عام على اتفاق الرياض مع وقف التنفيذ

2020/11/04 الساعة 05:52 مساءً

 

عادل الشجاع 

من لقاءات منفردة وجماعية إلى حوارات علنية وسرية على مدار عام ، لم تفلح التفاهمات بين الشرعية والانتقالي في رأب الانقسام ، وفي كل مرة يتم التوصل إلى اتفاق ، وتنطلق التسريبات بما تحقق وقرب الإعلان عن تشكيل الحكومة ، سرعان ما تتكشف الحقيقة المرة عن خيبة أمل وفشل تطبيق ما يتفق عليه ، مع إصرار الانتقالي على التمسك بالبدء بالشق المدني وتأجيل الشق العسكري والأمني ، بما يوحي بالتخطيط لتكرار اتفاق السلم والشراكة مع الحوثيين قبل ست سنوات في صنعاء والذي بموجبه تم طرد الشرعية والاستحواذ على المؤسسات .

دخلت المملكة العربية السعودية بكل ثقلها لمحاولة نزع فتيل الصراع الذي بلغ ذروته باشتباكات مسلحة في عدن وانتهت بإعلان الانتقالي الحكم الذاتي ، واستضافت الطرفين إلى جدة ، ونجحت في إقناع الطرفين في التوقيع على اتفاقية جدة ، لكن صراعا دمويا انفجر بعد ذلك في أبين وشبوة ، حينما حاول الانتقالي السيطرة عليهما ، فتدخلت المملكة وطورت اتفاق جدة إلى اتفاق الرياض الذي اتخذ خطوات أساسية لاسيما تشكيل حكومة جديدة ، غير أن مماطلة الانتقالي واختلاف التفسيرات بين الجانبين حال دون التنفيذ .

يرى الرئيس هادي أن تمكين الحكومة من عملها يسبقه السيطرة الأمنية الكاملة ، بينما الانتقالي يصر على التمسك بسيطرته الأمنية على عدن ، ويرى مراقبون أن هذا التوجه تديره الإمارات بهدف تفكيك الشرعية وسحب القرار من الرئيس هادي لصالح الحكومة التي سيديرها الانتقالي بأعضائه المتواجدين على الأرض ، بينما وزراء الشرعية يتواجدون في الخارج ، أي أن الإمارات تخطط لانقلاب آخر داخل الانقلاب والإصرار على دخول الانتقالي المجاني إلى الحكومة .

تواجه المملكة العربية السعودية تحديات كبيرة في تنفيذ الاتفاق ، خاصة في ظل تدخل الإمارات الذي يشكل لها حرجا كبيرا ويقزم دورها ويسقط هيبتها ويظهرها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي على أنها غير قادرة في إنفاذ هذا الاتفاق ، لكن بعض المراقبين يذهبون إلى أن المملكة لا تريد حقيقة إنفاذ الاتفاق وهي تلعب دور المخدر الذي يخدر المريض في حين تلعب الإمارات دور الطبيب الذي يجري العملية الجراحية للمريض .

الخلاصة ، هناك عوامل كثيرة ، محلية وإقليمية أدت إلى فشل تنفيذ اتفاق الرياض ، أبرزها عدم توفر إرادة سياسية لدى أطراف الانقسام ، وأما إقليميا فتدخل الإمارات وبعض الدول في مجريات تشكيل الحكومة والإصرار على نزع القرار من الرئيس هادي أطال أمد الانقسام وأفشل تحقيق المصالحة ، فالإمارات لا تريد بقاء الشرعية لأنها تعيق مشروعها في احتلال الجزر والموانئ اليمنية وتسعى بكل جهدها لخلق فوضى مفتوحة تناسب حجم صغرها في ابتلاع بلد بحجم اليمن .

والسؤال الذي يطرح نفسه : ماذا لو أن الرئيس هادي نقل الانتقالي من السياسي إلى الاقتصادي وفتح أمامه أبواب الاستثمار الذي يخلق فرصا متساوية للجميع ؟ ، لا شك أن الإمارات ستسقط من معادلة الانتقالي وستصبح الإمارات دولة عدوان ، وستتخفف السعودية من عبئها وستدرك أن تحقيق مصالحها المشروعة في ظل دولة أضمن لها من تحقيقها بطريقة القرصنة ، وسيذهب الطرفان الشرعية والانتقالي إلى التوقيع على غد أفضل لليمنيين ، بعيدا عن التبعية المدمرة لدول حجمها أن تكون تابعة لليمن وليس متحكمة بقرارها .