د.عبده البحش
تحل علينا هذه الأيام الذكرى الأولى لرحيل عملاق السياسة اليمنية الدكتور/عبد الكريم الارياني رحمه الله رحمة الابرار واسكنه فسيح جناته، حيث كان الفقيد من السياسيين العباقرة ليس على مستوى اليمن او الوطن العربي فحسب، وانما على مستوى الشرق الأوسط بالكامل، فهو الرجل الذي رفع رأس اليمن عاليا في المحافل الدولية ومثل اليمن خير تمثيل خلا سنوات عطائه السياسي والنضالي من اجل اليمن ارضا وانسانا.
كان الفقيد رحمه الله تعالى رجل دولة من الطراز الأول وتلك هي مبادئه التي تربى عليها في محيطه الاسري المتمثل في البيت الارياني المعروف على مستوى اليمن بالعلم والادب والقضاء والشعر والابداع والنضال من اجل الوطن والدفاع عن قضاياه المصيرية، كيف لا وابائه الابرار كانوا من أوائل الثوار السبتمبريين الذين ركبوا الخطوب وحملوا ارواحهم في اكفهم ليخلصوا الشعب اليمني من حكم الامامة السلالية الكهنوتية الاستبدادية الرجعية المتخلفة، ويسقطوا نظام الجوع والفقر والجهل والمرض والتخلف ويحققوا للشعب اليمني الحرية والكرامة والعدل والمواطنة المتساوية، حيث لا سادة ولا عبيد وانما شعب يمني واحد هو صاحب السيادة والجلالة.
في هذه الذكرى الأولى لرحيل العملاق السياسي الكبير الدكتور عبد الكريم الارياني نتذكر وبكل فخر واعزاز واجلال المناضل والثائر الكبير القاضي عبد الرحمن الارياني مهندس الثورة اليمنية السبتمبرية التي أطاحت بالنظام الامامي السلالي الكهنوتي المقبور، والذي قال عنه الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر بانه مؤسس النظام الجمهوري وباني نهضة اليمن الحديث، فلو لا الدور الكبير والاساسي والمحوري، الذي لعبه القاضي عبد الرحمن الارياني في فك حصار السبعين عن صنعاء لكانت الثورة السبتمبرية في خبر كان ولكان النظام الامامي والسلالي جاثما على صدور اليمنيين الى يومنا هذا وهذه حقيقة تاريخية يجهلها الكثيرين من الناس.
عام مضى على رحيل الفقيد الحكيم الدكتور عبد الكريم الارياني، والشعب اليمني يعيش كل أنواع البؤس والشقاء والمعناة والعذاب، التي لا يمكن وصفها او تصورها الا من عرفوا عن قرب قبح وقساوة ووحشية المليشيات الامامية الحوثية الانقلابية الظلامية وحقدها على اليمنيين جميعا عدا من كانوا من نسل السلالة الصنمية الكهنوتية الاستبدادية الاستعلائية المتغطرسة والمتكبرة والمتجبرة، التي أوصلت البلاد الى مرحلة الإفلاس والجوع الجماعي خلال عامين من جريمتها النكراء بحق اليمن ارضا وانسانا.
مع حلول الذكرى الأولى لرحيل الفقيد العملاق والسياسي اليمني الأول في منطقة الشرق الأوسط نتذكر عطاءاته وتفانيه من اجل الوطن ونتذكر تاريخه السياسي المشرف لكل يمني صغيرا وكبيرا شماليا او جنوبيا، فهو الرجل الذي كان يرفض رفضا قاطعا مبدأ الوساطة والمحاباة والمجاملة حتى لأقرب اقربائه وانا اعرف الكثير منهم واعرف تماما انه لم يكن يقبل على نفسه منحهم اية امتيازات او حقوق تفضلهم على باقي المواطنين اليمنيين رغم طول المدة، التي عمل فيها كواحد من أبرز صناع القرار السياسي في الحكومات اليمنية المتعاقبة.
كان الفقيد رحمه الله مثالا حيا للوطني والقائد السياسي المخلص لوطنه والمحب لشعبه وقد تجسد ذلك في سلوك الفقيد وافعاله، وليس في خطاباته وتصريحاته كما هو حال دجالي العصر ونخاسي السياسية عديمي الضمير والقيم والأخلاق والمبادئ، فهو الفارس الذي لم يخذل شعبه ولم يخيب ظن امالهم فيه على الاطلاق، لقد كان مدرسة حقيقية في الإخلاص والوفاء والاتزان ورجاحة العقل والحكمة والرأي الصائب، وبفضله تجاوزت اليمن الكثير من الشدائد والمحن وحقق الوطن الكثير من المنجزات والتحولات الاجتماعية، وبفضله تبوأت اليمن مكانة مرموقة في علاقاتها الدولية ودبلوماسيتها الخارجية التي نهلت الكثير من نبعه وحكمته وخبرته السياسية العميقة.
ان الحديث يطول ويطول في سرد صفات الفقيد رحمة الله عليه، ولا يمكن لمقال كهذا ان يتسع لسرد إنجازات القائد الراحل الدكتور عبد الكريم الارياني، وانما نحاول تسليط الضوء على هذه الذكرى الوطنية، التي أصبحت محطة من محطات تاريخ اليمن النضالي ولو بنسبة القطرة الى البحر والحصاة الى الجبل، وليحدونا الامل بأن اليمن التي أنجبت القائد الراحل قادرة على إنجاب المزيد من امثاله، الذين سيعيدون ميليشيات التخلف والجهل الى جحورها وسيجعلون من صنم الطغيان ندرة ومسخرة للأجيال.