في منتصف القرن الماضي تمكنت الأمريكية ذات الجذور الإفريقية "روزا باركس" من تغيير وجه أمريكا القبيح، الذي كان تفوح منه روائح العنصرية، حيث تمكنت هذه المرأة من فهم الاختلاف بين المجتمعين الأبيض والأسود، واستطاعت أن تقود الاحتجاجات ضد التمييز في وسائل النقل، الذي يفرض علي السود ترك مقاعدهم للبيض والوقوف في الحافلات، إلا أن "روزا باركس" رفضت الوقوف.. وتمسكت بمقعدها.. فتعرضت إلى ما تعرضت له من قبل البيض، لكنها في النهاية أشعلت ثورة تم بموجبها إلغاء التمييز بين المواطنين، الذي توج بصدور قانون الحريات المدنية 1964م، حرم بموجبه التمييز بواسطة اللون أو العرق في الولايات المتحدة.
ولولا نضال هذه المرأة وغيرها لما استطاع أوباما الاسود الجلوس اليوم في قبة البيت الابيض, وقد قالت السيده" روزا باركس" في مقابلة أجريت معها قبل وفاتها1995, وهي نائمة علي فراشها بعد كل معاركها التي خاضتها ,عند سؤالها عن سبب رفضها القيام من مقعدها..قالت ..لقد شعرت ان لي الحق في التمسك بمقعدي وعلي أن اتمسك بهذا الحق مهما كان الثمن., وبذلك ضربت هذه السيده اروع مثال للنضال السلمي بعد المهاتما غاندي,وهو نضال ليس سهلا كما يظن البعض ولكنه يتطلب الصبر والعزيمة التي لايمتلكا الا نماذج بشرية ذات "كارزما" خاصة تستطيع أن تلهب مشاعر الجماهير وتقدم لهم افكار جديدة وبدائل قادرة على التاثيرعلى الخصوم ., نحن اليوم نسيرخلف هذه النماذج التي خلدتها شعوبها قبل أن يخلدها التاريخ,..لكن مشكلتنا اننا نعيش في بلد نقلد فيه بعضنا بعض وليس لنا قدوة او مثال نحتدى به ونسير خلفه بل ان لدينا مشكلة تفريخ الزعامات والقادة , وهذا ما أخرنا عن الوصول الي هدفنا الذي كلنا يدعى اننا نسعي اليه..بينما هو يهرب منا ويتوارى في الزحام,رغم التضحيات والدماء التي سالت, لانزال بعيدين عن الهدف المنشود,والسبب حسب رأينا المتواضع هو أننا فى كل المناطق نريد ان نكون قادة وزعماء كلنا ندعى أن لنا الحق في ذلك ,..وها نحن اليوم الغالبية فى سفينة النضال السلمي تقدم الشهداء وتخوض المسيرات والعصيان المدني حتي وصلنا اليوم الي المليونية السابعة التي نستعد لها يوم21من مايو الحالي..لتخليد ذكرى أعلان فك الارتباط التي أعلنها السيد علي سالم البيض في 21 مايو عام الحرب1994, كلنا ندعى أن كل شىء فى هذه الارض حقنا ومع ذلك لانتمسك بهذا الحق كما فعلت " روزا باركس".تمر السنين ونحن نسير على نفس الطريقة القديمه , لانزال في المسيرات والعصيان واليوم المليونيات وكلها اساليب امتصها النظام ولم نستطيع التأثير علية وهاهو يحاربنا ببعضنا ويسخدم عناصر منا للقضاء علي مطالبنا, ولايزال بنفس الطريقه ونفس الاسلوب يدمر البيئه ويشفط الثروة ويبعها في الاسواق نهارا جهار وفوق ذلك يجلدنا بفواتير الكهرباء والماء والهاتف دون وجودهافي بعض المناطق ,وكما قال الفنان المصرى عادل امام بدفع فاتورة التلفون ونا ما عنديش تلفون, فماذا صنعنا حتى يلتفت النظام لمطالبنا.. هل تمسكنا بحقنا كما فعلت السيده"روزا باركس"؟هل اوقفنا الشركات من الحفر فى اراضينا وتصدير ثرواتنا؟ هل اوقفنا المطارات وموانيء التصدير لثرواتنا المنهوبة ؟هل توقفنا عن تعاطى القات ليوم واحد فى الاسبوع والذى نصرف علية مئات الملايين تذهب لجيوب مراكز القوى اصحاب المزارع ؟ هل استخدمنا النضال السلمى كما استخدمه المهاتما غاندى حينما كان يدعوا لوجود بدائل هنديه بدلا من الانجليزية ؟ لم نفعل شيئا يؤذى النظام ومراكز قواة والسبب أن الحراك الجنوبى مع الاسف قد يكون له أم واحدة لكنه اليوم لم يعد له ابا واحد وانما كثر أباءه وزاد عددهم , وكما يقال اذا كثر الطباخين زاد الماء على الطحين وفسدت العصيدة , لذلك لم نجد من بين كل هؤلاء من يقدم فكرة او نظرية او توجية يجنب الناس الوقوع فى المخاطر, لايوجد بيننا من يمثل غاندى او السيده روزا باركس , ليس فينا من يقدم حلول وبدائل وافكار جديده يؤمن بها قبل غيره رغم كثرة الزعامات اليوم ,بل اكاد اجزم ان ما يقدمونه من افكار تؤذينا نحن قبل غيرنا ولاتؤذى النظام, ومع ذلك ستظل غالبية الشعب مع النضال السلمى ومع العصيان المدنى ولكن على أن لايؤذينا وانما يؤذى من يؤذينا وهو النضظام. مادفعني لكتابة هذه السطور المتواضعة هو استعداد الكثيرين في حضرموت والمناطق الجنوبية للزحف او" النفير" الي عدن حسب توجيهات الرئيس البيض, للمشاركة في مليونية فك الارتباط يوم21مايوالحالي , وأنا هنا لست ضد المشاركة كما قد يعتقد البعض, نحن مع المشاركة ,وانا لا استغرب اندفاع الحضارم فى مثل هذه المناسبات فهم مندفعين بطبيعتهم وقد اثبتوا اندفاعهم فى مناسبات عديدة كان أخرها 22مايو90, ولست مستغرب هذا الاندفاع المليوني , وانما استغرب تقصير قادة الحراك فى توضيح الصورة اما م العامة الزاحفين, لاننا نعتقد أن البعض يذهب للمشاركة وهويجهل لماذا ذهب وبعضهم يعتبرها مناسبة لتغيير نوعية الاكل والقات الذي أعتاد عليه , وربما بعضهم لايفرق بين الحدث الثوري والمناسبات الشعبية الفرائحية, وهذا ما سمعناه من أن بعض الفرق الشعبية من حضرموت تستعد للزحف الي عدن للمشاركة بفرق العدة والكمبوره وغيرها من الالعاب الشعبية وكأنهم ذاهبين للمشاركة في زيارة"النقعه , أو الشهداء السبعه" وهؤلاء ربما يجهلون أن زمن المليونية لايتجاوز الساعتين فى ظروف معقدة مليئة بالتحدى بين الفعل المليونى والرد علية من قبل النظام , ربما فيها سلامة الناس مهددة من النظام واجهزته القمعية, ثم أن عدن ليست مدينة حراكية 100%100 كما يظن الزاحفون اليها من الارياف, وان هناك شرائح كبيره لها مصالح مادية وديمغرافية , وبالتالى لها رأى اخر,أضافة الي ذلك تنظيم المليونيات غالبا مايكون غير مسيطر علية بسبب زحمة الحضورالذين هم بانتظار سماع اناشيد ثورية واخبارسياسية عن توحد قيادتهم ,ولا اعتقد ان النفس الموجود فى هذه المناسبات يساعد على العروض الكرنفالية , وهنا نحن نتسأل أين سيشترح اصحابنا؟ ونحن لانعتب على المشاركين ولكننا نعتب على قادتهم الذين يجهلون أن الهدف من المليونية هو الحصول على صورة جماعية لمدة ثوانى معدودة يلتقطها الاعلام ويوصلها الي العالم , فأذا استطاع الاعلام ايصال هذه الصورة تكون وصلت الرسالة ونجحت المليونية , واذا تجاهلها الاعلام الخارجى ولم يشاهدها العالم تكون مليونيتنا مجرد رحلة او مليونية راقصة ونكون قد احتفلنا بانفسنا بعيدا عن العالم , وهذا بالتاكيد لايحقق الهدف المنشود من المليونية