لم يهرب (الصبيحي) ولكن (شُبِّـه لكم)..!!!

2015/03/13 الساعة 12:36 صباحاً

يسود اللغط في كل اتجاه، وليس الرجل معني بالتحدث كثيراً إلى وسائل الإعلام، تارة ينفي وتارة يؤكد، وأخرى يبرر، هذه ليست إحدى موروثات هذا القائد العسكري، وتضل هذه الوسائل تخمن وتجتهد، حسب أهوائها و اتجاهاتها، أو حتى ادعاءاتها المواكبة والقرب من مصادر الأخبار، وعطفا على ما سبق سيثور الجدل البيزنطي، هل حضر الصبيحي "الإعلان الدستوري" تحت تهديد عصا الحوثيين، وهل هرب مسترقاً بعد استراحة غداء، إذن، الصبيحي لا يتحرك إلا بالعصا..!، ويبلغ اللغط ذروته في التيه، بشأن هذا الخصوص، هل حضر الرجل برضاه أم حضر تحت طائلة التهديد، هل هرب أم ذهب من ذات نفسه، وكان التهديد جواباً غير مقنع البتة، ولا ينبغي أن يحمل واجهة هذا الرجل، صاحب المقولتين الشهيرتين في أحد اللقاءات ( لا يشرفني حمل "الرتبة" والنساء مرعوبات في البيوت ) والمقولة الأخرى،( الجانب الأمني صفر ومن يتحدث عن "تحسن" كذاب)، بل فيه إساءة ومغالطة كبيرة بكل المستويات، ويهين رتبة الرجل العسكرية، التي يحملها أعلى كتفيه، وكأنه لصٌ مارق، حسبما يدور في تلك الأحاديث السمجة، والبعيدة كل البعد عن الواقع الحقيقي، و يا ترى ما هي أولى المحطات التي حط رحاله فيها، هل في دار الرئاسة عند هادي، أم في دار أهله، أسئلة سترافقكم في عقولكم، وستجيبون عنها بعد قراءة ما كتب أسفل..!

شُبِّــــه لكـــم..!

والآن مرة أخرى، نسيء للرجل بعبثنا المبالغ فيه، هرب أو لم يهرب، شجاع أم جبان، مؤكد أنه "لم يهرب؛ ولكن شُبِّه لكم..!، نعم شُبِّه لكم، بأنه هرب من تحت الإقامة الجبرية، التي فرضها عليه الحوثيون، حسب قولكم، هكذا تتمنون، فتقعون جميعكم ولا شكَّ تحت قيود أمانيكم، ودون أن تحكّموا عقولكم، والعقول وحدها، من ستجيبكم؛ ولأن الصبيحي رجل حرٌّ وفي الوقت ذاته، محيِّر، وسيتصرف بسليقته ومن دون تكلف كما تم التحدث معه هناك، هناك هذه تعني هناك..!، ودون أن يهمَّ لمن يريد ومن لا يريد ذلك، الطيور مكانها الفضاء الشاسع، وإن حُبِسَت فإنها ترسل ألحانها الحزينة من أقفاصها، وسرعان ما تذبل ثم من بعدها ذلك تموت..

وإذن فالأمر لا يتعلق برجولة الصبيحي فقط، هنالك همٌّ أكبر منه، المسؤولية، يوم انعدمت في رجال هذا الوطن الفسيح، ونظنها همه وشغله الشاغل، ولا نظنه يبحث عن مصالح، سرعان ما تذوب ويذوب معها مجده، ويأكله ضميره، والدود من بعده، لا أتحدث بلغة القبر، بل أتحدث بحدة الرجل الصبيحي الغيور على وطنه، الشهم في منبته، المدافع عن كرامته، الملزم بحماية كل الضعفاء والمسكونين بالبساطة في ربوع هذا الوطن، دون تمييز عن شكل أو لون.

 

هنا سيحط الرحـــال..!

الصبيحي بنفسه لن يكون، بل بالآمال العريضة التي يحملها عن كواهل الناس، إن حمل ذنباً أو تآمر، فسيسقط من ذات نفسه، كما سقط السابقون الأولون، ومعروف أنَّ الذنب ثقيل ثقيل، وما وضعه أحد على كاهله، إلا وخرَّ ساقطاً كما يسقط البعير، وحتى هو سيعرف مقدار رخص نفسه بين الناس، وسيلتفتون عنه إلى غيره، إلى من يرون فيه الأمل، إلى حيث يوجد النور، وإلى حيث لا توجد بضاعة الخذلان، التي يُباع الناس فيها ويشترى،  وليس رجل كالصبيحي يبحث عن المجد في المال أو بين أثداء النساء، إنه فارس من الزمن الصعب، من زمن الفحولة الصبيحية الخالصة، ولا نظنه سيتخلى عنها، لقاء شخص أو منصب أو مال، فهو الذي دارت عجلة الحياة عليه، وأيقن أنها أدوار، تمرُّ مر السحاب (من قائد إلى مهمش، إلى مغترب، إلى قائد، إلى....)، وسيكتبها الكلمة الأخيرة بيديه، فهو الوحيد من سيدون اسمه، ومن يعرف قيمتها، وكيف سيكتبها وبأي مداد..!

إننا على دراية ونعرف الأخطاء التي وقعت فيها جماعة الحوثيين، بشأن تغييرها تحت حدِّ الإجبار، وإبحارها عكس تيارات كثيرة، لكن في التاريخ أمثلة كثيرة لرجال لا يستجيبون إلا لدواخلهم.. لحدسهم.. لأوجاع البسطاء والمطحونين، التي ستنير دروب من ينشد صوت الحقيقة والعدالة، مرشدة إياهم إلى طريق النجاة، وهنالك رجال لا يقبلون بالإجبار، ولو قتلوا مصلوبين.. ، وإذا كان الصبيحي قد حضر "الإعلان الدستوري"، و"ترأس اللجنة الأمنية" من دون رضاه، فإن هذه كارثة الكوارث، وإن هرب بعد أن أمنه الحوثيون، فلا خطر عليهم من هروبه أبداً؛ لأنه قد كفاهم نفسه بنفسه، وهو بهذا يكون قد طمأنهم من ناحيته؛ لأنه حينها ليس الرجل الذي يخافون منه.. والصبيحي - ولا شكَّ - أكبر مما ذُكِر أعلاه، وهو - ربما - يحاول نزع فتيل الأزمة قبل أن تنفجر في وجه الكل، ستفهمون ما أقصد في القريب العاجل، قلناها في السابق، ونقولها الآن مرة أخرى..!

 

بين اللواء "الصبيحي" والعميد "هيثم قاسم"

وتدور نبوءات كثيرة حول الرجل، فرَّ هارباً، أم جيء به مرسلاً، أم أتى من تلقاء نفسه؟!، هنا نقول أن ما يقوم وما سيقوم به، القائم بأعمال وزير الدفاع، اللواء الصبيحي من دور، سيتطابق كثيراً، مع دور وزير الدفاع "هيثم قاسم طاهر" في أزمة صيف94، وهذا ما كتبته في تحليل سابق، حيث كان دوره التحرك في المناطق الملتهبة، لتهدئة الأوضاع؛ وإخماد النيران، حتى لا تتسبب بحرب أهلية، بين الدولتين المتوحدتين في كيان دولة واحدة، قبل فترة قليلة فقط، حيث كان يوعز وزير الدفاع "العميد هيثم قاسم" بإيفاد اللجان العسكرية المختلفة، برئاسة نائب رئيس الأركان، لمحاصرة المواقف المتحفزة للحرب، حتى استطاع تهدئة المواقف (نسبياً)، بعد اشتباكات كثيرة، حتى انفلت الوضع إلى الحرب المشؤومة في ذلك العام، هنا سيتكرر السيناريو ذاته، باختلاف، أن الاشتباكات قد تلحق مجيء الصبيحي، وقد ينفلت الوضع لا قدّر الله؛ لكنه بالإمكان السيطرة عليه، تحت قواعد أمنية صعبة، لكنها لن تخلو من الفوضى والتداعيات..

ويبدو الآن، أن اللواء الصبيحي يعمل بنفس الدور الذي وضع نفسه فيه منذ وقت لا بأس به، حتى وإن تحدثت بعض الوسائل الإعلامية عن وقوفه بجانب الحوثيين على حساب الرئيس هادي، وآخرها ما أوردته صحيفة موالية لأنصار الله الحوثيين، حيث قالت على لسانه بأنه قال :"إنما يحدث في عدن مجرد زوبعة ستنتهي قريبا" في إشارة إلى وجود الرئيس هادي وتراجعه عن الاستقالة التي قدمها لمجلس النواب في الــ22 من يناير الماضي، عند وصوله إلى عدن.

ولكننا نعتقد كما قلنا ذلك في أوقات سابقة، أن ولاءات هذا الرجل ليست للحوثيين ولا لأشخاص غيرهم، إنما هو فقط، يريد إعادة هيبة الجيش والدولة، لجعله بمنظومة وطنية متماسكة، بغض النظر عن الانفصال أو الوحدة، وربما مبعث كل تصرفاته تلك، هو خوفه الشديد من حدوث تداعيات (خطيرة)، لمغامرات غير محسوبة، وقد يطال أذاها كل شيء شمالاً وجنوباً، وهذا ما يتبين من طبيعة أفعاله السابقة، ومؤكد أن الأفعال التي ستأتي لاحقاً ستصب في ذات القالب.

تســــاؤل أخــــير..!

وهذا التساؤل الأخير، أجعله يرسو في أذهان من يتابع ما أكتبه، بين الفينة والأخرى وهو، هل لنا أن نتساءل لماذا (هرب) - الكلمة ما بين القوسين مختارة بعناية لغرض إيصال رسالة في السؤال - الصبيحي في هذا الوقت بالذات؟؛ التساؤل هذا له خلفية يمكن أن تزيده وضوحاً، وهذه الخلفية مرتبطة بنتيجة المحافظة على اتزان الأمور، وبقائها في حالة ركود نسبي، في مقر( قيادة القوات الخاصة) "الأمن المركزي" سابقاً بعدن، ولدى العميد السقاف ثقة، لا تعني إلا انتظار تحقق إحدى الفرضيتين، إضافة "عامل جديد"، يتم دمجه في هذه المعادلة؛ لتتزن الأمور وقد يكون هذا العامل الجديد هو الصبيحي، وإلا فإننا سنتجه نحو الفرضية الأخرى، وهي فرضية (التدخل المباشر)، إذا استمر عدم (التسليم والاستلام)، وهذا ربما سيفرض معادلة شديدة الوعورة، وهي أشبه بمعادلة صيف 94م..