محمد عبدالله القادري
ستة أعوام بالتمام والكمال منذ تولي فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي زمام الحكم في اليمن ، ففي يوم 21 فبراير اجمع جميع اليمنيون بانتخابات توافقية خلت من اي اعتراض او منافسة ، ليكون هادي هو أول رئيس يمني صعد بانتخابات رئاسية توافقية كان فيها مرشح الشعب الوحيد بشماله وجنوبه باجماع داخلي وتأييد دولي ، ولتنتقل اليمن بهذا اليوم إلى مرحلة جديدة وعهد جديد ودرب ومسار جديد ايضاً .
المرحلة التي فرضت تصعيد هادي رئيساً لليمن ، كانت مرحلة معقدة جداً اذا كانت اليمن تمر بفترة ازمة ناتجة عن ما يسمى بثورة الشباب السلمية ذات المطالب المشروعة ، وفي الذي اختلف فيه اليمنيون اختلافات متعددة ، اتفقوا فيه على هادي كحل وحيد وسطي ونقطة اجماع لكل الاطراف ، بينما كان هادي في نفس الوقت هو الوحيد الذي يمثل الحل للمبادرات العربية لحل مشكلة اليمن المبادرة الخليجية التي وقع عليها قيادات اطراف الخلاف وارتضوها حلاً ، وايضاً كان هادي هو الوحيد الذي ينظر إليه المجتمع الدولي كحل لما يحدث في اليمن من مشاكل على كافة المستويات وجميع الأصعدة.
هادي قبل بتحمل مسؤولية كبيرة على عاتقه لن يقبل احد تحملها في ذلك الوقت ولا يستطيع تحملها احد غيره ، وذلك من أجل الوطن وابناءه وليس من أجل ذات أو طرف ، وعندما يكون همك الوطن ستغامر وتضحي وتواجه الصعاب والمشاق الكبيرة ، فرغم ان هادي صعد رئيساً بتوافق واجماع ، إلا انه الرئيس الذي تولى زمام الحكم في ظل وطن ملغم ، والقيت امامه منذ الوهلة الأولى كل مشاكل اليمن السابقة منذ أكثر من ثلثي قرن ، كون تلك المشاكل كانت موجودة بسبب اخطاء الانظمة التي حكمت اليمن بشماله وجنوبه قبل هادي ، والتي كانت لم تقوم بحل جذري للمشاكل بل كانت تراكم المشاكل السابقة وترتكب اخطاء تنميها وتضيف لها مشاكل أخرى .
جلس هادي على كرسي السلطة وعلى الطاولة ملفات مشاكل ثقيلة وعديدة ومعقدة ، كان بامكان هادي ان يجعل تلك المشاكل باقية بدون حلول او قضاء عليها ويقوم بعقد تحالفات مع بعض اطراف تلك المشاكل واتفاقات بالتقاسم في السلطة والنفوذ ، وهذا الامر قد يكون يخدم هادي كذات وشخص إلا انه سيجعل اليمن في المربع السابق كما كان عليه من قبل ، ولكن هادي قرر ان يحل تلك المشاكل ويخلص الوطن منها وينقله إلى مرحلة تصب في مصلحة ابناءه وخدمة شعبه ، ولهذا قرر هادي المواجهة والمحاربة والمغامرة والتضحية مع اطراف تلك المشاكل الذين رفضوا ان ينساقوا للوقوف مع المصلحة العامة الوطنية ، كون ذلك هو الحل الوحيد لحل المشاكل المتراكمة وايقاف المتمردين الذين يقفوا خلفها ، فشرع هادي للتعامل مع الملفات المعقدة امامه وحلحلة عقدها وسأتناول هنا أول ملف القي على طاولة هادي .
الملف الأول : ملف ثورة 26 سبتمبر
الثورة اليمنية التي بزغ فجرها في يوم السادس والعشرين من سبتمبر المجيد في عام 1962 ، لم تتحقق اهدافها على الارض ، وهو ما يعني ان هناك انقلاب على تلك الثورة يحمل غطاء جمهوري وهو في الحقيقة امامي رجعي ، فالانظمة التي حكمت اليمن قبل هادي كنظام صالح الذي ظل 33 عاماً ، هذا النظام عقد التحالفات مع الاطراف الامامية في اليمن متقاسم معها السلطة والنفوذ ، فصالح تحالف سراً وتقاسم مع السلالة الهاشمية الامامية الدولة والنفوذ والجيش والحزب ، فكانت الجمهورية مجرد اسم وشعار فقط ، اما الواقع فيحكي شيئ آخر ، حكم بعقلية الامامة ، ونظام بنظرية المناطقية والقبيلة ، تعامل على أساس المحسوبية والطبقات ، ولهذا ظل اليمن مجرد من ثورة 26 التي لم تتحقق اهدافها ، فلم يبنى جيش وطني قوي ، ولم تلغى نظرة الطبقات والتمييز المناطقي والعنصري ، وهذا ما فرض على الرئيس هادي أولاً ان ينتصر لثورة 26 سبتمبر .
تلك الثورة التي فجرها القردعي والثلايا والزبيري اللقية والعلفي اختار هادي ان ينتصر لها ويجعلها واقعا. على الارض .
صمم هادي على تحقيق اهداف ثورة 26 سبتمبر التي صاغها الشهيد علي عبدالمغني .
ولهذا وقعت الحرب والمواجهة بين هادي والانقلابيون الاماميون الرجعيون والتي لا زالت تدور رحاها إلى يومنا هذا ، وسينتصر هادي للثورة والجمهورية انتصاراً حقيقياً وواقعياً ، فهادي هو القائد الذي حقق مشروع شهداء ثورة 26 سبتمبر وانتصر لهم وهم في قبورهم .