بن دغر والبلاغ المبين

2017/07/16 الساعة 07:02 مساءً
  د.عبده البحش     في الذكرى الثانية لتحرير مدينة عدن التاريخية وعاصمة اليمن الاقتصادية من براثن المشروع الامامي السلالي الصفوي الخبيث، تحدث معالي دولة رئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر حديث القادة الكبار الذين يضطلعون بمصالح شعوبهم ويسخرون كل طاقاتهم وجهودهم من اجل بناء اوطانهم والارتقاء بشعوبهم على كافة الأصعدة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعلميا على أساس المبادئ العالمية المعروفة في الحكم الرشيد واهمها الديمقراطية وحقوق الانسان والمواطنة المتساوية وهي القيم الاصيلة التي تضمن الاستقرار والتقدم والازدهار. لقد استطاع الدكتور بن دغر ان يلخص في خطابه الشهير مكامن الخلل التي أوصلت اليمن الى ما هي عليه من خراب ودمار ومجاعة ومرض وانهيار وتفتت للنسيج الاجتماعي اليمني والتي كان سببها العقلية الانقلابية المتخلفة والمتعجرفة والمتدثرة بثياب الطائفية الدينية السلالية الضحلة والعصبية القبلية العماء التي كانت سبب خراب ودمار اليمن عبر التاريخ، ذلك لأنها تفتقر الى ثقافة الدولة والنظام والقانون والمؤسسات العصرية التي أصبحت سمة أساسية من سمات الحكم الرشيد في عصرنا الراهن، الذي افسده الحوثيين بعبثية شعاراتهم الغوغائية السلالية الطائفية بكل ما تحتوي من هوس الوصاية والولاية الخرافية وبكل ما تتضمن من نزعات الحقد والكراهية ضد اليمنيين أصحاب الأرض وسكانها الأصليين احفاد مملكة سبأ وحمير ومعين واوسان وكتبان ومملكة كندة وغيرها من الممالك اليمنية العظيمة. لقد استطاع بن دغر في خطابه الرشيد وضع النقاط على الحروف والبلسم على الجروح مقدما النصح والإرشاد لكل السياسيين اليمنيين بمن فيهم خصومه أعداء الدولة اليمنية العصرية الحديثة واعداء المواطنة المتساوية واعداء اليمن الاتحادي الذي أصبح خيار اليمنيين جميعا، حيث خاطب بن دغر كافة الأطراف السياسية المتصارعة مطالبا إياهم بسرعة الاستجابة لصوت العقل والحكمة والاحتكام الى الحوار معلنا ان دم اليمني على اليمني حرام بل ان دم الانسان على الانسان حرام، وشتان بين من يحرص على حياة اليمنيين ودمائهم وبين من يجند أطفالهم ويرسلهم الى المحرقة من اجل مشروعه السلالي العائلي البغيض. اننا في أمس الحاجة الى رجال وقادة شجعان من أمثال الدكتور بن دغر الذي تحلى دائما بالشجاعة والصراحة والحكمة والاتزان مخاطبا المتشددين في عدن والمتطرفين في صنعاء انه لا مفر من الدولة الاتحادية كما انه من المستحيل بقاء الوحدة اليمنية بشكلها القديم، انها رسالة واضحة للمتخندقين في صنعاء والمتمترسين في عدن لكي يفهموا انه لا مجال للاماني التي تضل أهلها وان الخيار الوحيد والطريق السليم هو خيار الدولة اليمنية الاتحادية التي توافق عليها اليمنيين في مؤتمر الحوار الوطني والتي تحقق لليمنيين طموحاتهم السياسية والاقتصادية وتضمن لهم دولة عادلة تتوزع فيها السلطات والثروات على الجميع ولا تسمح لعائلة او سلالة او قبيلة او فرد بالاستئثار والتحكم في القرار وفقا لمزاعم دينية سلالية خرافية او مزاعم عنترية فارغة. لقد تمكن معالي دولة رئيس الوزراء في خطابه التاريخي من رسم خارطة طريق سياسية سلمية لليمنيين جميعا تحت شعار لا ضرر ولا ضرار وهو مبدأ معروف في حل الإشكالات والصراعات السياسية داعيا الجميع الى اخذ الدروس والعبر من التاريخ ومن هذه الحرب التي مضى عليها اكثر من عامين والتي لم تجلب لليمنيين الا الموت والخراب والجوع والمرض والتدهور العام في كافة مجالات الحياة، وهذا ما يحتم على الجميع بقبول تسوية سياسية سلمية على أساس مخرجات الحوار الوطني والدولة الاتحادية اليمنية والشروع في بناء ما دمرته الحرب المجنونة واستعادة الامن والاستقرار في ربوع البلاد والعيش في سلام وامان وحرية وعدالة اجتماعية ومواطنة متساوية وديمقراطية يشترك الجميع فيها على حد سواء. ان خطاب الدكتور بن دغر يستحق المزيد من القراءة والدراسة والتحليل العميق لأنه الخطاب السياسي العقلاني الوحيد في زمن تصاعدت فيها خطابات التهديد والوعيد من كافة الأطراف المعبأة بكل ألوان الحقد والكراهية والمتشبعة بالروح الانانية والاقصائية ذات النزعات الانتقامية الشريرة.