لم يعد خافياً على أحد أهداف المناورات والتحالفات المشبوهة والقذرة التي دأبت على انتهاجها القوى التقليدية في الشمال، وفي مقدمتها تحالف علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي لاستفزاز الجنوبيين، والذي يحمل الحقد والمشاريع المسمومة لعودة صالح وحلفائه إلى الحكم.
للأسف لا يزال الملياردير اليمني (صالح) يضلل بعض الفئات والشرائح المجتمعية في الشمال ويستخدمها كسلالم للعبور في مستنقعاته القذرة لتنفيذ مخططاته التآمرية على الشعب اليمني، ودول الجوار، ومغالطة الجميع بالزيف والخداع الذي عُرف به طوال سنوات حكمه، لتحقيق غايته بتضليل عقولها بفبركته المصطنعة التي لا وجود لها من خلال التوظيف السيئ للتقنيات الحديثة لتقليد الأصوات أو غيرها من الأسطوانات المشروخة التي مللنا من سماعها.
ما يؤلمنا أن البعض لازال يمنحه فرصة لتكرار الضحك على ذقونهم وكسب عواطفهم بهذه الطرائق المشينة، دون أن يراعي أي اعتبار لوعيهم، وكل هذا فقط ليشبع رغبته في الانتقام من خصومه على حساب تدمير الوطن بأمواله التي نهبها من ثرواته وخيراته، ليكشف للجميع بذلك التصرف حقيقة مواقفه العدائية للوطن وللأمة، وليسقط سلوكه المدمر الصورة التي تشكلت في نظر المجتمع بعد أن حصل له ما حصل في مسجد النهدين، والاعتقاد بأنه أقلع عن تصرفاته المهينة للشعب، وأن حالته النفسية المليئة بالمغامرات قد تعافت، وأنه تخلى عن سلوكه العدائي للشعب الجنوبي واتجه إلى طريق التوبة النصوح لطلب المغفرة والهدى من الله سبحانه وتعالى عما ارتكبه بحق الشعب اليمني والجنوبي خاصة وابتزازه لدول الجوار، وكنا نظن أن الرجل سيبدأ حياة جديدة يكفر فيها عن خطاياه، والاعتذار للشعب الذي نهب أمواله وقتل أبناءه الأبرياء.
إلا أنه للأسف أسقط تلك الصورة من مخيلتنا لنتفاجأ بعودته إلى أصله الحقيقي الذي نشأ وتربى عليه، ليذكرنا بأغنية الفنان المرحوم كرامة مرسال “من يدعي أنه قنع أو تاب كذاب” حين طل علينا الإثنين الماضي مكرراً خطاب 27 أبريل 1994م الذي أعلن فيه الحرب على الجنوب، وما تضمنه حينها من تهديد ووعيد للمناضل علي سالم البيض ولأبناء الجنوب عندما استخدم بعض الأحزاب وأصحاب الفتاوى الجاهزة سلالم لاجتياح الجنوب، ولم يدم تحالفه معهم طويلاً حتى انقلب عليهم.
اليوم صاحب الحصانة يكرر نفس الاستفزاز لأبناء الجنوب خاصة، والشمال عامة، ولا ندري ما هي الفتاوى التي يطبخها ليجتاح الجنوب ثانية، وتحت أية ذريعة وعقيدة سيقود حربه هذه المرة، بعد أن أسقط أبناء الجنوب هذه المرة مراهناته ليتحول هو “الانفصالي”، وبعد أن أصبح شعار “الوحدة أو الموت” باليا وغير مجد في هذا الوضع.
فليعلم هو وغيره أن الجنوبيين اليوم ليسوا كما كانوا بالأمس، وأن الأشقاء والعالم أجمع لن يسمحوا بتكرار الالتفاف على القرارات الأممية، كما فعل بمنع الأخضر الإبراهيمي من زيارة عدن في يونيو 1994م عندما أوهم العالم بسوء الوضع الأمني، حين نراه يحاول مجدداً استنساخ نفس العامل الذي كسبه سابقاً بتهديد أتباعه من الحالة الأمنية في عدن والمواقع الحساسة بغية إخافة العالم والأشقاء، وتصوير مدينة عدن بأنها غير آمنه.. كلا، وألف كلا لن تنطلي هذه الألاعيب على أبناء الجنوب، وعندئذ سيقولون كلمتهم الفاصلة، وسيقف العالم إلى جانبهم، ولن تتكرر هزيمة 94م أو التعهدات الشكلية التي جمدت قرارات مجلس الأمن الدولي، لأنهم أصحاب قضية ودعاة حق.
وما المراهنات التي يقوم بها صالح وجماعة الحوثي لرفض وعرقلة نقل مكان الحوار إلى الرياض والتلويح بشروط العودة إلى صنعاء لإجراء الحوار فيها تحت فوهات المدافع إلا استنساخ لنفس سيناريو حرب 94م حين أصر على عودة علي سالم البيض إلى صنعاء وإجهاض الفرص المتاحة حينها للحوار لجر البلد إلى فخ الحرب بعد التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق مطلع 94م، للانقلاب عليها قبل أن يجف حبر التوقيع عليها، وهذا ما يسعى إليه اليوم بإجهاض فرص ومساعي الأشقاء للحوار لإنقاذ اليمن من الانزلاق نحو الحرب، ليستبق بدعواته التحريضية وإعلانه للحرب على الجنوب تلك المساعي محاولاً وضع الجميع - كما اعتاد - أمام مأزق جديد لكبح مساعي السلام.