إنطلاقاً من مقولة ( فهم السؤال هو نصف الإجابة) والتي حفظناها في طفولتنا فلطالما رددها مدرسونا على مسامعنا أثناء مراحل الإختبارات الدراسية، سنحاول إيجاد إجابة ملمة عن سؤال العمود بإستنباط بعض الأسئلة منه.
شابت مخرجات الحوار الوطني عدد من المشوشات السياسية الإعلامية الممنهجة جعلت جزء من المجتمع غير ذا دراية واضحة بتفاصيل مخرجات الحوار الوطني وماهيتها، مما خلق حالة عامة من التوقعات المربوطة بفكرة ( لماذا لم تعمل القيادة السياسية أو الحكومة على هذا الأمر أو ذاك في حينه) كانت هذه الأسئلة تنطلق من يقين جازم بأن هذه التحركات من المفترض أن تكون جزء من أهداف
مؤتمر الحوار الوطني ووثيقة مخرجاته.
والسؤال المحوري هنا: ماهي مخرجات الحوار الوطني؟
- مخرجات الحوار هي وثيقة جامعة لحلول جميع القضايا التي تم نقاشها ضمن جدول أعمال مؤتمر الحوار وعلى رأسها القضية الجنوبية والذي استمر لعشرة أشهر بمشاركة طيف واسع شامل من المكونات السياسية والمدنية للمجتمع اليمني والمصطلح عليها بـــ( وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل).
وما الهدف الرئيسي من هذه الوثيقة؟
- وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني هي المرتكز الأساسي للدستور اليمني الجديد – الدستور القادم - بحيث يتم إعادة صياغة بنود الوثيقة على شكل مواد دستورية، والبعض الأخر تعتبر محددات قانونية تساعد على صياغة القوانين التي تعمل على تهيئة البلد لمرحلة الإنتخابات والإستفتاء الأولى بعد مؤتمر الحوار، كما تحتوي الوثيقة على تفاصيل قانونية معبرة عن حالة التغيير المنشود في اليمن والتي ستترجم لاحقا إلى قوانين وآليات إدارية حكومية.
وبذلك فإن مخرجات مؤتمر الحوار وثيقة تشريعية بالدرجة الأولى غير منوط بها أي دور تنفيذي آني في فترة إنعقاد المؤتمر ومابعده.
وبعد إستيعاب ماسبق فالسؤال المهم هنا على لسان المجتمع : متى سوف نرى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني تطبق على أرض الواقع؟
- لن نستطيع رؤية الخطوات الأولى لبدء التنفيذ الفعلي لغالبية مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل إلا بعد صياغة الدستور – وقد تمت هذه الخطوة فعلا ولدى اليمنيين اليوم مسودة للدستور قابلة للتعديل – وتبقى الإستفتاء وموافقة الشعب عليه للبدء بعدها بتطبيق المخرجات، فجل التحولات في النظام السياسي والإداري للدولة والمقرة في وثيقة المخرجات تحتاج لأساس قانوني لتصبح قابلة للتطبيق دون عقبات تشريعية، والأساس هنا هو الدستور.
وبالمجمل هناك إستثناء واحد متعلق بفكرة التطبيق الآني لمخرجات الحوار قبل الإستفتاء على الدستور المنبثق منه، وهي وثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمتعارف عليها بــ(وثيقة الضمانات) والتي تحتوي عدد من الخطوات الموضحة لكيفية سير البلد سياسيا وإداريا إبتداء بلحظة إنتهاء مؤتمر الحوار حتى يوم الإستفتاء على الدستور الجديد، فوثيقة الضمانات هي جزء من وثيقة المخرجات، لذلك فهي الساحة الفعلية حاليا لكل مهتم بسؤال (هل تم تطبيق مخرجات الحوار؟).
والجدير بالذكر حول وثيقة الضمانات أنها في اغلب موادها تحفظ التوازن السياسي للقوى اليمنية كنوع من التأكيد على عدم سيطرة طرف سياسي تحت أي حجة على مجريات صياغة الدستور الجديد والتشريعات المعبر عن تطلعات التغيير لدى المجتمع وترسي المبادئ الديمقراطية للخروج من المرحلة الإنتقالية إلى مرحلة بناء اليمن الجديد المنشود.
ويصبح السؤال الأخير هنا: هل تم السير على نهج وثيقة الضمانات كجزء من التطبيق الآني لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني؟
*عضو الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل