14 اكتوبر من التمرد الى الثورة

2014/10/14 الساعة 12:54 صباحاً

سجل التاريخ انطلاق المقاومة في ردفان في مثل هذا اليوم ، بحق، بانه يوم بداية انعتاق الشعب في الجنوب من اسر الاستعمار البريطاني، وبرز فيها اندماج المدينة والريف وتضافر جهود ابناء الشعب بكل طبقاته وشرائحه في الكفاح من اجل الحرية.

ولطالما أعجبني تفريق البير كامو صاحب كتاب "الانسان المتمرد" بين التمرد والثورة، فالتمرد  في نظره موقف روحي ، وشاهد للعدالة،  وهكذا يجب ان نفهم ان التمرد ليس مبدأ مبهما ومجردا وانما مجموعة قيم ملموسة. انه يتطلب انتباها ثابتا لآلالم الآخرين، وانذارا متواصلا لما يسببه. وإن شعار الثوريين (كل شئ اولا شئ) ينتهي الى النفي الشامل، بينما التمرد ينقذ الكائن من العدم، وبدلا من ان نقتل اونموت في سبيال انتاج الكائن (الثوري) الذي لا نكونه، علينا ان نعيش وان نترك الغير يعيش من اجل ان نرتقي بالكائن الذي نكونه.

اليس هذا ما حدث في الجنوب ؟ تحول التمرد الى ثورة ايديولوجية، وسيطر الثوريون على البلاد، ونفوا جميع الآخرين. لقد وصف المؤرخ ارنولد توينبي الماركسية "بأنها هرطقة مسيحية تبشر بقدوم جنة ارضية على المدى البعيد". فالحكم الماركسي حكم ثيوقراطي ، والثوريون الحزبيون فيه هم الكهنة.

لا شئ  يبرراقامة  ثيوقراطية شمولية. ولن يكون من الممكن ابدا اقناع خدامها لانه لا يمكن اقناع ممثلي ايديولوجية، فالانسان في ظلهم ليس الا المادة الخام للتاريخ. وفي هكذا نظام يصبح القتل مشروعا ومعمما. وفيه يغتال المرء اصحابه ورفاقه والآخرين، "وفي سبيل االسيرورة الثورية من اجل الارض الخاضعة المطهرة من الخصوم، سيغرق آخر ظلم في دماء العادلين والظالمين" حد تعبير كامو. فضد افراط الثورة يجب الاحتفاظ  بروح التمرد.

وفي رايي ان الحراك الجنوبي العظيم ليس ثورة  من صنع ثوريين ايديولوجيين، لكنه حراك  من صنع الانسان المتمرد. و"من هو الانسان المتمرد؟ إنه الانسان الذي يقول لا"،  ليس  ضد ما يعاني منه شخصيا او ما يعاني منه رفاقه فقط ، ولكن ضد ما يعاني منه الآخرون ايضا، طلبا للعدالة والكرامة والحقوق ومن اجل انتزاعهما وفرضهما كواقع.

 

*نائب عميد كلية اللغات – جامعة عدن