الوالد المناضل والمثقف الإنسان والسياسي النبيل.. صالح ناجي حربي.
عند كل مصيبة، وما أكثر مصائبنا كنا نعزي أنفسنا بوجودك أنت وامثالك.. ونمني وطننا بالخير والسلام لأنكم أنتم باقون صمام أمان في زمن الحروب الهمجية.. ونقطة ضوء في النفق المظلم.
الآن وقد رحلت عنا فجأة كيف بمقدورنا أن نعزيك ومن سيعزينا ونحن جميعا مكلومون.. كان الجميع أهلك واصدقاءك ورفاق دربك، وبقي الجميع مفجوعين برحيلك وموجوعين لفراقك..
أين نجد العزاء وكل ذكرى عنك موجعة؟ وكيف السلوان وقد غادرتنا بكل البهاء الذي كنت تحمله والنقاء الذي تمثله؟
حياتنا سلسلة مواجع لا تنتهي ولكن وجود النبلاء امثالك يخفف عنا وطاتها.. أما وقد وافاك الأجل فقد آن لاحزاننا أن تتمدد وعلى مثلك يطول الحزن يا من كنت أبا واخا وصديقا للجميع.
في العام 2008 أجريت معك أيها الراحل العزيز مقابلة صحفية رفقة الشهيد/وجدي الشعبي، نشرتها صحيفة الوطني، كان الحوار عن واقع عدن ولحج إبان انطلاقة الحراك الجنوبي، أتذكر مما قلته لنا يومها: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه أن لا ينهب حقوق الآخرين".
تحدثت حينها عن الوضع بمرارة، وشخصت الداء بكل صدق وموضوعية، وطرحت رؤيتك بشجاعة محارب وحكمة مجرب..
كان ذلك أول لقاء يجمعني بالوالد العزيز والشخصية الاستثنائية صالح حربي، وحينها تعرفت فيه على قائد متواضع وسياسي محنك ومثقف نبيل، جدير بمحبة الناس، كيف لا وهو لم يبخل على أحد بصدق محبته وحسن تعامله ونبل صفاته؟
مرت الأيام والاعوام وانتفض الشعب في ثورة فبراير على وقع عاصفة الربيع العربي، وأجريت معه لقاء صحفيا حول الثورة والأحداث فكان حديثه الهادئ ثورة هادرة، وكانت كلماته العميقة تكشف عن حكمة وتجربة وروح ثورية وطنية لا زيف فيها ولا ادعاء.
وكما جرت العادة حينما يرحل الكبار يقال دوما:ذهب ونحن في أمس الحاجة إلى مواقفه، أجل لقد كانت آخر لحظات حياته دليلا على حاجة المجتمع له ولامثاله.. كان في مهمة نبيلة مع كوكبة من خيار أبناء منطقة في الصبيحة..
رحلوا جميعا في موكب حزين..
الاستاذ الدكتور طه علوان، والعميد عبده عبدالله الشاعر، والمهندس محمد سيف الشعبي، والدكتور غسان احمد علوان.
خسارة كبيرة وفاجعة أكبر، لكن عزاءنا وجميع المكلومين في هذا المصاب أن لله ما أخذ وكل شيء عنده باجل مسمى، وإن القلب يحزن وان العين لتدمع، وإنا على رحيلهم محزونون.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.