ماجمل الاعلان عن الهدنة في اوقات الحروب ولكن هناك من يجير الهدنه لصالح الدفع بمزيد من الامدادات الى قواته على الارض وما هدنة 1949 التي اعلنت علية الامم المتحدة في فلسطين لا خير شاهد على ذلك بعد ان اعقبتها محادثات رودس .
ولكن هناك هدنات اعلنت في الحروب وسرعان ما انهارت ففي الحرب العالمية الأولى: في 24 ديسمبر 1914، كان هناك وقف إطلاق نار غير رسمي بين فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا من اجل الاحتفال بالكريسماس. لم تكن هناك معاهدة لتوقيعها وتم استكمال الحرب بعدها بأيام.
الحرب الكورية: تم إعلان وقف إطلاق النار في 27 يوليو 1953 من أجل وقف الصراع وإنشاء منطقة منزوعة السلاح. على أية حال لم يتم توقيع اتفاقية من أجل ذلك، وتقنياً ترك الكوريين الشماليون والجنوبيون في حالة حرب.
الحرب العراقية الإيرانية: وافق البلدان على وقف إطلاق النار 20 أغسطس لتبدأ بعدها المفاوضات المباشرة بين العراق وإيران في جنيف 25 أغسطس - 7 سبتمبر1988..
فلنترك التاريخ جانب فالشعب اليمني يستحق هذه الهدنة، لالتقاط الانفاس وحقن الدماء، ودفن قتلاه، وتفقد الدمار الذي حل ببلاده، وبناه التحتية التي تدمرت بالكامل تقريبا، فهذا الشعب الذي لم يعرف غير الفقر والجوع والفاقة بسبب سياسات المخلوع وحاشيته الاثرياء، وفساد حكوماته، عاش اياما من الرعب وانعدام الامن والامل معا، ومن حقه ان يعيش كريما عزيزا ابيا مثل كل الشعوب الاخرى في المنطقة وغيرها...
لا نستطيع الاغراق في التفاؤل، فما زالت هذه الهدنة في ساعاتها الاولى، وتشكل اختبارا لكل الاطراف المشاركة في الحرب، سواء بشكل مباشر، او من خلف ستار، ولكنها هدنة يلتقي الجميع تقريبا على الترحيب بها، وخاصة تحالف “القوى الانقلابية” الذي وجد نفسه يدور في دائرة مفرغة، وبدأت بعض جبهاته تسقط، وتتصاعد الانتقادات الشعبية اليمنية التي تتحدث عن الخسائر، والمعاناة الصعبة لأكثر من 25 مليون يمني محاصرين وسط الخراب والدمار، ولا يجدون ابسط المواد الاساسية من كهرباء وماء وطعام ودواء بسبب هذاء الانقلاب ...
المبعوث الدولي الجديد اسماعيل ولد الشيخ الذي بقي في صنعاء وبدأ اتصالاته مع القوى السياسية اليمنية يستطيع ان يلعب دورا مهما في هذا المضمار، اذا بدأ حيث توقف زميله السابق جمال بن عمر، والانطلاق من مسودة الاتفاق التي اعدها ووافقت عليها معظم الاطراف اليمنية بمافيهم الانقلابيون ،....
المحادثات الذي يقال انه ستعقد بأشراف الامم المتحدة عندما تتهيأ له الظروف الملائمة، بمشاركة الاطراف اليمنية الفاعلة على الارض، دون اي اقصاء او تهميش، يمكن ان يكون الحاضنة السياسية، والارضية الملائمة لتحقيق المصالحة الوطنية، والوصول الى صيغة الحكم المقبولة من الاغلبية العظمى اذا لم تحظ بموافقة الجميع، شريطة ان تتوقف التدخلات والاملاءات الخارجية....
المحادثات المقترحه يجب ان تتجنب الوقوع في الاخطاء الكارثية التي وقع فيها نظيره السوري، ابرزها محاولة فرض تسوية تعدها اطراف خارجية، واستبعاد احزاب وقوى، بل ودول، لان ما يمكن ان يترتب عن عملية الاقصاء والتهميش هو العودة الى الحرب، ولا نعتقد ان احدا في اليمن او خارجها يريد هذا السيناريو المرعب...
لا نريد ان ننكأ “جراح الكبرياء” ونحدد الاطراف الرابحة او الخاسرة، في هذه الحرب، الخاسر الاكبر فيها هو الشعب اليمني، ولكننا لن نتردد في القول، ودون مواربة، بأن نجاح هذه الهدنة واستمرارها وتمديد سقفها الزمني، هو بمثابة عجلة انقاذ لجميع الاطراف اليمنية، وتأكيد جديد بأن الخيار العسكري ليس الطريق الاسلم لفرض الحلول السياسية، بل قد يعطي نتائج عكسية لمن يقدم عليه ويتبناه وتحالف الحوثي والمخلوع ليس استثناء.
نحن مع “الهدنة” وصمودها وتمديدها، مثلما نحن ضد الاستفزازات بأشكالها كافة، ومن اي مصدر كانت، ذلك لأننا كنا من اليوم الاول نقف في خندق الحوار والحلول السياسية التي تحقن دماء اليمنيين جميعا، دون اي تفرقة او تمييز على اسس طائفية او مناطقية..
روضة الجيزاني .... اعلامية سعودية
[email protected]