المركز على الحكومة هذه الأيام ، والتركيز على كل من سعر صرف العملة الوطنية ، واستنزاف المالية العامة للدولة عبر تخريب الخدمات العامة للمواطن، من أجل إظهار الحكومة بمظهر العاجز الذي أسقط في يده .. كلها أمور تشي بأن هذه الحكومة التي ترأسها عقلية نجحت باقتدار في امتصاص كل الصدمات السابقة لتي كانت وما تزال تستهدف بشدة الشرعية ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، وتفكيك منظومة الرئاسة والشرعية بشكل عام، خصوصا بعد الفشل الذريع في خلق نوع من الثقة المهزوزة بين الرئاسة والحكومة ، والحكومة والمواطن الذي أصبحت الحكومة اليوم ملاذه بعد ضياع .
لا شك أن كل ما سبق يشكل بالنسبة للقوى المناوئة للشرعية – محليا وإقليميا – تحديا يجب أن تتكثف أشكال مواجهته بغير أخلاق ، بل وبوحشية مفرطة لم تراعي الشعب الذي يدفع منفردا كل فاتورة هذا الضغط، وفاتورة هذه الحروب الشعواء التي تستهدف كينونته وبقاءه – “بالمعنى الحرفي” – في بقعته الجغرافية .
فلقد تعاضد الأعداء الذين فرقتهم المصالح، وجمعتهم اليوم العداوة للشعب وشرعيته، فاقتتلوا في ارضه ، متخذين من الشعب حطبا يحرقونه في حروبهم.. كلها أمور تدعو – لعمري – للتدبر أكثر فيما أوجع جميع هؤالاء الأعداء ، وما يبقي الحصن بعيدا عن الاقتحام وتعزيزه منعا للسقوط وتداعي الانهيار !!
حكومة بن دغر التي نجحت فيما فشل فيه الآخرون ، وعملت في ظروف خطرة محققة معجزات مقارنة بما كان وما يزال متاحا لها من فرص، ومحيطا بها من أخطار .. فحافظت على الحد الأدنى من تواجد “الدولة” حتى بعد ان اعتقد أعداء وطنهم أنهم حققوه عبر إبعاد الحكومة عن العاصمة المؤقتة عدن في كل مرة .. فضلا عن ثقافة وجود دولة، وتسيير مصالح الشعب عبر مؤسسات الدولة التي لم تكن قبلها موجودة ، ولم تستطع الصمود قبل وجود هذه الحكومة ، بل مايزال أداء الحكومة، وخدمات الدولة ، يميز الدولة عن العصابات التي تحاول الاستئثار بالعاصمة المؤقتة عدن، بعد أن نجحت قدوتها الميليشياوية في العاصمة المختطفة صنعاء عبر الانقلاب المسلح في سبتمبر 2014.
حكومة بن دغر التي عرف رأسها المخضرم كيف يدير أزمات سابقة خطيرة.. باقتدار يحاول أيضا تجاوز هذه الازمات المتلاحقة اليوم، والتي وحدت الاعداء في هدفها النيل من آخر حصون الشرعية عبر خلق فراغ بنيوي في جسم الشرعية، يسهل معه بعدها الهجوم على مجمل الهيكل العام للشرعية لإسقاطها، كمقدمة إجرائية منطقية لإقامة مشاريع الاحتلال متعدد الرؤوس بعدها ، والذي يتصارع اليوم في المنطقة، والطامع في أرض اليمن وثرواتها وموقعها الاستراتيجي منذ زمن.
والذي لأجله يتم تفريق عناصر القوة الوطنية، وبنية الأمة اليمنية ، عبر خلق أكثر من واقع على الأرض ، وعبر تفصيل الأزمات لتشتيت جهود التماسك الوحدوي للأقاليم اليمنية، وتحويل المشروع الاتحادي للجمهورية إلى مجرد كانتونات متفرقة، يدركه وعي الدكتور بن دغر بعمق، ويتعامل معه بحزم، من خلال منظومة أنشطته وتحركاته التي توضح – بجلاء – ترجمته الخاصة.
وبُعد نظر الرجل في الإدارة الكفؤة للأزمات المتتالية ، وبأسلوب رصين رزين مهذب وهاديء، يفكفك أعقد المخططات والدسائس والمؤامرات التي تهدد مجمل الوجود القوي للشرعية، لينسف أحلام المتآمرين على الوطن والشعب وشرعيته، وتمتد أفعاله حتى لتغيِّرَ في قناعات الأعداء، لينحني ثلة منهم حينا بعد آخر بدهشة، احتراما لهكذا عقلية، استطاعت التعامل بأخلاق وفي نفس الوقت بحزم مع أعقد الملفات الشائكة، لتحقق أقصى فائدة متوخاة لصالح المواطن وشرعيته أولا وأخيرا ، والذي يمثل كل كنه الشعب الذي لأجله وبه يسمى الوطن وطنا .