قطر الحبيبة .. !!

2015/02/20 الساعة 11:27 مساءً

قطر الحبيبة، أرادت لنا الحياة فأردنا لها الانكسار والفناء، لا ترى لنا الا الخير، لا نقص في خيرها او تشكيك وربما هكذا ترى، وتصر ان لا ترينا الا ما ترى، لم تدخر جهدا في ارضائنا واسعادنا بل قالت وايوائنا، وذهبت ابعد من ذلك، فكان منا الثوار والاحرار والفلول والحرس والعبيد والعائلة، هكذا يقول اعلامها، علمنا آداب الحديث وحسن التخاطب ورفع من شأن القيم،

 

            قطر الحبيبة، بمالها وما عليها، بأموالها وإعلامها وحدت الامة، وجمعت الكلمة، ولم تفرق، من حر مالها وقوت شعبها آوت المستضعفين، واعادتهم الى بلداننا مثقلين، وبعد ان نهلوا من الحرية ما نهلوا واغتسلوا وشربوا وكانوا من الناشطين، عادوا بحقائبهم الصغيرة الفارغة، ومخطوطاتهم المترجمة، عادوا ولم نعلم بمقدمهم، وكيف باعوا وابتاعوا وما كسبوا،

 

            قطر الحبيبة، ورغم صغر سنها، مثقلة بالمخطوطات والوثائق المترجمة، والمطلوب إعمالها وتنفيذها وتحقيقها، ليس في بيتها، انما في الدار القريبة من دارها، في دارنا، في دار المستضعفين كما يحلو لها، بذلت لذلك ارواحنا واموالها، فسالت دماؤنا، وانتصر تحريضها، عدنا الى رشدنا، فعادت مرة اخرى، وجدت ضالتها في الشقيقة الكبرى والمستعمر الاخفى،

 

            قطر الحبيبة، تدعونا اليوم الى الخروج من ظلمات الفقر الى نور العيش، ومن عبودية الحاكم الواحد الى حرية الحاكم الاوحد، من تجربة الخوف الى مغامرة الحرب والفتنة، هذه المرة دون فتاوى، صار في قرارات مجلس الامن والعم سام ما يكفي، صار في حصار وعزلة الاخوة العرب والشقيقة الكبرى ما يسد وما يغني، صار في ثنائية السنة والشيعة في بلدي ما يُبكي وما يُدمي،

 

            قطر الحبيبة، خارجيتها واعلامها ومخابراتها، مسارات الفوضى الخلاقة في الوطن العربي، وفي بلدي، تعمل على التناقضات، وخلط الاوراق، وارباك المشهد، مسارات تتحرك في اروقة مجلس الامن، ثم تحشد الشارع ضدها، تدعم نظرية المؤامرة حتى يكون لها جمهورها، ثم تنسفها، تبارك الموالاة وتمد يد العون للممانعين، مسارات تهدف الى خلق كينات الصراع والاقتتال،

 

            قطر الحبيبة، تجيد اللعبة، باموالها المٌبهرة تعلم مدى الحاجة والفاقة المادية لدى القيادات الحزبية والسياسية المتلطعة في وطننا العربي وفي بلدي، بلباسها الديني تعزف على وتر الالتزام والتدين لدى الشعوب العربية والاسلامية، والتواقة لنصرة الدين ورفض تدخل اليهود والنصارى على حد قولها، ولا يخلو ذلك من التحريض على قتل هؤلاء الكافرين، وربما الدعم في ادنى تدخلاتها،

 

            قطر الحبيبة، تدرك الابعاد والتوفيق، بخطابها القومي والتعبوي تلامس شعور الشباب المتحمسين من جهة، وتواكب الكهول المنظرين من النخب اليسارية من جهة اخرى، بروح المبادرة والتطمينات المرسلة الى الخارج تعرف كيف تتعامل مع دهاليز الخارجية الغربية وتكسب ودها، بكل ذلك واكثر، بكل أمراضها وانفصامها، تتفنن في ايذاء جيرانها، وتتقن قتل اخوانها،

 

            قطر الحبيبة، بالرغم من ذلك، لا تأخذي بهذا الكلام، مازال منا من يرى من تسلسل الاحداث مدخلا لسلامة النية وحسن المقصد لديكِ، ما زال منا من يصر بالقول ان ماجرى سابقا لم يكن الا ربيعا عربيا ومشروعا نهضويا نتج عن هبة شعبية عفوية وتلقائية، وان ما يجري حاليا ما هو إلا ثورة مرتدة ومؤامرة شعبية ضد ذلك المشروع، تفائلي، مازال منا من يقول كما تقول قطر،،،  

 

 

                                                                        د. طه حسين الروحاني

https://www.facebook.com/taharawhani