د. عبده البحش
شيء لا يصدقه العقل وغريب اغرب من الخيال ان يقوم الحوثيين بكل هذا السفه والطيش والتجاسر على الإسلام والمسلمين وعلى الأنبياء والاولياء والصالحين، بل التجاسر على الله وعلى بيوت الله وعلى الساجدين الراكعين الاوابين التوابين، الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، فهبوا الى بيوت الله صائمين قائمين معتكفين متضرعين متوجهين الى الله الواحد الاحد الفرد الصمد مقبلين عليه بقلوب خاشعة وصدور مؤمنة يؤدون صلاتهم لله رب العالمين، صلاة لله وحده الها اوحد لا اله غيره، صلاة ليست ضد احد ولا مع احد ولا تستهدف احد، عبادة دينية ربانية هي الصلة بين الله وعباده المخلصين له الدين. فهل يعقل ان تقابل هذه الاعمال الايمانية الروحانية التعبدية بالاعتداء والايذاء والتضييق والملاحقة على ايدي الجماعة الحوثية؟
لقد دهشت وانا اتابع اخبار الهجوم على المساجد والاعتداء على المصلين في ليالي رمضان، الشهر الفضيل شهر الايمان والقران والصيام والصلاة والعبادة والتهجد والقيام اناء الليل واطراف النهار، ولم اكن اصدق ان الحوثيين يقومون بكل هذه الجرائم البشعة، التي لا يجرؤ على ارتكابها المغول والبرابرة والقياصرة والاكاسرة والفراعنة، ولا حتى المجوس وقوم لوط وعاد وثمود، وكنت اظن ان تلك الاخبار من قبيل المكايدة الإعلامية بين الأحزاب والجماعات الإسلامية المتصارعة، حتى شاهدت فيديو بالصوت والصورة ورأيت بأم عيني الحوثيين يطفؤون الكهرباء في احد المساجد اثناء صلاة التراويح، ويقومون بطرد المصلين من داخل المسجد، ومنعهم من أداء صلاة التراويح، في سابقة خطيرة لم يشهد لها التاريخ مثيل، فالكفرة انفسهم لم يمنعوا المسلمين من أداء الصلاة كما يفعل الحوثي اليوم في بلادنا اليمن يمن الايمان والحكمة.
لم يكن حادث مسجد عمران حدثا عابرا كما يظن البعض وانما هناك خطة معدة وممنهجة مسبقا تنفذ الان وبدم بارد ودونما خوف او حياء من الله ومن الناس، تمثل أقبح صور الانتهاك لحرمات الله والانتهاك لبيوت الله والاعتداء على عباد الله المؤمنين الموحدين، وارهابهم في بيوت الله، التي ينبغي ان تكون ملاذا امنا للخائفين، وان تكون بمنأى عن الصراع السياسي والدنيوي، لكن الحوثيين لا يعرفون حرمة مسجد ولا حرمة دين ولا يقيمون وزنا لمشاعر وعقائد المسلمين، فقاموا بالتهجم على عشرات المساجد في عمران وصنعاء وذمار وغيرها من المحافظات مستهدفين منع صلاة التراويح متجاسرين على الله ومعتقدين في الوقت نفسه انهم يؤذون اهل السنة والجماعة ولا يدركون انهم يؤذون الله ورسوله وملائكته والناس اجمعين.
ان هذه الحرب الحوثية الشرسة على المساجد وعلى صلاة التراويح انما هي في واقع الامر حرب على الله وسوله وعلى بيوته التي يرفع فيها اسمه ويعظم شأنه جل في علاه، والتي لا يجب ان تغلق او تمنع فيها الصلاة مهما كانت الظروف والاحوال، ومهما كان الخلاف لقوله تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) البقرة 113. فهل قرأ الحوثيين هذه الآية ام انهم قوم لا يعقلون، فان كانوا كذلك فويل لهم مما كسبت أيديهم وويل لهم من مشهد يوم عظيم، يوم لا تنفعهم ميليشياتهم ولا أموالهم، التي نهبوها من بطون الشعب الجائع، الذي اوعدوه في الرخاء والرفاهية والعيش الكريم، ثم خدعوه وأفقروه وجوعوه ونهبوا ثرواته وامتلكوا الأراضي والشركات والفلل والعمارات تحت شعار صامطون صامطون.
لم يكتفي الحوثيين بتجويع الناس وتشريدهم وتفجير منازلهم وتدمير حياتهم فحسب وانما وصل بهم الغرور والجنون الى انتهاك حرمات المساجد والاعتداء على وروادها في شهر رمضان، الذي انزل فيه القران ليسجل التاريخ اسود صفاحاته في سلوك هذه الجماعة، التي لم أجد صفة مناسبة تعكس قبح واستهتار ها بمقدسات المسلمين، وجرؤتها على المساس بعقيدة السواد الأعظم من اليمنيين واصابتها في الأذى الصميم، حيث بلغت هذه الجماعة حدا لا يطاق في التجاسر على العقيدة والمقدسات والشعائر الدينية والتي تمثلت مؤخرا في اجبار أئمة المساجد في التوقيع على تعهدات والتزامات بعدم إقامة صلاة التراويح، وهذه هي اخر منجزات وابداعات واختراعات الحوثيين، التي سيسجلها التي التاريخ كوصمة عار في جبين هذه الجماعة المتجاسرة على الله ورسوله وعلى الدين وعبادة الله الواحد الاحد الفرد الصمد.
ان الهجوم على المساجد في ليالي رمضان الروحانية والايمانية، وطرد المصلين منها بل وسبهم وشتمهم بكل الالفاظ النابية، يذكرني بأعمال القرامطة وافعالهم الشنيعة ضد الإسلام والمسلمين في البحرين وبلاد الخليج ونجد والحجاز واليمن وغيرها من بلاد المسلمين، التي وصلتها جيوش القرامطة، والتي كانت تستهدف المساجد وروادها بدرجة أولى، فكانوا يمنعون الناس من الصلاة ويحولون المساجد الى ثكنات لجنودهم، او يعملون على هدمها، ولا زال المسلمون يتذكرون الفعلة الشنيعة للقرامطة عندما هدموا الكعبة وسرقوا الحجر الأسود وغيرها من الجرائم البشعة، التي لم تتكرر في تاريخ الإسلام والمسلمين الا هذه الأيام على ايدي الحوثيين، الذين تفوقوا على القرامطة في ارتكاب الجرائم ضد الإسلام والمسلمين بسياسة اجبار الناس على التعهدات والتوقيعات بعدم إقامة الصلاة، وهي سياسة خبيثة لم تخطر على بال القرامطة انفسهم، ولا حتى على بال ابليس اللعين.