د. عبده البحش
تقدم إيران الدعم المالي للحركة الحوثية بطرق غير مباشرة، بحيث تبقى الحكومة الإيرانية في منأى عن اية مسؤولية قد تترتب على دعمها للحوثيين، اذ تعتمد إيران على طرق غير مباشرة لإيصال الدعم المالي للحركة الحوثية من خلال مؤسسات أهلية او خيرية حسبما صرح به وزير الخارجية الإيرانية، فضلا عن شحنات المخدرات التي ترسل الى اليمن بغية الاتجار بها وادخالها الى بلدان الخليج العربي عبر الحدود اليمنية السعودية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والذين بدورهم يستخدمون عائدات هذه المخدرات لتمويل أنشطتهم، وفي هذا الصدد نجد تشابها بين الحوثيين والقاعدة في مسألة الاتجار بالمخدرات، فالقاعدة وطالبان يصدران مادة الهيروين الى مختلف البلدان، والحوثيين يتاجرون بشحنات المخدرات التي تصدر الى بلدان الخليج العربي ويستفيدون من عائداتها في تمويل انشطتهم، وبهذا نستطيع القول ان ايران تمتلك وجودا حقيقيا في اليمن من خلال الحوثيين الذين تربطهم بإيران ولاءات عقائدية.
ان العلاقات الإيرانية مع الحوثيين تنطلق من البعد الاقليمي للسياسية الخارجية الإيرانية، التي تسعى الى تطوير حضورها في المنطقة العربية مع التركيز على الحالة اليمنية، كون الزيود يشكلون ما بين 30-35% من السكان، ويبدو ان علاقة إيران بالحوثيين تشكل احدى أدوات فرض النفوذ والهيمنة الإيرانية على شعوب المنطقة العربية، ومن جانب اخر تشكل المواجهة السياسية الإقليمية بين السعودية وإيران احدى اهم مرتكزات العلاقة الاستراتيجية بين الإيرانيين والحوثيين، فهناك رغبة جامحة لدى الإيرانيين والحوثيين في مشاغلة السعودية، واثارة الفوضى فيها عن طريق الأقليات الشيعية داخل السعودية، ولم يعد خافيا ذلك الهدف الاستراتيجي المشترك بين الحوثيين والإيرانيين، والمتمثل في السيطرة على الديار المقدسة في مكة والمدينة، اذ نلاحظ ان ايران تجهر بعلاقاتها مع الحوثيين بعد ان دخلوا صنعاء وسيطروا عليها في 21 سبتمبر 2014م، بل وصل الامر بالساسة الإيرانيين الى حد الغرور والتباهي بأن طهران تسيطر على صنعاء العاصمة العربية الرابعة، وهذا يعني ان الحوثيين جيشا إيرانيا مثل حزب الله اللبناني وجيش المهدي وجيش القدس، وما يلفت الانتباه هو ذلك الترحيب الذي ابدته ايران بالوفد الحوثي عالي المستوى الذي زار طهران بعد السيطرة على صنعاء، وفتحت ايران الرحلات الجوية مع الحوثيين بواقع 14 رحلة أسبوعيا من طهران الى صنعاء، وكان الاعلام الإيراني يحتفي بالحوثيين ويتحدث عن وصول طهران الى سواحل البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
دخلت العلاقات الإيرانية الحوثية فصلا جديدا بعد سيطرة الحركة على العاصمة اليمنية صنعاء، اذ أعلنت إيران صراحة عن دعمها للحوثيين ووقوفها الى جانبهم، وباركت إيران الانقلاب العسكري الحوثي على الحكومة الشرعية التوافقية وعلى العملية السياسية ومخرجات الحوار الوطني، حيث تعهدت الحكومة الإيرانية بمواصلة دعمها للحوثيين حتى النهاية، واعرب مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والافريقية حسين امير عبد اللهيان عن استعداد بلاده لدعم اليمن في مختلف المجالات، وأضاف ان الرحلات الجوية الإيرانية بين صنعاء وطهران تتيح لليمنيين زيارة المراكز الدينية والسياحية في ايران، وتتيح فرصة للتجار ورجال الاعمال اليمنيين الراغبين بشراء البضائع الإيرانية. (عبد الرحيم علي: 3-3-2015م). واكد رئيس الامن القومي اليمني اللواء علي حسن الاحمدي انه تم القبض على خمس شبكات تجسس إيرانية في اليمن، والقبض على باخرة ايرانية محملة بالأسلحة كانت في طريقها الى الحوثيين، واضاف الاحمدي ان إيران أصبحت تصدر الإرهاب الى اليمن وتستخدم الحركة الحوثية لزعزعة امن واستقرار اليمن.
وعلى الصعيد ذاته عبرت إيران رسميا عن موقفها الداعم للحوثيين في اليمن من خلال تصريحات مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي، الذي اعتبر الانقلاب الحوثي بأنه صحوة إسلامية، وخلال اجتماعه مع رجال دين يمنيين ينتمون الى المذهب الزيدي الشيعي أشاد ولايتي بزعيم الحركة الحوثية عبد الملك الحوثي، معتبرا الانقلاب ثورة حقيقية ناجحة تجاوزت الصعوبات وحققت الإنجازات، واعرب ولايتي عن امله ان يحذو الحوثيين في اليمن نفس خطى حزب الله في لبنان، وهذه التصريحات تكشف بجلاء عمق العلاقة الإيرانية بالحوثيين، بل تكشف مدى التبعية الحوثية للإيرانيين.
باحث وكاتب
[email protected]