جمال أنعم
——————————
كانوا قبيحين ، ودمامتهم بادية ولضمائرهم رائحة الموت والضغينة وكراهية القرون .
كانوا بادين رغم محاولات التجمل ،
وكنا المتعامين السذج والبلهاء الكبار ،
لم أصدم بهم .و لا أراهم جديرين بمشاعر المصدوم وكأن بشاعتهم طارئة وسلوك مباغت لم يكن في الحسبان ،
صدمت بي وبفطنتي واغتراري وبسوء تقديراتي لشخوص ومواقف وأطروحات ومزاعم وإدعاءات وطنية وسياسية وثقافية وانسانية .بدت مجرد أقنعة ،لمستذئبين .يعيشون في حالة تربص أبدية .
الطيبة قد تكون قاتلة
كل ماهنالك اننا كنا طيبين حد السفه والبلاهة متورطين في مجاملة الحثالات وتملق الحقارات
تعايشنا طويلا مع القماءة والشرور والخيانات الصارخة ومنحنا الجريمة ملاذات وأستارا ووسعنا لها داخل عقولنا وارواحنا واخترعنا لها الكثير من مبررات الحضور ومسوغات التصدر
نحن ضحايا خدر وتواطئات خاصة وعامة أسفرت عن انحطاط عام ظل مرعيا ومحتضنا بعناية من قبل الجميع في صور شتى بالطبع وتحت شعارات ونوايا تجاوزت حدها واحتوت ضدها ببلاهة
كان الشيطان يعمل بدأب تحت عباءات مختلفة وكان قبحه أكبر من أن يخفى وكنا أكثر غفلة و أقل انتباها واحتراسا . سارعنا لطرح الفطنة باكرا وقبل إختبارالنوايا.
تخلينا عن الكثير من إمكاناتنا الحامية .
صرنا أقل ارتيابا وتشككا ، اقل تثبتا وتحققا، أقل تحصنا ومنعة
وأكثرًتراخيا وفتورا في تفحص الوجوه والوجهات ، والتفتيش في الأقوال والأفعال ، لا نتوقف كثيرا ولا ندقق . يعنينا أن نبرهن مصداقيتنا في تقبل الآخر والإعتراف به والتعايش معه . والإيمان بحقوقه وحرياته ،حتى وصلنا الى هذا الحد من نكران حقنا في الحياة والوطن وحقنا في الحرية والكرامة واعتبارنا مجرد كائنات قابلة لكل اشكال الهدر والإستبعاد .
سيقال أثبتنا أنا أكثر إنسانية وصدقا وانفتاحا وتفوقنا اخلاقيا وبذلنا جهدا في استدعاء انسانيتهم في حين اخفقوا في الإرتقاء والتسامي والإرتفاع وفشلوا في الإنتصار على شرورهم وضغائنهم . واختاروا الارتكاس والسقوط ،
حسنا لكن ووفق منظور اكثر اتساعا ونفاذا للمآلات الكارثية تستطيع ادراك معنى أن ترعى القيمة وأن تحتضن الجريمة .
ماحدث كان تساهلا اخرقا مع الشر .
نجم عنه إسقاط للمعيارية وتخديرللحساسية
وتمرير للبشاعات ورضوخ عام لمنطق ذرائعي يسوغ الشيطان ، ويمنحه القبول التام ،
ثم ماذا؟ تكاثر الوباء واستمرت مناعة المجتمع في الضعف والعطب . انتعش الزيف وتعاظمت الخيانات، وانفلتت الغيلان الصاهلة والصارخة في كل اتجاه .واستوى الإنحطاط
انقلابا همجيّا أوردنا الجحيم .
هذا الذي دافعنا عن حريته طويلا وانتزعناه من السجن مرارا صار اكبر سجاني البلاد .لم نكن نبصر في عينيه أغلال القرون .
ولم يكن حرا بما يكفي كي يكون ابن وطن حر وشريك احرار .
هذا الذي كان يتحدث عن الوطن والمواطنة وعن الديمقراطية والتعددية والعدالة والمساواة، وكنا نؤمن بعده ونصغي اليه باهتمام ونخط تصريحاته بالبنط العريض .
هو من يتزعم الآن المسيرة الانقلابية ويحارب بوحشية مطالبا بحقه في الملك بحنين سلالي لعين مسكون بأمراض الحقب وادواء العصور.
نحن ندفع ثمن عمر من الغفلة وتبادل السخريات والإنخراط في تعاقدات مغشوشة اسهمت في مكاثرة الهمج وتنمية الخونة والسفاحين .
الغريب اليوم أن تقترح التسويات المطروحة تناسي كل الفظاعات التى اقترفها حلف الإنقلاب وتجاوز بشاعات الحرب وهذي المدن المدمرة والمقابر الممتدة والجراحات المفتوحة وكل هذا الخراب الذي حاق باليمن والبحث عن الحكمة اليمانية تحت الأنقاض وفي الدروب المسكونة بالموت واعادة انعاش روح السلام المقصوفة والدخول في تسوية مع الفجور المدجج
تسوية بدوافع ارضائية ندرك يقينا أنها لا يمكن أن تعيد الدولة عبر مطار صنعاء مع اول الرحلات .
الواقع على الأرض يهزم تطلعات الجميع لسلام حقيقي شامل وعادل يضمن العودة الى الجمهورية اليمنية
لا الى المجهول .