"غريفيث" جواد خاسر يراهن عليه الحوثيـون ,,
المبعوث الخاص لليمن لايذكرني بشيء سوئ بالكاهن الروسي "راسبوتين" ذلك الراهب الذي طور ذكائة في قهر البشر وإخضاعهم لسحره, نعم إنه الكاهن الذي كان يقتل كل النساء اللاتي يقابلهن دون سبب سوئ الحب.
قبل أيام أرسل لي صديق مقطع فديو لسكان مدينة تعز اليمنية يـظهر فيه عدد كبير من النساء والأطفال يحملون "عبوات المياة" ويركضون وراء شاحنة مزودة بخزان ماء تقوم بتعبئة المياه لهم, لقد كان واضحآ تكدس النساء والأطفال فوق بعضهم في سبيل شرب الماء, لا يمكن لبشر إلا أن يتألم لذلك, تلك العلب الصفراء الخاصة بزيت الطبخ الفارغة يقومون بتعبئتها بالماء "غير الصحي" لكي يؤخروا عملية إنقراضهم لبرهه من الوقت, تألمت لهذا المشهد الجليل كثيرآ, ضاقت علي الأرض ولم أتمالك نفسي فبكيت لطفلة ذات خمسة أعوام كانت تزاحم الصفوف لكي تحظئ بشربة ماء, لقد كانت تجهش بالبكاء دون أن يلتفت إليها أحد !
تواصلت مع منظمات إغاثة في اليمن, وطلبت منهم إغاثة هاؤلاء قبل أن يصبحوا في صفحات الوفيات, فقد سبق وأن عشت بهذه المدينة ثلاث سنوات وأعرف أنها مدينة شحيحة جدآ بالمياه بالمقارنة مع تعداد سكانها الضخم, لم يستجب لي أحد من العاملين في فروع الأمم المتحدة في اليمن وبعد يوم كامل من التواصل حزنت لما وصل إليه زملاء العمل الإنساني هناك, فالوضع الأممي في اليمن بات أشبه بعصابات المافيا الإيطالية وكل خططهم الإنسانية مقتبسة من فلم "the god father", أوقفت التواصل بهم بعد أن شعرت باليأس من تحركهم لإنقاذ مايمكن إنقاذه بشربة ماء, وبدأت بالتواصل مع مركزين دوليين في واشنطن, كان هناك إستجابة قوية, وضعنا خطة لمشروع بسيط يتلخص المشروع بمرحلتة الأولئ بتوزيع 1000 خزان مياة ضخم سعة 50 الف لتر, للمناطق المستهدفة, وتخصيص 400 شاحنة (شراء أو آجار) لرفد الخزانات بالمياة دوريآ, كل ذلك من حساب صندوق الإغاثة الطارئة الدولي لليمن, ولن يكون ذلك إلا بمثابة "شعرة من ظهر بعير" مما يملكه السيد "غريفيث" من إمكانيات.
قامت بعدها منظمات اليمن بالتواصل معي عبر واشنطن وتفاعلوا معي مكرهين, تم طلب خزانات المياه من كوريا الجنوبية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية في كوريا, وتم تجهيز كل العقود في غضون يوم واحد فقط, ولكننا تفاجئنا بإيقاف الحوثيين اللجنة الخاصة بالمسح الميداني وطلبوا موافقة من لجنة تتبع إحدى وزاراتهم في صنعاء, تواصلت بالمنظمات المختصة وهي: مركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat), وصندوق النقد الدولي (FMI) في واشنطن ولديهما فروع في اليمن لكنني جئت عن طريق المراكز الرئيسية في واشنطن, بعد أن شعرت باليأس من زملائي في اليمن الذين يعتبرونني أتدخل في شؤونهم, لايريد أحد التفاعل معي من المنظمات اليمنية وإضطررت لتسيير اعمال المسح الميدانية بضغط على الحوثيين من أصدقائي في طهران, بعد أن تواصلت مع لجنة الحوثيين, إشترطوا علي أن أعطي لجماعتهم عدد (300) من خزانات المياة كمساعدة إنسانية سيقومون بتقديمها لأشخاص مستحقين حسب قولهم, قمت بطلب كشوفات بهذه الأسماء ومناطقهم وإتضح أنهم في صنعاء وصعدة والمرحلة الاولى تستهدف تعز فقط.
جماعة أنصارالله منطقها غريب, لم أجد وقاحة كما وجدتها لدئ هاؤلاء, يبدوا أنهم تعودوا أخذ الجزية من جميع مشاريع الأمم المتحدة في اليمن وأصبح أخذ الثلث من كل مايدخل من مساعدات شيء عادي وروتيني بينهم وبين غريفيث, الأمم المتحدة في اليمن كغيرها من باقي مناطق الصراع الإقليمية بالعالم تعاني من ضعف النفوذ المحلي, غريفث يعتبر مثال حي لضعف الأمم المتـحدة في اليمن, فأقارب "غريفيث" وأتباعة هم أشبه مايكون بالإمبراطورية البلجيكية قديمآ فالداخل بينهم خسران والخارج من بينهم خسران, ويتعاملون مع المساعدات كورقة يانصيب رابحة وليس كمصدر حياة للملايين من اليمنيين, منظمة الأمم المتحدة رصدت مبلغ 4.7 مليارات دولار كانت مخصصة لدعم برامج الأمم المتحدة المختلفة في اليمن وقام المانحون بتسليم مبلغ 3 مليارات و337 مليون دولار من المبلغ الكلي الئ قبل شهر من تاريخ اليوم, لا أعلم ماذا يفعل "غريفث" في اليمن, هذه الأموال لم ترئ النور ولا يعرف أحد حتئ الأن أين ذهبت, فمنذ سنوات والبشر هناك يموتون عطشآ وجوعآ, لايوجد دم ولا حياء في وجوه غريفيث وأقاربة في اليمن, ثمة أمور مريبة تحدث في المجال الإنساني في اليمن, لا أريد التعمق أكثر فقد سبق وتم إيقافي عن العمل لفترات بسبب إنتقادي لهاؤلاء البشر ذوي البزات الزرقاء سيئي الصيت, والذين لايعلم أحد أين يذهبون بأموال الأمم المتحدة, ما أريد قولة أن الحوثيين يجب أن يسمحوا بتوزيع خزانات المياة (كلها) تحت إشراف الأمم المتحدة, بشرط أن أختار شخصيآ من سيقوم بتوزيعها من المنظمات المعروفة لدي هناك, خزانات المياة الإغاثية بمراحلها الثلاث ستشمل (تعز) كمرحلة أولئ و(صنعاء) كمرحلة ثانية وباقي المناطق في مرحلتها الثالثة, لن نرسلها لليمن حاليآ بسبب مطالبهم الغير مشروعة فلسنا مستعدين لكي ندعم جبهاتهم أو حتئ أنصارهم وجناحهم المسلح فهذه حرب هم طرف فيها وليس لأبناء تعز ناقة فيها ولا جمل, مهمة "غريفيث" تشمل كامل تراب اليمن, إذهبوا إلية وطالبوه بدعمكم, أما عن صفتي القانونية فمهمتي تقتصر علئ تعز فقط ومستحقات تعز وسوف أنتزعها إنتزاعآ رغم أنف كل عاملي الأمم المتحدة في اليمن وغريفيث ومن ورائهم.
كنت في طهران قبل نحو شهرين وقد ذهبت ضمن لجنة تحقيق دولية بخصوص موضوع الطائرة الأوكرانية المنكوبة, تم التعامل معي بنفس أساليب الحوثيين في المماطلة, لن أنسئ ذلك التعامل في تأخير تسليم الصندوقين الأسودين ماحييت, تارة يعطون الهواتف لمكاتبهم واتباعهم ليخبروني أنهم مشغولون, وتارة أخرئ يتكلمون بنبرة الإستعلاء وكأنه لايوجد في الدنيا غيرهم ويبدون قسوة في التعامل والتي كان من الأحرئ بهم إبدائها لزوجاتهم وليس لي, إلتقيت بمسؤلين من الحرس الثوري في إيران, تكلمت معهم بالفارسية المندثرة (الأخمينية) فلطالما أعجبت بتراث فارس العريق, وصفت لهم مايحصل في العراق وسوريا ووصلت الئ موضوع اليمن, قالوا أن كل مايقال عن الحوثيين محض تشوية إعلامي, همس أحدهم في أذني "إذهبي إلئ اليمن فإن فيها قائدآ لايظلم عنده أحد", وصلت ولم أجد الحوثي ولكنني وجدت أتباعآ له "ولم ينصفني فيهم أحد" فقد تركوا 30 دولة تقوم بحربهم وقصفهم وتفرغوا لخمسين خزانآ للمياة سعر الواحد منها لايتجاوز 30 الف دولار.
في العام 2004 تم التحقيق معي أثناء دراستي في جامعة "هارفرد" بسبب إدخالي لكتب وملازم حسين بدرالدين الحوثي الئ مكتبة "هارفرد" الكبرئ, قمت بالإدعاء حينها بأنها نموذج إسلامي يشبه كتب سيد قطب والأفغاني والحكيم والصدر, ومناقضه لافكار أسامة بن لادن ويجب أن لايتم منعها في الولايات المتحدة بلد الحرية, رغم أن كل مافيها كان يقدح في أمريكا, لقد قرأت أغلبها بتعمق حينها وكنت معجبة بأفكار التحرر وتمنيت ذات يوم بأن إلتقي بسيد الحوثيين لكي أشرح له التنوع الحياتي في الولايات المتحدة, والنسيج الإجتماعي وأن كل مايحصل للبلدان الإسلامية مصدره حزب في أمريكا هو "الحزب الجمهوري" ولاعلاقة لباقي البشر في أمريكا بنظرية "الشيطان الأكبر" التي يطلقونها, عائق الحوثيين في وصول الماء لمناطق سيطرتهم في تعز لايعنيني وأتمنئ أن يتعاونوا معي قبل أن إستخدام خيارات لن تروق لهم ولا لغريفيث, مايعنيني حقآ هو أن ثمة وجه سيء ظهر جليآ في تشكيلات الأمم المتحدة في اليمن (زملائي), لايمكنني أن أتصور أن كل هذه المآسي الإنسانية تحصل في اليمن في ظل وجود تلك المخصصات العظيمة للمنظمات الإنسانية هناك ومع ذلك يشاهدون المجاعة تعصف باليمن دون أن يحركوا مقدراتهم, أما أتباع "الحوثي" فلا يذكرونني سوئ بأتباع (تيمورلنك) ذلك القائد المغولي الذي كان يدخل المدن ويمنع عنهم الماء حتئ يموتوا من العطش أو يستسلموا, فالتحالف العربي والذي لطالما حاربت نظرياتة في اليمن لم يطلب مني إعطاء سكان "الـقصيم" خزانات للمياة مقابل إدخال معونات إنسانية لمناطق سيطرة الشرعية في تعز, لماذا يريد أتباع "الحوثي" تشوية تلك الصورة الناصعة التي يصف بها الإيرانيون سيد خولان اليمن, وهل هاؤلاء المتسلطون في تلك اللجان يمثلون التوجة الحوثي في التعامل مع العالم, أم أنهم دخلاء ولايمثلون شيئآ ؟؟ أستطيع التصعيد والتاثير بسجل الحوثيين الحقوقي الدولي ولكن الرياء ليس من طباعي, لم أعد أعرف شيئآ عن طباعي فلقد تسببت تلك الطفلة التي رأيتهـا تبكي من العطش بثقب عميق في صدري غير قابل للترميم إطلاقآ ! ..