع، ثم نزعوا خاتما كان على أصبعه، وهكذا سلبوه كل شيء ولم يتركوا له إلا خفاق الجنبية لأنه رخيص ولا قيمة له، وقبل أن ينصرفوا كانت نشوة هذا الانتصار قد ملأت نفوس بعضهم، فإذا بهم يعودون إليه ويطلبون منه الخفاق زيادة في إرغامه، وما إن طلبوا منه نزع الخفاق حتى انتفض وهو يضرب بيده على الخفاق ويقول: إلا الخفاق، لا نتخافق!!
اقترب منه أحدهم يريد نزع الخفاق فضربه الرجل ضربة قوية واستل منه جنبيته وطعنه، ثم اشتبك معهم وفعل ذلك بالثاني والثالث حتى سقط منهم من سقط وهرب من هرب واستعاد الرجل من هؤلاء القطاع واللصوص كل ما كانوا قد نهبوه.
لهذا قلت عن محافظة الجوف المهمشة والتي ينظر إليها على أنها محافظة صحراوية ولا يؤبه لها: إنها خفاق اليمن!!
