#البحث_عن_عيدروس_الزبيدي

2018/06/07 الساعة 04:11 صباحاً


بدأ الميسري مزهوا مساء يوم الثلاثاء وهو يجلس إلى جانب محمد بن زايد مرتديا الزي اليمني التقليدي .
كان الرجل يدرك أهمية إيصال رسالة سياسية يتضمنها ظهوره بالزي اليمني التقليدي، على أنقاض الأخطاء القاتلة الماسة بمشاعر الناس يضع الميسري خطواته .
انتظر الرجل أيام طويلة حتى حانت اللحظة ، التقى كثيرين لكن اللقاء مع محمد بن زايد كان الفرصة الأكبر .
يمضي "الميسري" وهو رجل مؤتمري عتيد والى جانبه بن دغر وقائمة من قيادات المؤتمر والشرعية إلى الأمام مستغلين حطام كبير خلفه قطاع كبير من قيادات جنوبية (جوعى) دفعت بهم الحرب إلى الواجهة على غير موعد .
للشرعية اليمنية الكثير من الأخطاء لكن من بين الأشياء التي يمكن الوقوف أمامها مليا كيف تمكن "بن دغر" والميسري" من ترميم وجه الشرعية الملئ بالندوب والتقرحات .
ليست "الشرعية" بأحسن حالا لكنها وجدت مناوئين في "عدن" لايملكون الخبرة الكافية لإدارة المعارك السياسية.
ذات يوم وعقب انتهاء الحرب الأخيرة وقف الجنوبيون على تلال خراب كبيرة خلفتها "الحرب" ، كانت لدى الجنوبيين منذ زمن طويل ولايزال لديهم الكثير من القضايا العادلة والحقيقية لكنها غالبا ماتفتقد إلى القادة الذين يمكن لهم ان يقودوا هذه القضايا صوب مصافات حقيقية من النجاح.
انتهت الحرب الأخيرة وبينما كان ثمة دخان يتصاعد في الأرجاء التفت "الجنوبيون" الحالمون باستقلال (ما) فيما بينهم بحثا عن شخصية يمكن لها ان تتصدر المشهد السياسي جنوبا .
كانت كل الشخصيات الموجودة اما سلفية أو مؤتمرية أو اصلاحية ، لم يكن ثمة قيادات حقيقية قريبة من مطالب الشارع جنوبا .
وعلى غير موعد التمع اسم "عيدروس الزبيدي" القادم من رحم المقاومة الجنوبية كشخصية يمكن لها ان تحدث الكثير من المتغيرات على ارض الواقع جنوبا .
لم يمكّن لشخص جنوبا منذ مقتل الرئيس سالمين وصعود نجم الرئيس علي ناصر محمد قبل حرب 1986 مثلما مكّن للزبيدي قبل 3 سنوات من اليوم .
مضى "الزبيدي" في طريقه صوب تحالفات كثيرة، التف حوله من المستشارين الأغبياء الذين فشلوا في توظيف شعبيته الجارفة صوب علاقة طويلة الأمد بالشعب .
ذهب "الرجل" إلى الخليج ومد يديه وقال :" نحن سيوفكم اضربوا بنا حيثما شئتم ..
ضحك "الخليجيون" وقالوا فيما بينهم :" كنا نظن ان علاقة كهذه قد اندثرت ..
كان "الزبيدي" صادقا ،حديث التجربة بالسياسة وعوالمها ،التم حوله مجموعة من المستشارين الذين يعانون عاهات مستديمة  .
لم يكن "الزبيدي" بحاجة ان يعلن فروض الطاعة كاملة للتحالف ولا للشرعية، كان يحتاج إلى فروض تمرد كثيرة فالشعب جائع والخدمات منعدمة والقضية بلا ضمانات والبديل في حال تمرده لن يكون افضل حالا ، فاتت كل هذه الأشياء على الرجل .
راقبت (بعض) قيادات الشرعية المشهد على مهل وكانوا بين خيارين اما تقديم فروض ولاء كاملة أو أحداث بعض التمرد على هذا الواقع .
جلس "الميسري" إلى جانب بن دغر بمكتب الأخير بخور مكسر ، كانت اثار طلقات نارية أطلقها جنود الزبيدي قبل أشهر على صورة "هادي" لاتزال واضحة أثارها.
 تأملوا الطريق التي سلكتها قيادات الانتقالي لثلاثة أعوام مضت ، كانت طريق خائبة انتهت بصور محملة بنياشين صور قادة الخليج وعقالات تنسدل من هنا وهناك ولم يكن هناك أي مكسب سياسي حقيقي على الأرض.
قال "بن دغر" للميسري :" دعنا نذهب في طريق مختلفة!! .
يقف "الزبيدي" ورفاقه في الموقع الصحيح لقضية ما لكن بصورة خاطئة ويقف الميسري في موقع شبه صحيح من نفس القضية لكن بصورة صحيحة .
غالبا لاتكون الشعارات الوطنية المثقلة بالعدالة والحرية وحدها كفاية لتحقيق شيء حقيقي وواقعي على الأرض.
ذهب "بن دغر" إلى سقطرى واحدث الكثير من الضجيج هناك ، وفي عدن أبدى الميسري بعض المواقف الرافضة هنا وهناك وكلها ألهبت مشاعر الناس وأحاسيسها.
كان الناس يحتاجون جنوبا مواقف كهذه في صفوف "الانتقالي" ، شيء ما يشبه القول :" نحن هنا لكن شيء من هذا لم يحدث قط .
واصل "الانتقالي" حضوره المجتمعي وبدأ الابتعاد عن السياسية متعمدا على حوالات مالية تأتي من هناك لتنظيم حفلات مجتمعية وأنشطة توعوية ومبادرات خيرية.
وقف مؤيدو هذا الكيان على الرصيف المقابل يحملون في ماتبقى من شعارات ولسان حالهم يقول :" ليس هذا ماحلمنا به أبدا .
كان شكل بائس من أشكال التحالف مع الغير ، أسوأ العلاقات في الحياة ان تقول لشريك ما ان باستطاعته ان يفعل بك مايريد هكذا بلا ثمن وبلامقابل .
وفي "عدن" فعلت التحالفات الكثير الكثير بالقيادات الجنوبية وكان الثمن أكبره "سيارة مصفحة" وأصغره هاتف نقال .
كان "الزبيدي" محافظا لعدن وكانت "عدن" تختنق من كل شيء ، وشعبية الرجل تنهار ، راقب رجال الشرعية المشهد على مهل ، كانوا يدركون ان العربان لايمكن لهم ان يقدموا أي خدمة أو مساعدة لأي شخص دونما مقابل .وهكذا فُعل مع "عدن" وقياداتها منذ 3 سنوات .
لم يجد "الناس في الزبيدي والقيادات الجنوبية التي تحدثت عن مطالب الاستقلال ضآلتهم في شخوصهم ، كانت الشعارات هي التي تغازل مشاعر الملايين من الناس المحرومين من كل شيء .
بعد 3 سنوات من بروز نجم "الزبيدي" يبدو جليا ان الرجل لايقف في المكان الصحيح ولا المناسب ، يحتاج الرجل ان يعاود البحث عن نفسه وان يعيد ترتيب أولوياته السياسية وصياغة تحالفاته مجددا.
عليه ان ينطلق باحثا عن ذاته قبل كل شيء وان يسارع لانقاذ ماتبقى من "المجلس الانتقالي الجنوبي" ذاك الكيان الذي قال للناس انه سيفعل الكثير خلال القليل من الوقت ..وهو مالم يحدث أبدا.
على الانتقالي ان يسارع لمراجعة مواقفه السياسية وحضوره ومطالبه قبل ان يفيق على واقع اخر ومغاير.
#فتحي_بن_لزرق
6-يونيو-2018