د. عبده البحش
يستمر الدعم الإيراني للحركة الحوثية في اليمن ضمن التوجه المعلن والهادف الى تعزيز دور إيران الإقليمي من خلال دعم الأقليات الشيعية في منطقة الخليج واليمن والعراق وبلاد الشام، ويتضح الدور الإيراني بشكل اكبر من خلال العلاقة الوثيقة بين ايران والحركة الحوثية، اذ تتحدث تقارير عن الدعم العسكري والمادي واللوجستي الإيراني للحركة الحوثية، ففي حروب التمرد الستة التي خاضتها الحركة ضد الحكومة اليمنية، قدمت ايران كل اشكال الدعم من المال والسلاح وشراء ذمم بعض القادة العسكريين في النظام السابق، وكذلك شراء ذمم بعض المشايخ لضمان ولائهم للحوثيين، وغيرها من الصفقات السرية التي ابرمتها ايران مع اطراف إقليمية ودولية وجهات محلية بهدف مساعدة ودعم الحركة الحوثية وايصالها الى سدة الحكم في الجمهورية اليمنية.
وفي مجال الدعم العسكري والتدريب الإيراني للحركة الحوثية، نذكر اهم المعلومات التي وردت من أحد القيادات الميدانية الحوثية وهو الشيخ عبد الله المحدون، حيث افاد ان مدربين محليين تدربوا في لبنان وإيران كانوا يجمعون قطع الصواريخ ويركبونها ويصنعون الألغام، وأعرب القيادي ان خبراء ومدربين خارجيين من حزب الله الشيعي اللبناني، ومن فيلق القدس الإيراني كانوا يشرفون على الكوادر المحلية اليمنية، وأفاد المحدون ان هناك مراكز سرية عديدة لتصنيع السلاح ومراكز سرية للتدريب، واكد ان تلك المراكز مزودة بمكائن ومعدات حديثة تقوم بتصنيع قطع السلاح من اصغر قطعة الى اكبر قطعة، ومن ثم يتم تركيبها وارسالها الى جبهات القتال، واكد المحدون ان دعما كبيرا وصل للحوثيين من السلاح والمال والتموين قبل الحرب الرابعة، وقال القيادي الحوثي ان عبد الملك بدر الدين الحوثي اخبره، ان الحركة سوف تنتصر، وان الشيعة سوف يحكمون العالم، واعترف المحدون بانهم كانوا يستخدمون صواريخ من صنع امريكي حصلوا عليها بالمال الإيراني، واكد المحدون ان لدى الحركة الحوثية عناصر مندسة في الحكومة اليمنية، وعناصر أخرى مندسة في أحزاب المعارضة، واكد القيادي الحوثي ان الحركة كادت في الحرب الثانية والثالثة ان تنتهي لولا الوساطات والهدنات التي كانت تعطيهم الفرصة لإعادة تجميع قواتهم وتنظيم عناصرهم من جديد.
وتعتمد الحركة الحوثية على مصادر متعددة للحصول على السلاح ومنها ما تم شراءه من الاسواق اليمنية، وما حصلت عليه الحركة من جهات يمنية حاقدة على الحكومة، وكذلك الأسلحة التي غنمها الحوثيين من معسكرات الجيش اليمني خلال الحروب الستة خاصة الحرب الرابعة والخامسة والسادسة، وكذلك الأسلحة التي غنمها الحوثيين من الجيش السعودي في الحرب السادسة، لكن الدعم الإيراني يبقى هو الدعم الأبرز والأكثر فاعلية خاصة في المراحل الصعبة، التي مرت بها الحركة، وبرغم ان ايران تحرص على سرية الدعم والعلاقة مع الحوثيين، الا ان فضيحة السفينة الإيرانية المحملة بكافة أنواع الأسلحة كشفت المستور عندما وقعت سفينة جيهان الأولى وسفينة جيهان الثانية في قبضة الحكومة اليمنية، وكشف تقرير سري صادر عن لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة والمختصة بالأزمة اليمنية، ان ايران متورطة في تسليح الحركة الحوثية، ورصد التقرير خمس حالات نقلت فيها سفن إيرانية أسلحة الى اليمن، وذكر التقرير ان السلطات اليمنية ضبطت مركب صيد إيراني في فبراير 2011م، اثناء نقله 900 صاروخ مضاد للدبابات والطائرات قادمة من ايران ومتجه للحوثيين.
ومؤخرا اعترضت القوات البحرية الامريكية في 28 مارس 2016م، شحنة أسلحة إيرانية كانت متجهة الى الحوثيين في اليمن وتمت مصادرتها، وأكدت البحرية الامريكية ان سفينة حربية تابعة للبحرية الأسترالية ضبطت شحنة أخرى من الأسلحة كانت في طريقها الى اليمن عن طريق الصومال في فبراير عام 2016م، وصادرت السلطات الفرنسية شحنة أخرى من الأسلحة كانت في طريقها من إيران الى اليمن في مارس 2016م.
لقد سعت إيران بكل قوة الى الربط بينها وبين الأقليات الشيعية في جميع انحاء العالم بشكل منظم ومدروس، وتركز إيران على الشيعة في منطقة الشرق الأوسط، حيث أصبحت إيران كما يقول المفكر العربي الراحل احمد حسنين هيكل قبلة للشيعة في كل مكان، فشيعة مصر وموريتانيا واليمن والعراق وسوريا ولبنان، والخليج العربي وتركيا وأفغانستان والهند وباكستان، لهم مرجعية عليا واحدة في طهران، وصورة الخميني في مكاتب هؤلاء جميعا، واليمن واحدة من أبرز هذه البلدان، التي تعاني من جحيم الحرب الطائفية التي يشنها الحوثيين على مختلف الشرائح الاجتماعية اليمنية، اذ تستضيف ايران الشخصيات المتحولة من المذهب الزيدي الى المذهب الاثني عشري، وتقدم لهم الرعاية والحماية والظهور في القنوات الفضائية التليفزيونية الإيرانية الناطقة باللغة العربية.